الامالي لشيخ الطائفة ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي 385 - 460 ه تحقيق قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة للطباعة والنشر والتوزيع دار الثقافة
[ 4 ]
الامالي
[ 6 ]
هوية الكتاب اسم الكتاب: الامالي المؤلف: شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (رحمه الله) الطبعة الاولى: 1414 ه الكمية: 2000 نسخة تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة نشر: دار الثقافة - قم العنوان. قم - شارع ارم - سوق القدس - الطابق الثالث / رقم 133 هاتف - 37790.
[ 7 ]
تقديم الشيخ الطوسي.... واحد من الافذاذ الذين نقشوا أسماءهم على ناصية التاريخ بماء الذهب... العلم الذي تزعم عصره علما وتقوى وشهرة... شيخ الطائفة (رحمه الله)، ذو الاثر الكبير على الثقافة الاسلامية... فقد رفد المكتبة الاسلامية بمختلف أنواع العلوم وفروعها... سالكا في كل ما كتبه في التفسير والحد يث والرجال والكلام والفقه والاصول والادعية والامالي، الطرق العلمية الصحيحة والمنهجية الرائعة التي ظلت على طول العصور مهوى أفئدة طلاب العلم ومريديه، وبقي بعضها إلى اليوم مناهج نيرة تدرس في جامعات العلم وحوزاته. وبالنظر للاهميه القصوى لتراث هذا العالم الفذ، فقد ارتأينا طبع كتابه (الامالي) طبعة جديدة، سعينا فيها - قدر المستطاع - إلى تخليص الكتاب مما الحق به من تصحيف وتحريف في طبعته الاولى (مطبعة النعمان - النجف الاشرف. سنة 1384 ه - 1964 م) ليكون أكثر فائدة لمريدي هذا الكتاب، وبشكل يناسب مقام مؤلفه (رحمة الله). وقد أوكلنا مهمة تحقيقه إلى قسم الدراسات الاسلامية في مؤسسة البعثة، فتولى ذلك الاخوة العاملون في القسم مشكورين، معتمدين في التحقيق على نسخة مخطوطة نفيسة يعود تاريخ نسخها إلى سنة 580 ه، وعلى النسخة المطبوعة على الحجر في إيران سنة 1313 ه، فجاء الكتاب بطبعته الجديدة منقحا، قد شرح غريبه، وخرجت آياته، ورقمت مجالسه وأحاديثه، مع إلحاق عدة فهارس تكشف عن
[ 8 ]
مضامينه المختلفة. وأخيرا نقدم وافر امتناننا مع خالص دعائنا لسماحة العلامة السيد عبد العزيز
الطباطبائي، وسماحة العلامة السيد موسى الزنجاني، لتفضلهما بالمراجعة النهائية للكتاب، وتسجيل ملاحظاتهما القيمة عليه، وفق الله العاملين على إحياء التراث الاسلامي المجيد وسدد خطاهم. دار الثقافة قم - في 1 جمادى الاولى 1414 ه
[ 9 ]
حياة الشيخ الطوسي (1) ولد الشيخ الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي، في شهر رمضان عام 385 ه، في طوس - على الارجح - وبها نشأ، وكانت طوس إحدى مراكز العلم المهمة في خراسان، ذلك الاقليم الواسع الذي أنجب كثيرا من المفكرين، وينسب إليه خلق كثير من العلماء في كل فن، ومن المحتمل أن الشيخ الطوسي درس فيه علوم اللغة والادب والفقه وأصوله والحديث وعلم الكلام، ولما بلغ الثالثة والعشرين من عمره عام 408 ه هاجر إلى بغداد، وكانت في ذلك الوقت ملتقى رجال العلم والفكر والادب، وكانت تدرس في معاهدها مختلف العلوم العقلية والنقلية، وكانت الزعامة الفكرية للشيعة الامامية فيها للشيخ المفيد (338 - 413 ه) ذلك العالم الذي قطع شوطا بعيدا في ميدان العلوم، وكان مجلسه عامرا بنخبة صالحة من المثقفين وذوي النظر، فكان يحضره خلق كثير من العلماء من سائر الطوائف، وقد تتلمذ الشريف المرتضى على الشيخ المفيد في المناظرة، وكان له كاستاذه، مجلس يناظر عنده في كل المذاهب، فكان الجو الفكري المشبع بالاصالة والابداع من أهم الاسباب التي حملت الشيخ الطوسي على الهجرة إلى بغداد، هذا وكانت الرحلة في طلب العلم أمرا شائعا في تلك العصور، مضافا إلى توفر المكتبات الكبرى التي يرجع
(1) اقتبسنا هذه المقدمة - بتصرف - من رسالة الماجستير الموسومة به (الشيخ الطوسي) للاستاذ حسن عيسى
الحكيم، مطبعة - الاداب، النجف الاشرف، الطبعة الاولى، سنة 1395 ه - 1975 م.
[ 10 ]
إليها الطلاب للافادة منها، واشتهرت ببغداد مكتبتان عظيمتان، الاولى مكتبة سابور ابن أردشير الوزير البويهي التي تأسست عام 381 ه، أو عام 383 ه، وكانت ملتقى رجال الفكر والادب، ومنتدى العلماء والباحثين والمناظرين، يشدون إليها الرجال، والثانية مكتبة الشريف المرتضى، وقد كان بها ثمانون ألف مجلد. وقد تتلمذ الشيخ الطوسي في بغداد على الشيخ المفيد، الذي كان يومذاك شيخ متكلمي الامامية وفقهائها، انتهت رياستهم إليه في وقته في العلم، مدة خمس سنوات، وكان مما درسه الاصول والكلام، وشرع في تأليف كتاب (تهذيب الاحكام) شرح فيه كتاب (المقنعة) لاستاذه الشيخ المفيد، وتتلمذ الشيخ الطوسي خلال تلك الفترة على الحسين بن عبيدالله الغضائري، المتوفى عام 411 ه، ومحمد بن أحمد بن أبي الفوارس المتوفى بعد سنة 411 ه، وغير هؤلاء من شيوخ عصره. وبعد وفاة الشيخ المفيد عام 413 ه، انتقلت زعامة الامامية إلى الشريف المرتضى (413 - 436 ه) الذي كان من أبرز تلامذة الشيخ المفيد، وقد تلمذ الشيح الطوسي للسيد المرتضى، وألف كتاب (تلخيص الشافي) خلال تلمذته له، وهو كتاب حاول به تبسيط المسائل التي وردت في كتاب (الشافي) لاستاذه الشريف المرتضي، وألف الشيخ الطوسي في حياة أستاذه الشريف المرتضى كتاب (الرجال) و (الفهرست)، وقد دامت مدة تلمذة الشيخ الطوسي على الشريف المرتضى ثلاثة وعشرين عاما، كما تلمذ خلال هذه الفترة على شيوخ آخرين، منهم: هلال بن محمد بن جعفر الحفار، المتوفى عام 414 ه، ومحمد بن محمد بن محمد بن مخلد، المتوفى عام 419 ه، وأحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر المتوفى عام 423 ه، ومحمد بن أحمد بن شاذان المتوفى نحو سنة 425 ه.
وبعد وفاة السيد المرتضى عام 436 ه، تفرغ الشيخ الطوسي للتدريس والتعليم، وانشغل بالامور التي تخص الزعامة الدينية للامامية، واستمرت زعامته في بغداد مدة اثنتي عشرة سنة (436 - 448 ه) وكان يتمتع بالمكانة التي كان يتمتع بها أستاذاه المفيد والمرتضى، فأصبح الطوسي شيخ الطائفة وعمدتها والامام المعظم
[ 11 ]
عند الشيعة الامامية، وتقاطر عليه العلماء لحضور مجلسه حتى عد تلاميذه أكثر من ثلاثمائة من مختلف المذاهب الاسلامية، وقد منحه الخليفة العباسي القائم بأمر الله (422 - 467 ه) كرسي الكلام، وكان هذا الكرسن لا يعطى إلا للقليلين من كبار العلماء، ولرئيس علماء الوقت، والظاهر أن تقدير الخليفة العباسي للشيخ الطوسي أثار عليه حسد بعضهم فسعوا به لدى الخليفة القائم، واتهموه بأنه تناول الصحابة بما لا يليق بهم، وكان الشيخ المفيد أستاذ الشيخ الطوسي، واحدا من أولئك الذين لففت حولهم مثل هذه التهمة، وكانت بغداد مسرحا لامثال هذه الفتن، وقد وجدت طريقها عام 447 ه عند دخول السلاجقة، واشتد عنفها عام 448 ه، فقد بلغت الفتن فيها ذروتها من العنف والقتل والاحراق، ولم يسلم الشيخ الطوسي من غوائلها، فقد كبست داره ونهبت وأحرقت، كما وأحرقت كتبه وآثاره ودفاتره مرات عديدة، وبمحضر من الناس، كما وأحرق كرسى التدريس الذي منحه الخليفة القائم له، ونهبت أثاثه كذلك، وقتل أبو عبد الله الجلاب على باب داره وهو من كبار علماء الشيعة، وكانت الدولة العباسية آنذاك في ضعف وتدهور، حيث فقدت هيبتها وسلطانها على النفوس، وأصبحت عاجزة عن إقرار النظام، مما جعل بعض السلفيين المتشددين الذين كانوا يفيدون من الخلاف والفرقة بين عناصر المجتمع، واذاهم ما لمسوه من تقارب نسبي بين الطوائف المسلمة، فجندوا أنفسهم لتعكير صفو الامن، وأظهروا كل ما تكنه نفوسهم من تعصب ضد خصومهم في المذهب، فاعتدوا على رجال العلم، وعرضوا
قسما مهما من التراث الاسلامي إلى الضياع، بإحراقهم المعاهد ودور العلم. وقد ألف الشيخ الطوسي في أثناء زعامته المطلقة للمذهب الامامي كتاب (العدة) في أصول الفقه، و (المقدمة إلى علم الكلام) و (مصباح المتهجد) و (المبسوط) و (النهاية) في الفقه، و (مسائل الخلاف) في الفقه المقارن وهاجر الشيخ الطوسي إلى النجف الاشرف سنة 448 ه، بعد فراره من بغداد أثناء الفتنة ا لتي عصفت بها عند دخول السلاجقة، وبقي فيها حتى وفاته سنة 460 ه، واستمرت أسرته فيها من بعده، ولا يزال بيته قائما فيها حتى الوقت الحاضر، بيد أ نه
[ 12 ]
حول إلى مسجد، ويعرف اليوم بمسجد الشيخ الطوسي، وقد غدت مدينة النجف بعد فترة قصيرة من وصول الشيخ الطوسي إليها، حاضرة العلم والفكر، وأخذ الناس يهاجرون إليها من مختلف المناطق، وباشر الشيخ الطوسي بعد إقامته بها بالتدرس، فكان يملي دروسه على تلاميذه بانتظام، وما كتاب (الامالي) إلا محاضرات ألقاها هناك، وألف أيضا كتاب (اختيار الرجال) و (شرح الشرح) واستمر في تدريسه وإلقاء محاضراته حتى أواخر حياته. شيوخه وهم الذين تدور روايته عليهم في كتبه، وهم إما شيوخ إجازة أو سماع أو قراءة، أو ممن ذكرهم أرباب التراجم والرجال، وهم: 1 - أحمد بن إبراهيم القزويني، المتوفى بعد سنة 408 ه. 2 - أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز، المعروف بابن الحاشر، ويعرف أيضا بابن عبدون، المتوفى سنة 423 ه. 3 - أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي الاسدي، المكنى بأبي العباس أو بأبي الحسين، المتوفى سنة 450 ه.
4 - أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت الاهوازي، وتعرف بابن أبي الصلت أيضا، ويكنى بأبي الحسن، المتوفى سنة 409 ه. 5 - جعفر بن الحسين بن حسكة القمي، يكنى بأبي الحسين. 6 - أبو حازم النيشابوري. 7 - أبو الحسن الصقال، أو ابن الصقال. 8 - الحسن بن القاسم المحمدي، ويكنى بأبي محمد، ويلقب بالشريف والنقيب والعلوي والمحمدي، المتوفى بعد سنة 5410. 9 - الحسن بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أشناس البزار، وقيل. البزاز، المعروف بابن أشناس، وابن الحمامي، ويكنى بأبى علي، المتوفى سنة 439 ه.
[ 13 ]
10 - الحسن بن محمد بن يحيى الفحام، أو ابن الفحام، ويكنى بأبي محمد ويلفب بالسرمن را ئي أو السا مري، المتوفى سنة 408 ه. 11 - حسنبش المقرئ، ويكنى بأبي الحسين، المتوفى بعد سنة 408 ه. 12 - الحسين بن إبراهيم القزويني، ويكنى بأبي عبد الله، المتوفى بعد سنة 408 ه 13 - الحسين بن إبراهيم القمي، ويكنى بأبي عبد الله، ويعرف بابن الخياط، أو ابن الحناط. 14 - الحسين بن عبيدالله بن إبراهيم الغضائري، ويكنى بأبي عبد الله، وينعت بالعطاردي، وبشيخ الطائفة، المتوفى سنة 411 ه. 15 - الحسين بن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، المتوفى بعد سنة 408 ه.
16 - أبو الحسين بن سوار المغربي. 17 - حمويه بن علي بن حمويه البصري، يكنى بأبي عبد الله. 18 - أبو طالب بن غرور. 19 - أبو الطيب الطبري الحويري القاضى، المتوفى بعد سنة 408 ه. 20 - أبو عبد الله أخو سروة. 21 - أبو عبد الله بن الفارسي، وقيل: أبو عبد الله الفارسي. 22 - عبد الحميد بن محمد المقرئ النيسابوري، ويكنى بأبي محمد. 23 - عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، ويكنى بأبي عمرو، ويلقب بالفارسي وبابن خشنام، المتوفى سنة 410 ه. 24 - علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقري، المعروف بابن الحمامي، ويكنى بأبي الحسن، المتوفى سنة 417 ه. 25 - علي بن أحمد بن محمد بن أبي جيد القمي، ويكنى بأبي الحسين، ويلقب بالاشعري، المتوفى بعد سنة 408 ه.
[ 14 ]
26 - علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى، الشريف المرتضى، ويكنى بأبي القاسم، ويلقب بالمرتضى وعلم الهدى وذي المجدين والامام الاعظم شيخ الاسلام، المتوفى سنة 436 ه. 27 - علي بن شبل بن أسد الوكيل، ويكنى بأبي القاسم، ويلقب بالوكيل، المتوفى بعد سنة 410 ه. 28 - علي بن أبي علي المحسن بن علي التنوخي، ويكنى بأبي القاسم، ويعرف بالقاضي والمقرئ والبغدادي، المتوفى سنة 447 ه. 29 - علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل، ويكنى بأبي الحسين،
ويعرف بابن بشران المعدل، المتوفى سنة 415 ه. 30 - محمد بن أحمد بن شاذان، يكنى بأبي الحسن، وقيل: بأبي علي، ويعرف بالبغدادي وبالقمي، المتوفى نحو سنة 425 ه. 31 - محمد بن أحمد بن أبي الفوارس، ويكنى بأبي الفتح، ويعرف بالحافظ، المتوفى سنة 412 ه. 32 - محمد بن علي بن خشيش، ويكنى بأبي الحسين. 33 - محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، ويكنى بأبي الحسن، المتوفى سنة 419 ه 34 - محمد بن محمد بن النعمان، ويكنى بأبي عبد الله، ويلقب بالمفيد، وبابن المعلم، والبغداد ي والكرخي والعكبري والعربي والحارثي، المتوفى سنة 413 ه 35 - محمد بن سليمان الحمراني، وقيل: الحمداني، أو الحراني، ويكنى بأبي زكريا. 36 - محمد بن سنان. 37 - أبو منصور السكري. 38 - هلال بن محمد بن جعفر الحفار، ويكنى بأبي الفتح، المتوفى سنة 414 ه.
[ 15 ]
تلاميذ ه تقلد الشيخ الطوسي الزعامة المطلقة للامامية قرابة ربع قرن من الزمن (436 - 46 0 ه)، وتزعم حوزة علمية كبيرة، تجاوز تلاميذه فيها ثلاثمائة من مختلف المذاهب الاسلامية، ولكن لم نعثر على أسمائهم جميعا، بل توصلنا إلى معرفة بعضهم، وهم:
1 - آدم بن يونس بن أبي المهاجر النسفي. 2 - أحمد بن الحسين بن أحمد النيسابوري، يكنى بأبي بكر. المتوفى نحو سنة 480 ه 3 - إسحاق بن محمد بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمي، ويكنى بأبي طالب. 4 - إسماعيل بن محمد بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمي، ويكنى بأبي إبراهيم، المتوفى سنة 500 ه. 5 - بركة بن محمد بن بركة الاسدي، ويكنى بأبي الخير. 6 - تقي بن نجم الحلبي، ويكنى بأبي الصلاح، المتوفى سنة 447 ه. 7 - جعفر بن علي بن جعفر الحسيني، ويكنى بأبي إبراهيم، أو بأبي الحسن. 8 - الحسن بن الحسين بن بابويه القمي، ويدعى حسكا، ويكنى بأبي محمد، ويلقب شمس الاسلام، المتوفى سنة 5512 ه. 9 - الحسن بن عبد العزيز بن الحسن الجبهاني، ويكنى بأبي محمد، ويعرف بالمعدل والعدل. 10 - أبو الحسن اللؤلؤي. 11 - الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي، يكنى بأبي علي، ويلقب بالمفيد، أو المفيد الثاني، المتوفى نحو سنة 511 ه. 12 - الحسن بن مهدي السليقي، ويكنى بأبي طالب، وينعت بالعلوي والحسني والحسيني.
[ 16 ]
13 - الحسين بن الفتح الواعظ البكر آبادي الجرجاني. 14 - الحسين بن المظفر بن علي الهمداني، وقيل: الهمداني، ويكنى بأبي
عبد الله، ويعرف بالقزويني المتوفى سنة 460 ه. 15 - السيد ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسيني المروزي، ويكنى بأبي الصمصام، ويلقب بعماد الدين. 16 - زيد بن علي بن الحسين الحسيني، وقيل: الحسني، وبكنى بأبي محمد. 17 - زين بن الداعي الحسينى. 18 - سليمان بن الحسن بن سلمان الصهرشتي، ويكنى بأبى الحسن، ويلفب بنظام الدين. 19 - شهرآ شوب المازندراني السروي. 20 - صاعد بن ربيعة بن أبي غانم. 21 - عبد الجبار بن علي النيسابوري المقرئ، ويلقب بالمفيد، المتوفى سنة 506 ه 22 - عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي، ويكنى بأبي محمد، أو بأبي عبد الله " ويلقب بالمفيد. 23 - عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج، ويكنى بأبي القاسم، المتوفى سنة 5481 ه. 24 - عبيدالله بن الحسين بن بابويه القمي، ويكنى بأبي القاسم، ويلفب بموفق الدين، المتوفى سنة 442 ه. 25 - علي بن عبد الصمد التميمي السبزواري النيسابوري، ويكنى بأبي الحسن. 26 - غازي بن أحمد بن أبي منصور الساماني " ويلقب بالكوفي. 27 - كردي بن عكبر بن كردي الفارسي، ويلفب بالحلبي. 28 - محمد بن أحمد بن شهريار الخازن للحضرة الحيدرية.
[ 17 ]
29 - أبو محمد بن الحسن بن عبد الواحد العين زربي، وقيل: ابن عين زربي أو ابن زربي. 30 - محمد بن الحسن بن علي الفتال الفارسي النيسابوري، المتوفى سنة 508 ه 31 - محمد بن عبد القادر بن محمد أبو الصلت. 32 - محمد بن أبي القاسم الطبري الاملي الكجي، ويكنى بأبي جعفر، المتوفى نحو سنة 5525. 33 - محمد بن علي بن الحسن الحلبي، ويكنى بأبي جعفر. 34 - محمد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي، ويكنى بأبي جعفر، ويلقب بعماد الدين. 35 - محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، ويكنى بأبي الفتح، ويلقب بالخيمي والكرخي. 36 - محمد بن هبة الله بن جعفر الوراق الطرابلسي، ويكنى بأبي عبد الله. 37 - المطهر بن أبي القاسم علي بن أبي الفضل محمد بن الحسيني الديباجي، ويكنى بأبي الحسن، ويلقب بالمرتضى ذي الفخرين. 38 - المنتهي بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الجرجاني الكخي، المكنى بأبي الفضل. 39 - منصور بن الحسين الابي، ويكنى بأبي سعد أو بأبي سعيد، المتوفى نحو سنة 422 ه. 40 - ناصر بن عبد الرضا بن محمد بن عبد الله العلوي الحسيني، ويكنى بأبي إ براهيم.
[ 18 ]
مؤلفا ته يمكن تقسيم مؤلفات الشيخ الطوسي من حيث تنوع موضوعاتها إلى العلوم الاسلامية التالية: 1 - التفسير وعلوم القران، وله فيه: أ: التبيان. ب: المسائل الرجبية. ج: المسائل الدمشقية. 2 - الحديث، وله فيه: أ: تهذيب الاحكام. ب: الاستبصار فيما اختلف من الاخبار. 3 - الرجال، وله فيها: أ: الفهرست. ب: الرجال. ج: اختيار الرجال. 4 - علم الكلام والامامة، وله فيه: أ. تلخيص الشافي. ب: الغيبة. ج: المفصح في الامامة. د: الاقتصاد فيما يجب على العباد. ه: النقض على ابن شاذان في مسألة الغار. و. مقدمة في المدخل إلى علم الكلام.
ز. رياضة العقول، في شرح المدخل المتقدم. ح: ما يعلل وما لا يعلل. ط: أصول العقائد.
[ 19 ]
ي: المسائل في الفرق بين النبي والامام. ك: المسائل الرازية في الوعيد. ل: ما لا يسع المكلف الاخلال به. م: تمهيد الاصول، في شرح كتاب السيد المرتضى (جمل العلم والعمل). ن: الكافي، في علم الكلام. س: تعليق ما لا يسع. ع: مسألة في الحسن والقبح. ف: ثلاثون مسألة كلامية. ص: اصطلاحات المتكلمين. ق: الاستيفاء في الامامة. 5 - علم الفقه والفقه المقارن، وله فيه: أ: النهابة. ب: المبسوط في الفقه. ج: الايجاز في الفرائض. د. الجمل والعقود. ه: المسائل الجنبلائية. و: المسائل الحائرية. ز: المسائل الحلبية.
ح: مسألة في تحريم الفقاع. ط: الخلاف. 6 - علم الاصول، وله فيه: أ: العمدة في أصول الفقه. ب: شرح الشرح. ج: مسألة في العمل بخبر الواحد.
[ 20 ]
7 - الادعية والعبادات، وله فيها: أ: مصباح المتهجد. ب: مختصر المصباح. ب: هداية المسترشد وبصيرة المتعبد. د: مختصر عمل يوم وليلة. 5: مناسك الحج. 8 - الامالي وكتب متفرقه. ا: المجالس في الاخبار أو (الامالي). ب: مقتل الحسين (عليه السلام) أو (مختصر في مقتل الحسين (عليه السلام). ج: مختصر أخبار المختار بن أبي عبيدة الثقفي. د: مسألة في وجوب الجزية على اليهود والمنتمين إلى الجبابرة. ه: أنس الوحيد. و: المسائل الالياسية، في فنون مختلفة. ز. مسائل ابن البراج. ح: المسائل القمية.
ط: مسألة في الاحوال.
[ 21 ]
التعريف بكتاب (الامالي) للشيعة الامامية كتب عدة في الامالي، وهي عبارة عن محاضرات يمليها الشيخ على تلاميذه في مجلس، أو في مجالس، وفي أيام معينة، أو في مواسم خاصة عن ظهر قلبه أو عن كتابه، أو الغالب عليها ترتيبه على مجالس السماع، ولذا يطلق عليها المجالس أو عرض المجالس أيضا. ويبدو أن للطلبة دورا على حفظ هذا النوع من الدروس وروايتها وتدوينها، ويقول الدكتور معروف: " إن الامالي أعلى مراتب التعليم، وكيفيتها أن يملي العالم في مجلس أو عدة مجالس تعقد له في ا لجامع أوالمدرسة على طلبة العلم ما توصل إليه في بحوثه وتحرياته فتكتب عنه ". وكتاب (الامالي) أو (المجالس) للشيخ الطوسي عبارة عن مجالس عقدت في مشهد الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في النجف الاشرف، وهي تعطي دلالة على انتظام الوضع الدراسي، وإعادة الحركة العلمية من جديد في النجف، بعد النكسة التي أصابتها في حوادث بغداد عام 448 ه. ومما يبدو أن الشيخ الطوسي قد أملى على طلابه في النجف، وكان من ضمنهم ولده أبو علي الذي قام هو بدوره في إملائها على تلاميذه فيما بعد، فرويت عن مؤلفها بواسطته، ولا يمنع ذلك أن يوجد من شارك أبا علي في السما ع من أبيه الشيخ الطوسي تلك الامالي، إلا أن الذي حدث بها
[ 22 ]
عن المؤلف هو ولده أبو علي فحسب، مما جعل بعض الباحثين يعتقد نسبة هذه الامالي للشيخ أبي علي الطوسي، ويقول الامين: " إن الامالي المتداول هو للشيخ الطوسي لا لولده، فإن كان يوجد أمال أخرى لولده كما يد عيه صاحب (البحار) فذاك،
وإلا فهذا المتداول لا علاقة للمترجم - يعني أبا علي الطوسي - به إلا أنه يرويه عن أبيه،. وقد ذكر الشيخ الطوسي كتابه هذا في الفهرست قائلا: " وله كتاب المجالس في ا لاخبا ر ". إن أمالي الشيخ الطوسي على قسمين: الاول منه يشتمل على ثمانية عثر مجلسا، تبتدئ جميعها بالشيخ أبي علي الطوسي، وهي مؤرخة بالشهر والسنة، عدا المجلس الرابع، والثالث عشر، والثامن عشر، والمجالس الثمانية عشر هذه لم يذكر فيها الشيخ الطوسي أيام الاملاء من الاسبوع، دائما يكتفي بذكر الشهر والسنة، عدا المجلس الخامس الذي أملاه في يوم الخميس السادس والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وخمسين وأربع مائة. ومن الملاحظ في هذه المجالس، أن المجلس السادس أملاه في ذي القعدة من سنة 455 ه، في حين أن المجلس الخامس الذي سبقه قد أملاه سنة 457 ه، ولعل هذا ناتج عن وقوع السهو في التاريخ من قبل النساخ، بدليل أن المجلس السابع أملاه في المحرم من سنة 456 ه، والمجالس التالية تأخذ بالتعاقب الزمني. أما القسم الثاني من الامالي، فهو مرتب على المجالس، وقد ابتدأ المجلس الاول في يوم الجمعة المصادف لليوم الرابع من المحرم من سنة 457 ه، وهكذا تستمر بقية المجالس بالانعقاد في أيام الجمع، وهو شئ يمكن ملاحظته في هذه الامالي، وهو طابع الاستمرارية في الاملاء وتعيين يوم الجمعة موعدا للاملاء، ويختم الشيخ الطوسي أماليه بمجلس أطلق عليه مجلس يوم التروية من سنة 458 ه، وتبلغ عدد مجالس القسم الثاني من " الامالي " سبعة وعشرين مجلسا، يؤرخ فيها اليوم والشهر والسنة. وقد استغرق إملاء كتاب " الامالي " بقسميه " المجالس الثمانية عشر "
[ 23 ]
و " المجالس الثمانية والعشرين " مدة ثلاث سنوات، لا نه أملى المجلس الاول من القسم الاول في شهر ربيع الاول من سنة 455 ه، وختم المجلس السابع والعشرين من القسم الثاني في يوم الجمعة السادس من صفر سنة 458 ه، على أن النسخة المخطوطة تخلو من ذكر هذه التواريخ، لا نها تبدأ بمشايخ أبي جعفر الطوسي، وتبلغ مجموع أمالي القسمين ستة وأربعين مجلسا. ويذكر الطهراني عن السيد ابن طاوس " بأن الشيخ الطوسي أملى تمام السبعة والعشرين (1) مجلسا على ولده الشيخ أبي على وكلها بخط الشيخ حسين بن رطبة وغيره... إلا أن الثمانية عشر مجلسا منها ظهرت للناس أولا برواية الشيخ أبي علي لها عن والده، وصدرت تلك المجالس باسم الشيخ أبي علي، والبقية إلى تمام السبعة والعشرين مجلسا رواها أيضا الشيخ أبو علي للناس بعد الاولى بعين ما أملاه والده عليه في مجالس كل يوم ". وقد أثبتنا أسانيد هذا الكتاب وفقا للنسخة المخطوطة سنة 580 ه، وجميعها تبدأ بمشايخ المصنف، ولم يرد ذكر لولد المصنف الشيخ أبي علي فيها، وتبدأ النسخة من أول الكتاب إلى آخر المجلس الثامن عشر، وجاء في آخر النسخة " تم كتاب الامالي نسخا، وهو ثمانية عشر جزءا، أول يوم الجمعه لثلاث عشر مضين من شهر شوال من سنة ثمانين وخمس مائة،. أما المجالس المتبقية من الكتاب، من المجلس التاسع عشر إلى المجلس السادس والاربعين، فهي برواية ولد المصنف الشيخ أبي علي الحسن بن محمد الطوسي عن والده، وفي بعض نسخ الكتاب المتأخرة روى الشيخ أبو علي الطوسي عن والده المجالس الثمانية عشر الاولى أيضا، مثبتا فيها تاريخ الرواية عن أبيه على ما تقدم آنفا. تضم " أمالي الشيخ الطوسي " طائفة من الاحاديث النبوية الشريفة، وجانبا من
(1) كذا، والصحيح (28) كما تقدم آنفا.
[ 24 ]
السيرة المحمد ية، وروا يا ت عن ا لائمة (عليهم السلام)، وأد عية ماثورة، وقد حظي التا ريخ فيها مجالا واسعا، حيث تناول الشيخ الطوسي بعض حوادثه بالتفصيل، كهجرة المسلمين إلى الحبشة، ويوم خيبر، ويوم مؤتة، والخلافة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومقتل الامام الحسين (عليه السلام)، كما وتناول بعض الحركات السياسية في التاريخ الاسلامي كثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وغيرها. وكانت مصادره في ذلك بعض شيوخه، كالشيخ المفيد، وابن عبد ون، وابن الصلت ا لاهوازي، وهلال الحفار، وأبي منصور السكري، والحسن بن محمد الفحام، وابن أبي الفوارس، والحسين بن إبراهيم القزويني، وابن خشيش، وأبي الطيب الطبري، وا بن بشران، وابن مخلد، وابن مهد ي، وا بن الحمامي، وا بن شاذان، وابن حمويه، وابن شبل، والجرجاني، والصقال، وا لغضا ئري.
[ 25 ]
منهج التحقيق يمكن إجمال عملنا في الكتاب بالنقاط التالية: ا - معارضة المطبوع في النجف الاشرف بالنسخة المخطوطة وبالمطبوعة على الحجر. 2 - معارضة المطبوع من المجلس التاسع عشر إلى آخر الكتاب بنقول العلامة المجلسي في بحار الانوار من كتاب الامالي، وذلك لكثرة التصحيف والتحريف والسقط في هذه المجالس في المطبوعة والحجرية. 3 - تقويم النص بتخليصه من التصحيف والسقط، وشرح غريبه، وضبط الايات القرآنية وتخريجها، وقد أثبتنا ما هو صحيح من مجموع النسخ، ولم نشر
إلى اختلاف النسخ إلا نادرا، لان أغلب الاختلاف هو من قبيل التصحيف الذي لا تترتب عليه أدنى فائدة للقارئ. 4 - ترقيم المجالس والاحاديث في كل مجلس. 5 - الاحالة إلى الاحاديث المتحدة في اللفظ أو المتشابهة. 6 - إلحاق فهارس للايات القرانية، والحديث والاثر، والقوافي الشعرية
[ 26 ]
النسخ المعتمدة ا - النسخة المخطوطة سنة 580 ه، وقد وقع الفراغ من نسخها أول يوم الجمعه لثلاثة عشر يوما مضت من شهر شوال من السنة المذكورة، بخط السديد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هلال الكاتب، وهي نسخة قيمة، تبدأ أسانيدها بشيوخ المصنف، وتتضمن ثمانية عشر مجلسا، حيث تبدأ من أول الكتاب إلى آخر المجلس الثامن عشر. 2 - المطبوعة على الحجر في إيران سنة 313 ه، تبدأ من أول الكتاب إلى آخره، وتبدأ أسانيدها بولد المصنف الشيخ أبي علي الحسن بن محمد الطوسي. 3 - طبعة مطبعة النعمان في النجف الاشرف سنة 1381 ه - 1964 م، وهي كثيرة التصحيف والسقط، وتشترك في ذلك بالمطبوعة الحجرية المذكورة أعلاه، وكأنها طبعت عليها. شكر وتقدير يتقدم قسم الدراسات الاسلامية بوافر الشكر ومزيد الامتنان للاخوة المساهمين في إنجاز تحقيق كتاب الامالي لشيخ الطائفة (رحمه الله)، وإخراجه بشكل يناسب مقام مؤلفه (رحمه لله)، ويكون أكثر فائدة لمريدي هذا الكتاب، ونخص بالذكر منهم: الاخ علي الكعبي، والسيد إسماعيل الموسوي، والاخ زهير جواد، والسيد
عبد الحميد الرضوي، والاخ عبد الله الخزاعي، والاخ عصام البدري. وفق الله العاملين على إحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام) وسدد خطاهم. قسم الدرسات الاسلامية - مؤسسة البعثة
[ 27 ]
صورة الصفحة الاولى من النسخة المخطوطة سنة 580 ه
[ 28 ]
صورة الصفحة الاخيرة من النسخة المخطوطة سنة 580 ه
[ 29 ]
صورة الصفحة الاولى من النسخة المطبوعة علي الحجر
[ 30 ]
صورة الصفحة الاخيرة من النسخة المطبوعة علي الحجر
[ 1 ]
الامالي لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي 385 - 460 ه تحقيق قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة للطباعة والنشر والتوزيع دار الثقافة
[ 3 ]
(1)
المجلس الاول فيه أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، رواية أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عنه. بسم الله الرحمن الرحيم 1 / 1 - أملى علينا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا علي بن حفص المدائني، قال: أخبرنا إبراهيم بن الحارث، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله، قسوة القلب، إن أبعد الناس من الله القلب القاسي. 2 / 2 - قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا علي بن ماهان، قال: حدثنا عمي، قال: حذئنا محمد بن عمر، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن مكحول، قال: لما كان يوم خيبر خرج رجل من اليهود يقال له مرحب، وكان طويل القامة عظيم الهامة، وكانت اليهود تقدمه لشجاعته ويساره. قال: فخرج في ذلك اليوم إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما واقفه قرن (1) إلا قال: أنا مرحب، ثم حمل عليه فلم يثبت له. قال:
(1) القرن: المثل في الشجاعة.
[ 4 ]
وكانت له ظئر (1)، وكانت كاهنة، وكانت تعجب بشبابه وعظم خلقته، وكانت تقول له: قاتل كل من قاتلك وغالب كل من غالبك إلا من تسمى عليك بحيدرة، فإنك إن وقفت له هلكت. قال: فلما كثر مناوشته، وبعل الناس بمقامه (2) شكوا ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وسألوه أن يخرج إليه عليا (عليه السلام)، فدعا النبي (صلى الله عليه وآله)
عليا (عليه السلام)، وقال له: يا علي اكفني مرحبا، فخرج إليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلما بصر به مرحب أسرع إليه فلم يره يعبأ به، فأنكر ذلك وأحجم عنه، ثم أقدم وهو يقول: أنا الذي سمتني أمي مرحبا فأقبل علي (عليه السلام) بالسيف، وهو يقول: أنا الذي سمتني أمي حيدره فلما سمعها منه مرحب هرب ولم يقف خوفا مما حذرته منه ظئره، فتمثل له إبليس في صورة حبرمن أحبار اليهود، فقال: إلى أين يا مرحب ؟ فقال: قد تسمى علي هذا القرن بحيدرة. فقال له إبليس: فما حيدرة ؟ فقال: إن فلانة ظئري كانت تحذرني من مبارزة رجل اسمه حيدرة، وتقول: إنه قاتلك. فقال له إبليس: شوها لك، لو لم يكن حيدرة إلا هذا وحده لما كان مثلك يرجع عن مثله، تأخذ بقول النساء وهن يخطئن أكثر مما يصبن، وحيدرة في الدنياكثير، فارجع فلعلك تقتله، فإن قتلته سدت قومك وأنا في ظهرك استصرخ اليهود لك. فرده فوالله ما كان إلاكفواق (3) ناقة حتى ضربه علي (عليه السلام) ضربة سقط منها لوجهه وانهزم اليهود وهم يقولون: قتل مرحب، قتل مرحب. قال: وفي ذلك يقول الكميت بن زيد الاسدي (رحمه الله) في مدحه
(1) الظئر: المرضعة. (2) أي تحيروا ودهشوا. (3) الفواق: الوقت بين الحلبتين
[ 5 ]
لعلي (عليه السلام): سقى جرع الموت ابن عثمان بعدما تعاورها منه وليد ومرحب فالوليد هو ابن عتبة خال معاوية بن أبي سفيان، وعثمان بن طلحة من قريش،
ومرحب من اليهود. 3 / 3 - قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا أبو عثمان، قال: حدثنا العتبي، قال: سمعت أعرابيا يدعو ويقول: " اللهم ارزقني عمل الخائفين وخوف العاملين حتى اتنعم بترك النعيم، رغبة فيما وعدت، وخوفا مما أوعد ت ". قال: وسمعت آخر يدعو فيقول في دعائه: اللهم إن لك علي حقوقا فتصدق علي بها، وللناس علي تبعات فتحملها عني، وقد أوجبت لعل ضيف قرى (1)، وأنا ضيفك، فاجعل قراي الليلة الجنة ". 4 / 4 - قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن الاعرابي، قال: حدثنا علي بن عمروس، عن هشام بن السائب، عن أبيه، قال: خطب الناس يوما معاوية بمسجد دمشق وفي الجامع يومئذ من الوفود علماء قريش وخطباء ربيعة ومدارهها (2)، وصناديد اليمن وملوكها، فقال معاوية: إن الله (تعالى) أكرم خلفاءه فأوجب لهم الجنة فأنقذهم من النار، ثم جعلني منهم وجعل أنصاري أهل الشام الذابين عن حرم الله، المؤيدين بظفر الله، المنصورين على أعداء الله. قال: وفي الجامع من أهل العراق الاحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان، فقال الاحنف لصعصعة: أتكفيني أم أقوم أنا إليه ؟ فقال صعصعة: بل أكفيكه أنا. ثم قام صعصعة فقال: يابن أبي سفيان، تكلمت فأبلغت ولم تقصر دون ما أردت، وكيف
(1) القرى: ما يقدم إلى الضيف من طعام ونحوه. (2) المداره: جمع مدره، السيد الشريف، وزعيم القوم وخطيبهم المتكلم عنهم.
[ 6 ]
يكون ما تقول وقد غلبتنا قسرا وملكتنا تجبرا ودنتنا بغير الحق، واستوليت بأسباب
الفضل علينا ؟ ! فأما إطراؤك أهل الشام فما رأيت أطوع لمخلوق وأعصى لخالق منهم، قوم ابتعت منهم دينهم وأبدانهم بالمال، فإن أعطيتهم حاموا عنك ونصروك، وإن منعتهم قعدوا عنك ورفضوك. فقال معاوية: اسكت يابن صوحان، فوالله لولا أني لم أتجرع غصة غيظ قط أفضل من حلم وأحمد من كرم سيما في الكف عن مثلك والاحتمال لدونك لما عدت إلى مثل مقالتك. فقعد صعصعة فأنشأ معاوية يقول: قبلت جاهلهم حلما وتكرمة والحلم عن قدر في فضل من الكرم 5 / 5 - قال: وحدثنا أبو الطيب الحسين بن علي التمار، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أيوب، قال: حدثنا يحيى بن عنبسة الجعفي، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما فتح لاحد باب دعاء إلا فتح الله له فيه باب إجابة، فإذا فتح لاحدكم باب دعاء فليجهد، فإن الله (عزوجل) لا يمل حتى تملوا. قال أبو الطيب: الملل من الانسان الضجر والسأمة، ومن الله (تعالى) على جهة الترك للفعل، وإنما وصف نفسه بالملل للمقابلة بملل الانسان، كما قال: " نسوا الله فنسيهم " (1) أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه. 6 / 6 - قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا العنزي، قال أبو بكر: وقد سمعت هذا الحديث من العنزي، وقرأته عليه، قال: حدثني إبراهيم بن مسلم، قال: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن مروان بن سالم، قال: حد ثنا الاعمش، عن أبي وائل وزيد بن وهب، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تاركوا الترك ما تركوكم، فإن أول من يسلب أمتي ملكها وما خولها الله لبنو قنطور بن كركرة، وهم الترك. 7 / 7 - قال: وحدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال:
(1) سورة التوبة 9: 67. (*)
[ 7 ]
حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن عمر، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد ا بن مسلم، عن عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يعذب الله قلبا وعى القران. 8 / 8 - وحدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي، المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن سلامة الغنوي، قال: حدثنا محمد بن الحسين العامري، قال: حدثنا أبو معمر، عن أبي بكر بن عياش، عن الفجيع العقيلي، قال: حدثني الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي، فقال: هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن عمه وصاحبه، أول وصيتي أني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسوله وخيرته اختاره بعلمه وارتضاه لخيرته، وأن الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم عالم بما في الصدور. ثتم إني أوصيك - يا حسن - وكفى بك وصيا بما أوصاني به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإذا كان ذلك يا بني الزم بيتك، وابك على خطيئتك، ولا تكن الدنيا أكبر همك، وأوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محالها، والصمت عند الشبهة وا لاقتصاد، والعدل في الرضا والغضب، وحسن الجوار، وإكرام الضيف، ورحمة المجهود وأصحاب البلاء، وصلة الرحم، وحب المساكين ومجا لستهم، والتوا ضع فإنه من أفضل العبادة، وقصر ا لامل، وا ذ كر الموت، وا زهد في الدنيا، فانك رهين موت، وغرض بلاء، وصريع سقم. وأوصيك بخشية الله في سر أمرك وعلانيتك، وأنهاك عن التسرع بالقول
والفعل، له إذا عرض شئ من أمر الاخرة فابدأ به، وإ ذا عرض شي من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه، وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء، فإن قرين السوء يغر جليسه.
[ 8 ]
وكن لله يا بني عاملا، وعن الخنا (1) زخورا، وبالمعروف امرا، وعن المنكر ناهيا، وواخ الاخوان في الله، وأحب الصالح لصلاحه، ودار الفاسق عن دينك، وابغضه بقلبك، وزايله بأعمالك، كي لا تكون مثله، وإياك والجلوس في الطرقات، ودع المماراة، ومجاراة من لا عقل له ولا علم. واقتصد يا بني في معيشتك، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه، والزم الصمت تسلم، وقدم لنفسك تغنم، وتعلم الخير تعلم، وكن لله ذاكرا على كل حال، وارحم من أهلك الصغير، ووقر منهم الكبير، ولا تأكلن طعاما حثى تتصدق منه قبل أكله، وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لاهله، وجاهد نفسك، واحذر جليسك، واجتنب عدوك، وعليك بمجالس الذكر، وا كثر من الدعاء فإني لم آلك يا بني نصحا، وهذا فراق بيني وببنك. وأوصيك بأخيك محمد خيرا، فإنه شقيقك وابن أبيك، وقد تعلم حبي له، فأما أخوك الحسين فهو ابن أمك، ولا أزيد الوصاة بذلك، والله الخليفة عليكم، وإياه أسأل أن يصلحكم، وأن يكف الطغاة البغاة عنكم، والصبر الصبر حثى ينزل الله الامر، ولا حول ولا فوة إلا بالله العلي العظيم. 9 / 9 - حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا المسعودي، قال: حدثنا محمد بن كثير، عن يحيى بن حماد القطان، قال: حدثنا أبو محمد الحضرمي، عن أبي علي الهمداني: أن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قام إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، إني سائلك لاخذ عنك، وقد انتظرنا أن تقول من أمرك شيئا فلم تقله، ألا تحدثنا عن أمرك هذا، أكان بعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أم شئ رأيته ؟ فإنا قد أكثرنا فيك الاقاويل، وأوثقه عندنا ما قلناه عنك وسمعناه من فيك، إنا كنا نقول: لو رجعت إليكم
(1) الخنا: الفحش في الكلام.
[ 9 ]
بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم ينازعكم فيها أحد، والله ما أدري إذا سئلت ما أقول، أ أزعم أن القوم كانوا أولى بما كانوا فيه منك، فان قلت ذلك فعلى م نصبك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد حجة الوداع، فقال: " أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه " وان كنت أولى منهم بما كانوا فيه فعلى م نتولاهم ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا عبد الرحمن، إن الله (تعالى) قبض نبيه صلى الله عليه وآله وأنا يوم قبضه أولى بالناس مني بقميصي هذا، وقد كان من نبي الله إلي عهد لو خزمتموني (1) بأنفي لاقررت سمعا لله وطاعة، وإن أول ما انتقصنا بعده إبطال حقنا في الخمس، فلما دق أمرنا طمعت رعيان قريش فينا، وقد كان لي على الناس حق لو ردوه إلي عفوا قبلته وقمت به، وكان إلي أجل معلوم، وكنت كرجل له على الناس حق إلى أجل، فإن عجلوا له ماله أخذه وحمدهم عليه، وإن أخروه أخذه غير محمودين، وكنت كرجل يأخذ السهولة وهو عند الناس محزون، وإنما يعرف الهدى بقلة من يأخذه من الناس، فإذا سكت فاعفوني، فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلى الجواب أجبتكم، فكفوا عني ما كففت عنكم. فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، فأنت لعمرك كما قال الاول. لعمري لقد أيقظت من كان نائما وأسمعت من كانت له أذنان 10 / 10 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر
ابن محمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون ابن مسلم، عن مسعدة بن زياد، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) وقد سئل عن قوله (تعالى): " فلله الحجة البالغة " (2). فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما ؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال: كنت جاهلا، قال له: أفلا تعلمت حتى
تعمل ؟ فيخصمه، فتلك الحجة البالغة. 11 / 11 - حدثنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثني أبو الحسن علي ابن خالد المراغي، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن حماد، قال: حدثنا عبيد بن يعيش، فال: حدثنا يونس بن بكير، قال: أخبرنا يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي، عن أبي العالية، قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ست من عمل بواحدة منهن جادلت عنه يوم القيامة حتى تدخله الجنة، تقول: أي رب قد كان يعمل بي في الدنيا: الصلاة، والزكاة، والحج، والصيام، وأداء الامانة، وصلة الرحم. 12 / 12 - وأخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (ابن قولويه) (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن يزيد بن إسحاق، عن الحسن بن عطية، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: المكارم عشر، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده، وتكون في الابن ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في الحر.
قيل: وما هن، يابن رسول الله ؟ قال: صدق اللسان، وصدق البأس (1)، وأداء الامانة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف، وإطعام السائل، والمكافاة على الصنائع، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، ورأسهن الحياء. 13 / 13 - أملى علينا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمار النحوي، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا هشام عن أبي مخنف، عن الاعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الاصبغ بن نباتة (رحمه الله)، قال إن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب ذات يوم، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: أيها
(1) في نسخة: الناس.
[ 11 ]
الناس، اسمعوا مقالتي وعوا كلامي، إن الخيلاء من التجبر، والنخوة من التكبر، وإن الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل، ألا إن المسلم أخو المسلم، فلا تنابزوا، ولا تخاذلوا، فإن شرائع الدين واحدة، وسبله قاصدة، من أخذ بها لحق، ومن تركها مرق، ومن فارقها محق، ليس المسلم بالخائن إذا ائتمن، ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذوب إذا نطق، نحن أهل بيت الرحمة وقولنا الحق، وفعلنا القسط، ومنا خاتم النبيين، وفينا قادة الاسلام وأمناء الكتاب، ندعوكم إلى الله ورسوله وإلى جهاد عدوه، والشدة في أمره، وابتغاء رضوانه، والى إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وتوفير الفئ لاهله. ألا وان أعجب العجب أن معاوية بن أبي سفيان الاموي وعمرو بن العاص السهمي يحرضان الناس على طلب الدين بزعمهما، وإني والله لم أخالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) قط، ولم أعصه في أمر قط، أقيه بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الابطال، وترعد فيها الفرائص، بقوة أكرمني الله بها، فله الحمد. ولقد قبض
النبي (صلى الله وعليه اله) وإن رأسه في حجري، ولقد وليت غسله بيدي، تقلبه الملائكة المقربون معي، وأيم الله ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر باطلها على حقها إلا ما شاء ا لله. قال: فقام عمار بن ياسر (رحمه الله تعالى) فقال: أما أمير المؤمنين فقد أعلمكم أن الامة لم تستقم عليه، فتفرق الناس وقد نفذت بصائرهم. 14 / 14 - عنه، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد، قال: حدثنا زيد بن الحسين الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن نجيح، قال: حدثنا جندل بن والق التغلبي، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عمر المازني، عن أبي زيد الانصاري، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له ابن عباس: إن علي بن أبي طالب (عليه السلا م) صلى
[ 12 ]
القبلتين، وبايع البيعتين، ولم يعبد صنما ولا وثنا، ولم يضرب على رأسه بزلم (1) ولا يقدح، ولد على الفطرة، ولم يشرك بالله طرفة عين. فقال الرجل: إني لم أسالك عن هذا، إنما أسالك عن حمله سيفه على عاتقه يختال به حتى أتى البصرة فقتل بها أربعين ألفا، ثم صار إلى الشام فلقي حواجب العرب فضرب بعضهم ببعض حتى قتلهم، ثم أتى النهروان وهم مسلمون فقتلهم عن آ خرهم. فقال له ابن عباس: أعلي أعلم عندك أم أنا ؟ فقال: لو كان علي أعلم عندي منك لما سألتك. قال: فغضب ابن عباس حثى اشتد غضبه، ثم قال: ثكلتك أمك، علي (عليه السلام) علمني، وكان علمه من رسول الله (صى الله عليه وآله)، ورسول الله علمه الله من فوق عرشه، فعلم النبي (صلى الله عليه وآله) من الله، وعلم علي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلمي
من علم علي (عليه السلا م)، وعلم أصحاب محمد (صلى الله عليه وآ له) كلهم في علم علي كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر. 15 / 15 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: أوحى الله إلى عيسى بن مريم (عليه السلام): يا عيسى، هب لي من عينيك الدموع، ومن قلبك الخشوع، واكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطالون، وقم على قبور الاموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلك تأخذ موعظتك منهم، وقل: إني لاحق في اللاحقين. 16 / 16 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا
(1) الزلم: وا حد الازلام.
[ 13 ]
أبو الحسن علي بن مالك النحوي، قال: حدئنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن عبد الحميد بن بهرام الفزاري، قال: حدثني شهر بن حوشب، عن أبي سعيد الخدري، أ نه قال: بينا رجل من أسلم في غنيمة له يهش عليها ببيداء ذي الخليفة، إذ عدا عليه الذئب، فانتزع شاة من غنمه، فهجهج به (1) الرجل ورماه بالحجارة حتى استنقذ منه شاته. قال: فأقبل الذئب حتى أقعى مستثفرا بذنبه (2) مقابلا للرجل، ثم قال له: أما اتقيت الله (عز وجل)، حلت بيني وبين شاة رزقنيها الله ؟ فقال الرجل: بالله ما سمعت كاليوم قط. فقال الذئب: مم تعجب ؟ قال: أعجب من مخاطبتك إياي. فقال الذئب: أعجب من ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الحرتين في النخلات يحدث الناس بما
خلا، ويحدثهم بما هو آت، وأنت هاهنا تتبع غنمك. فلما سمع الرجل قول الذئب ساق غنمه يحوزها حتى إذا أدخلها قباء - قرية الانصار - سأل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصادفه في بيت أبي أيوب، فأخبره خبر الذئب، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): صدقت، احضر العشية، فإذا رأيت الناس قد اجتمعوا فأخبرهم ذلك. فلما صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر واجتمع الناس إليه أخبرهم الا سلمى خبر الذ ئب، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): صدق صدق صدق، فتلك الاعاجيب بين يدي الساعة، أما والذي نفس محمد بيده ليوشك الرجل أن يغيب عن أهله الروحة أو الغدوة فيخبره سوطه أو عصاه أو نعله بما أحدث أهله من بعده. 17 / 17 - حدثنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو حفص عمربن محمد بن علي الزيات، قال: حدثنا عبيدالله بن جعفر بن محمد بن أعين، قال: حدثنا مسعر بن يحيى النهدي، قال: حدثنا شريك بن عبد الله القاضي، قال: حدثنا أبو
(1) أي صاح به وزجره ليكف. (2) استثفر الذنب بذنبه: جعله بين فخذيه.
[ 14 ]
إسحاق الهمداني، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الاخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الاحسان. 18 / 18 - عنه، قال: أخبرني أبو الحسين أحمد بن الحسين بن أسامة البصري إجازة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد الواسطي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يحيى، قال: حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان، قال: حدثنا مسعدة بن صدقة، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أ نه قال: أرسل النجاشي ملك الحبشة
إلى جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) وأصحابه، فدخلوا عليه وهو في بيت له جالس على التراب وعليه خلقان الثياب (1)، قال: فقال جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه): فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال، فلما رأى ما بنا وتغير وجوهنا قال: الحمدالله الذي نصرمحمدا وأقر عيني به، ألا أبشركم ؟ فقلت: بلى أيها الملك. فقال: إنه جاءني الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناك، وأخبرني أن الله قد نصر نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله) وأهلك عدوه، وأسر فلان وفلان وفلان، وقتل فلان وفلان وفلان، التقوا بواد يقال له " بدر "، لكأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي هناك وهو رجل من بني ضمرة. فقال له جعفر: أيها الملك الصالح، مالي أراك جالسا على التراب وعليك هذه الخلقان ؟ فقال: يا جعفر، إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى (صلوات الله عليه) أن من حق الله على عباده أن يحدثوا لله تواضعا عندما يحدث لهم من نعمة، فلما أحدث الله لي نعمة نبيه محمد أحدثت لله هذا التواضع. قال: فلما بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك قال لاصحابه: إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة فتصدقوا يرحمكم الله، إن التواضع يزيد صاحبه رفعة فتواضعوا يرفعكم الله، وإن العفو يزيد صاحبه عزا فاعفوا يعزكم الله.
(1) الخلقان: جمع خلق، والخلق من الثياب: البالي.
[ 15 ]
19 / 19 - حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: سألث أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أن يعلمني دعاء أدعو به في المهمات، فأخرج إلي أوراقا من صحيفة عتيقة، فقال: انتسخ ما فيها فهو دعا، جدي علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) للمهمات، فكتبت ذلك على وجهه، فماكربني شئ قط وأهمني
إلا دعوت به ففرج الله همي وكشف كربي وأعطاني سؤلي، وهو: " اللهم هد يتني فلهوت، ووعظت فقسوت، وأبليت الجميل فعصيت، وعرفت فاصررت ثم عرفت، فاستغفرت فأقلت، فعدت فسترت. فلك الحمد إلهي، تقحمت أودية هلاكي، وتحللت شعاب تلفي، وتعرضت فيها لسطواتك، وبحلولها لعقوبا تك، ووسيلتي إليك التوحيد، وذريعتي أ ني لم أشرك بك شيئا، ولم اتخذ معك إلها، وقد فررت إليك من نفسي، واليك يفر المسئ وأنت مفزع المضيع حظ نفسه. فلك الحمد إلهي، فكم من عدو انتضى علي سيف عداوته، وشحذ لي ظبات مدينه (1)، فديته، وأرهف لي شبا (2) حده، وداف لي قواتل سمومه، وسدد نحوي صوائب سهامه، ولم تنم عني عين حراسته، واضمر أن يسومني المكروه، ويجرعني ذعاف (3) مرارته. فنظرت يا إلهي إلى ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته، ووحدتي في كثير عدد من ناوأني، وأرصد لي البلاء فيما لم أعمل فيه فكري، فابتدأتني بنصرتك، وشددت أزري بقوتك، ثم فللت لي حده، وصيرته
(1) الظبة: حد السيف أو السنان ونحوه، وجمعها: ضبات والمدية: الشفرة الكبيرة. (2) الشبا: جمع شباة، وشباة كل شئ: طرفه. (3) الذعاف: السم القاتل.
[ 16 ]
من بعد جمع وحده، وأعليت كعبي، وجعلت ما سدده مردودا عليه، فرددته لم يشف غليله، ولم تبرد حرارة غيظه، قد عض على شواه (1)، وأدبر موليا قد أخلفت سرا ياه.
وكم من باغ بغاني بمكائده، ونصب لي أشراك مصائده، ووكل بي تفقد رعايته، واضبأ إلي إضباء السبع لطريدته، انتظارا لانتهاز الفرصة لفريسته. فناديتك يا إلهي مستغيثا بك، واثقا بسرعة إجابتك، عالما أ نه لن يضطهد من آوى إلى ظل كنفك، ولن يفزع من لجأ إلى معاقل انتصارك، فحصنتني من بأسه بقد رتك. وكم من سحائب مكروه قد جليتها وغواشي كربات كشفتها، لا تسأل عما تفعل، وقد سئلت فأعطيت، ولم نسأل فابتدأت، واستميح فضلك فما أكديت، أبيت إلا إحسانا، وأبيت إلا تقحم حرماتك، وتعدي حدودك، والغفلة عن وعيد ك. فلك الحمد إلهي من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، هذا مقام من اعترف لك بالتقصير، وشهد على نفسه بالتضييع. اللهم إني أتقرب إليك بالمحمدية الرفيعة، وأتوجه إليك بالعلوية البيضاء، فاعذني من شر ما خلقت، وشر من يريدني سوءا، فإن ذلك لا يضيق عليك في وجدك، ولا يتكأدك (2) في قدرتك وأنت على كل شئ قدير. اللهم ارحمني بترك المعاصي ما أبقيتني، وارحمني بترك تكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، والزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، واجعلني أتلوه على ما يرضيك به عني، ونور به بصري، وأوعه سمعي، واشرح به صدري، وفرج به عن قلبي، واطلق به لساني، واستعمل به بدني، واجعل فن من الحول والقوة ما يسهل ذلك علي، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك.
(1) الشوى: تطلق على سائر أعضاء الجسم. (2) أي لا يصعب عليك.
[ 17 ]
اللهم اجعل ليلي ونهاري ودنياي وآخرتي ومنقلبي ومثواي عافية منك
ومعافاة وبركة منك. اللهم أنت ربى ومولاي، وسيدي وأملي وإلهي، وغياثي وسندي، وخالقي وناصري، وثقتي ورجا ئي، لك محيا ي ومما تي، ولك سمعي وبصري، وبيد ك رزفي، وإليك أمري في الدنيا والاخرة، ملكتني بقدرتك وقدرت علي بسلطانك، لك القدرة في أمري، وناصيتي بيدك، لا يحول أحد دون رضاك، برأفتك أرجو رحمتك، وبرحمتك أرجو رضوانك، لا أرجو ذلك بعملي، فقد عجز عني عملي، فكيف أرجو ما قد عجز عني ؟ أشكوإليك فاقتي وضعف قوتي، وإفراطي في أمري، وكل ذلك من عندي، وما أنت أعلم به مني، فاكفني ذلك كله. اللهم اجعلني من رفقاء محمد حبيبك وإبراهيم خليلك، ويوم الفزع الاكبر من الامنين، فآمني وببشارتك فبشرني، وباظلالك فأظلني، وبمفازة من النار فنجني، ولا تمسني السوء ولا تخزني، ومن الدنيا فسلمني، وحجتي يوم القيامة فلقني، وبذكرك فذكرني، ولليسرى فيسرني، وللعسرى فجنبني، والصلاة والزكاة ما دمت حيا فألهمني، ولعبادتك فوفقني، وفي الفقه وفي مرضاتك فاستعملني، ومن فضلك فارزقني، ويوم القيامة فبيض وجهي، وحسابا يسيرا فحاسبني، وبقبيح عملي فلا تفضحني، وبفداك فاهدني، وبالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة فثبتني، وما أحببت فحببه إلي، وما كرهت فبغضه إلي، وما أهمني من الدنيا والاخرة فاكفني، وفي صلاتي وصيامي ودعائي ونسكي وشكري ودنياي وآخرتي فبارك لي، والمقام المحمود فابعثني، وسلطانا نصيرا فاجعل لي، وظلمي وجرمي واسرافي في أمري فتجاوز عني، ومن فتنة المحيا والممات فخلصني لا، ومن الفواحش ما ظهر منها وما بطن فنجني، ومن أوليائك يوم القيامة فاجعلني، وأدم لي صالح الذي آتيتني، وبالحلال عن الحرام فاغنني، وبالطيب عن الخبيث فا كفني، أقبل بوجهك الكريم إلي ولا تصرفه عني، له إلى صراطك المستقيم فاهدني، ولما تحب وترضى فوفقني.
اللهم إني أعوذ بك من الرياء والسمعة، والكبرياء والتعظم، والخيلاء والفخر
[ 18 ]
والبذخ والاشر والبطر وا لاعجا ب بنفسي والجبرية رب فنجني، رب وأعوذ بك من البخل والعجز والشح والحسد والحرص والمنافسة والغش، وأعوذ بك من الطمع والطبع والهلع والجزع والزيغ والقمع، وأعوذ بك من البغي والظلم والاعتداء والفساد والفجور والفسوق، وأعوذ بك من الخيانة والعدوان والطغيان، رب وأعوذ بك من المعصية والقطيعة والسيئة والفواحش والذنوب، وأعوذ بك من الاثم والمأثم والحرام والمحرم والخبيث وكل ما لا تحب، رب وأعوذ بك من الشيطان وبغيه وظلمه وعدوانه وشركه وزبانيته وجنده، وأعوذ بك من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وأعوذ بك من شر ما خلقت من دابة وهامة أو جن أو إنس مما يتحرك، وأعوذ بك من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها ومن شر ما ذرئ في الارض وما يخرج منها، وأعوذ بك من شركل كاهن وساحر وزاكن (1) ونافث وراق، وأعوذ بك من شركل حاسد وطاغ وباغ ونافس وظالم ومعتد وجائر، وأعوذ بك من العمى والصمم والبكم والبرص والجذام والشك والريب، وأعوذ بك من الكسل والفشل والعجز والتفريط والعجلة والتضييع والتقصير والابطاء، وأعوذ بك من شر ما خلقت في السماوات والارض وما بينهما وما تحت الثرى، رب وأعوذ بك من الفقر والحاجة والمسكنة والضيقة والعايلة، وأعوذ بك من العيلة والذلة، وأعوذ بك من الضيق والشدة والقيد والحبس والوثاق والسجون والبلاء وكل مصيبة لا صبر لي عليها، آمين رب العالمين. اللهم أعطنا كل الذي سألناك وزدنا من فضلك على قدر جلالك وعظمتك بحق لا إله إلا أنت العزيز الحكيم ". 20 / 20 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد
الابهري، قال: حدثنا علي بن أحمد بن الصباح، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ابن أخي عبد الرزاق، قال: حدثني عمي عبد الرزاق بن همام، قال: أخبرني أبي همام بن
(1) زكن عليه: شبه ولبس، والزاكن: المتفرس.
[ 19 ]
نافع، قال: أخبرني مينا مولى عبد الرحمن بن عوف الزهري، قال: قال لي عبد الرحمن: يا مينا، ألا أحدثك بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قلت: بلى. قال: سمعته يقول: أنا شجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، ومحبوهم من أمتي ورقها. 21 / 21 - حدثنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني محمد بن علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن أبي العنبر، قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن أبي عمرو بن العلاء، عن عبد الله بن بريدة، عن بشير بن كعب، عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). " لا إله إلا الله " نصف الميزان، و " الحمد الله " يملاه. 22 / 22 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو محمد بن عبد الله بن أبي شيخ إجازة، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد البصري، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن يسار المدني، قال: حدثني سعيد بن مينا، عن غير واحد من أصحابه: أن نفرا من قريش اعترضوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) منهم: عتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة، والعاص بن سعيد، فقال: يا محمد، هلم فلتعبد ما نعبد فنعبد ما تعبد فنشرك نحن وأنت في الامر، فإن يكن الذي نحن عليه الحق فقد أخذت بحظك منه، وإن يكن الذي أنت عليه الحق فقد أخذنا بحظنا منه، فأنزل الله (تبارك وتعالى): " قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما
أعبد " (1) إلى آخر السورة. ثم مشى أبي بن خلف بعظم رميم ففته في يده ثم نفخه، وقال: أتزغم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى ؟ فانزل الله (تعالى): " وضرب لنا مثلا ونسى خلقة قال من يحى العظام وهى رميم * قل يحييها الذى أنشأها أول مرة وهو بكل
(ا) سورة الكافرون 1 09: 1 - 3.
[ 20 ]
خلق عليم " (1) إلى آخر السورة. 23 / 23 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن القاسم ماجيلويه، عن محمد بن علي الصيرفي، عن نصربن مزاحم، عن عمربن سعد، عن فضيل بن خديج، عن كميل بن زياد النخعي، قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة وقد صلينا العشاء الاخرة، فأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد، فمشى حتى خرج إلى ظهر الكوفة ولايكلمني بكلمة، فلما أصحر (2) تنفس، ثم قال: يا كميل، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول، الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الانفاق. يا كميل، صحبة العالم دين يدان الله به، تكسبه الطاعة في حياته، وجميل الاحدوثة بعد وفاته. يا كميل، منفعة المال تزول بزواله. يا كميل، مات خزان المال والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، هاه هاه إن هاهنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلما جما لو أصبت له حملة، بلى أصبت له لقنا غير مأمون،
يستعمل آلة الدين في الدنيا، ويستظهر بحجج الله على خلقه، وبنعمه على عباده، ليتخذه الضعفاء وليجة دون ولي الحق، أو منقادا للحكمة لا بصيرة له في أحنائه، يقدح الشك في قلبه بأول عارض لشبهة، ألا لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذات، سلس القياد بالشهوات، أو مغرى بالجمع وا لادخار، ليس من رعاة الد ين، أقرب شبها بهؤلاء
(1) سورة يس 36: 78 و 79. (2) أي برز في الصحراء.
[ 21 ]
الانعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم بحجة، ظاهرا مشهورا، أو مستترا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وأين أولئك ؟ والله الاقلون عددا الاعظمون خطرا، بهم يحفظ الله حججه حتي يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقائق الامور، فباشروا أرواح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الاعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه. آه آه شوقا إلى رؤيتهم، واستغفر الله لي ولكم. ثم نزع يده من يدي وقال: انصرف إذا شئت. 24 / 24 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني علي، بن إسحاق النحوي، قال: حدثنا عثمان بن عبد الله الشامي، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي زرعة الحضرمي، عن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه (عليه السلام)، قال: قال لي النبي (صلى الله عليه وآله). يا علي بنا يختم الله الدين كما بنا فتحه، وبنا يؤلف الله بين قلوبكم بعد العداوة والبغضاء. 25 / 25 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد
بن محمد بن عيسى، عن محمد بن مروان، عن محمد بن عجلان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: طوبى لمن لم يبدل نعمة الله كفرا، طوبى للمتحابين في الله. 26 / 26 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابى، قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا سهل بن زنجلة الرازي، قال: حدثنا ابن أبي أويس، قال: حدثني أبي، عن حميد بن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بني عبد المطلب، إني سألت الله لكم أن يعلم جاهلكم، وأن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وأن يجعلكم نجداء جوداء رحماء، أما والله لو أن رجلا صف قدميه بين الركن والمقام مصليا فلقي الله ببغضكم
[ 22 ]
أهل البيت دخل النار (1). 27 / 27 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الطبري (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن مروك بن عبيد الكوفي، عن محمد بن يزيد الطبري، قال: كنت قائما على رأس الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) بخراسان وعنده جماعة من. بني هاشم منهم إسحاق بن العباس بن موسى، فقال له: يا إسحاق، بلغني أ نكم تقولون: إن الناس عبيد لنا، لا وقرابتي من رسول الله (صلى الله عيله وآله) ما قلته قط، ولا سمعته من أحد من آبائي، ولا بلغني عن أحد منهم قاله، لكنا نقول: الناس عبيد لنا في الطاعة، موال لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب. 28 / 28 - وبهذا الاسناد، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يتكلم في توحيد الله فقال: أولى عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله (جل اسمه) توحيده، ونظام توحيده نفي
التحديد عنه، لشهادة العقول أن كل محدود مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقا ليس بمخلوق، والممتنع من الحدث هو القديم في الازل. فليس الله عبد من نعت ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه بشئ من الحواس، ولا إياه عنى من شبهه، ولا له عرف من بعضه، ولا إياه أراد من توهمه، كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول، بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول تعتقد معرفته، وبالفطر تثبت حجته. خلق الله (تعالى) الخلق حجاب بينه وبينهم، ومباينته إياهم مفارقته إنيتهم، وابتداؤه لهم دليلهم على أن لا ابتداء له، لعجزكل مبتدئ منهم عن ابتداء مثله، فأ سما ؤه (تعالى) تعبير، وأفعا له (سبحا نه) تفهيم.
(1) يأتي في الحديثين. 184 و 435.
[ 23 ]
قد جهل الله من حده، وقد تعداه من اشتمله، وتد أخطاه من اكتنهه، ومن قال: " كيف هو " فقد شبهه، ومن قال فيه: " لم " فقد علله، ومن قال: " متى " فقد وقته، ومن قال: " فيم " فقد ضمنه، ومن قال: " إلى م " فقد نهاه، ومن قال: " حتى م "، فقد غياه، ومن غياه فقد جزأه، ومن جزأه فقد ألحد فيه. لا يتغير الله بتغير المخلوقات، ولا يتحدد بتحدد المحدود، واحد لا بتأويل عدد، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، باطن لا بمزايلة، مبائن لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف لا بتجسم، موجود لا عن عدم، فاعل لا باضطرار، مقدر لا بفكرة، مدنجر لا بحركة، مريد لا بعزيمة، شاء لا بهمة، مدرك لا بحاسة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تصحبه الاوقات، ولا تضمه الاماكن، ولا تأخذه السنات، ولا تأحده الصفات، ولا تقيده الادوات.
سبق الاوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله، بخلقه الاشباه علم أنه لا شبه له، وبمضادته بين الاشياء علم أن لا ضد له، وبمقارنته بين الامور عرف أن لا قرين له. ضاد النور بالظلمة، والصر (1) بالحر، مؤلف بين متعاقباتها، مفرق بين متدانياتها، بتفريقها دل على مفرقها، وبتاليفها دل على مؤلفها، قال الله (تعالى): " ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون " (2). له معنى الربوبية إذ لا مربوب، وحقيقة الالهية إذ لا مألوه، ومعنى العالم ولا معلوم، ليس منذ خلق استحق معنى الخالق، ولا من حيث أحدث استفاد معنى المحدث، لا يغيبه منذ، ولا يدنيه قد، ولا يحجبه لعل، ولا يوقته متى، ولا يشتمله حين، ولا يقارنه مع، كل ما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه، وكل ما أمكن فيه ممتنع من صانعه، لا تجرى عليه الحركة والسكون، كيف يجرى عليه ما هو أجراه، أو
(1) ا لصرد: البرد. (2) سورة الذاريات 51: 49.
[ 24 ]
يعود فيه ما هو ابتداه ؟ إذن لتفاوتت دلالته، ولامتنع من الازل معناه، ولما كان للبارئ معنى غير المبرأ. لو حد له وراء لحد له أمام، ولو التمس له التمام للزمه النقصان، كيف يستحق الازل من لا يمتنع من الحدث، وكيف ينشئ الاشياء من لا يمتنع من الانشاء ؟ لو تعلقت به المعاني لقامت فيه آية المصنوع، ولتحول عن كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه، ليس في مجال القول حجة، ولا في المسألة عنه جواب، لا اله الا الله العلي العظيم. 29 / 29 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد
الزراري (رحمه الله)، قال: حدثني خالي أبو العباس محمد بن جعفر الرزاز القرشي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن آبائه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يقول الله (تعالى): المعروف هدية مني إلى عبدي المؤمن، فإن قبلها مني فبرحمتي ومني، وان ردها فبذنبه حرمها ومنه لا مني، وأيما عبد خلقته فهديته إلى الايمان وحسنت خلقه، ولم ابتله بالبخل، فإني أريد به خيرا. 30 / 30 - عنه، أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو القاسم الحسن (1) بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان الغزال، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن الاحمسي، قال: حدثنا خالد ابن عبد الله، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: سمعث سعد ابن مالك - يعني ابن أبي وقاص - يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: فاطمة بضعة مني، من سرها فقد سرني، ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعزالبرية علي. 31 / 31 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني
(1) في نسخة: الحسين.
[ 25 ]
أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عثمان، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا، وأمره أن يقرأه على أهل مصر، وليعمل بما وصاه به فيه، وكان الكتاب:
بسم الله الرحس الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر ومحمد بن أبي بكر. سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فإني أوصيكم. بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون وإليه تصيرون، فإن الله تعالى يقول: " كل نفس بما كسبت رهينة " (1) ويقول: " ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير " (2) ويقول: " فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون " (3). فاعلموا عباد الله أن الله عزوجل سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير فإن يعذب فنحن أظلم، وإن يعف فهو أرحم الراحمين. يا عباد الله، إن أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل الله بطاعته وينصحه بالتوبة، عليكم بتقوى الله، فإنها تجمع الخير ولا خير غيرها، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الاخرة، قال الله (عز وحل): " وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الاخرة خير ولنعم دا رالمتقين " (4). اعلموا يا عباد الله أن المؤمن يعمل لثلاث من الثواب: إما لخير (الدنيا) فإن الله
(1) سورة المدثر 74: 38. (2) سورة آل عمران 3: 28. (3) سورة الحجر 15: 92 و 93. (4) سورة النحل 16: 30.
[ 26 ]
يثيبه بعمله في دنياه، قال الله (سبحانه) لابراهيم: " وءاتيناه أجره في الدنيا وإنه في الا خرة لمن الصالحين " (1) فمن عمل لله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والاخرة وكفاه المهم فيهما، وقد قال الله (تعالى): " يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في
هذه الدنيا حسنة وأرض واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " (2) فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الاخرة، قال الله تعالى: اللذين أحسنوا الحسنى وزيادة " (3) والحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا، (واما لخير الاخرة) فإن الله تعالى يكفر بكل حسنتة سيئة، قال الله عزوجل: " إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " (4) حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم، ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف، قال الله عزوجل: " جزاء من ربك عطاء حسابا " (5) وقال: " فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات ءامنون " (6) فارغبوا في هذا رحمكم الله واعملوا له وتحاضوا عليه. واعلموا يا عباد الله أن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يثاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم الله من الدنيا ما كفاهم به وأغناهم، قال الله عزوجل: " قل من حرم زينة الله التى أخرخ لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون " (7) سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فإكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، وشربوا من طيبات ما
(1) سورة العنكبوت 29: 27. (2) سررة الزمر 39: 10. (3) سورة يونس 10: 26. (،) سورة هود 11: 114. (5) سورة النبأ 78: 36. (6) سورة سبأ 34: 37. (7) سررة الاعراف 7: 32.
[ 27 ]
يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون، وسكنوا من أفضل ما يسكنون، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون، وركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا، وهم غدا جيران الله تعالى، يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون، لا ترذ لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيب من اللذة، فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من كان له عقل ويعمل له بتقوى الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. يا عباد الله، إن اتقيتم وحفظتم نبيكم في أهل بيته، فقد عبدتموه بأفضل ما عبد، وذكرتموه بأفضل ما ذكر، وشكرتموه بأفضل ما شكر، وأخذتم بأفضل الصبر والشكر، واجتهدتم أفضل الاجتهاد، وإن كان غيركم أطول منكم صلاة وأكثر منكم صياما فأنتم أتقى لله منه، وأنصح لاولي الامر. احذروا يا عباد الله الموت وسكرته، فاعدوا له عدته، فإنه يفجأكم بأمر عظيم، بخير لا يكون معه شر أبدأ، أو بشر لا يكون معه خير أبدا، فمن أقرب إلى الجنة من عاملها، ومن أقرب إلى النار من عاملها ؟ إنه ليس أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم إلى أي المنزلين يصير: إلى الجنة أم النار، أعدو هو لله أم ولي ؟ فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة، وشرعت له طرقها، ورأى ما أعد الله له فيها، ففزع من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل، وإن كان عدوالله فتحت له أبواب النار، وشرع له طرقها، ونظر إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه وترك كل سرور، كل هذا يكون عند الموت، وعنده يكون اليقين، قال الله تعالى: " اللذ ين تتوفاهم الملئكة طيبين يقولون سلام عليكم أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون " (1) ويقول: " الذين تتوفاهم الملئكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ماكنا نعمل من سؤ بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون * فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين " (2). يا عباد الله، إن الموت ليس منه فوت، فاحذروه قبل وقوعه، واعدوا له عدته،
(1) سورة النحل 16: 32.
(2) سورة النحل 1 6: 28 و 29.
[ 28 ]
فإنكم طرد الموت، إن اقمتم له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، وهو ألزم لكم من ظلكم، الموت معقود بنواصيكم، والدنيا تطوط خلفكم، فأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات، وكفى بالموت واعظا ؟ وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت، فيقول: أكثروا ذ كر الموت، فإنه هادم اللذات، حائل بينكم وبين الشهوات. يا عباد الله، ما بعد الموت لمن لم يغفر له أشد من الموت: القبر، فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته، إن القبر يقول كل يوم: أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود والهوام، والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الارض: مرحبا وأهلا، لقد كنت ممن أحب أن يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك ؟ فتتسع له مد البصر. وإن الكافرإذا دفن قالت له الارض: لا مرحبا ولا أهلا، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه. وان المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا (1)، فينهشن لحمه، ويكسرن عظمه، ويترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث، لو أن تنينا منها نفخ في الارض لم تنبت زرعا أبدا. اعلموا يا عباد الله أن أنفسكم الضعيفة، وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا، فإن استطعتم أن تجزعوا لاجسادكم وأنفسكم مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه، فاعملوا بما أحب الله واتركوا ماكره الله. يا عباد الله، إن بعد البعث ما هو أشد من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، ويسكر منه الكبير، ويسقط فيه الجنين، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت، يوم عبوس
قمطرير، ويوم كان شره مستطيرا. إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم، وترعد منه السبع الشداد، والجبال الاوتاد، والارض المهاد، وتنشق السماء فهي
(1) التنين: الحية العظيمة.
[ 29 ]
يومئذ واهية، وتتغير فكأنها ننها وردة كالدهان، وتكون الجبال كثيبا (1) مهيلا بعدما كانت صما صلابا، وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات ومن في الارض إلا من شاء الله، فكيف من عصى بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن، إن لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم ؟ لا نه يقض ويصيرإلى غيره، إلى نار قعرها بعيد، وحرها شديد، وشرابها صديد، وعذابها جديد، ومقامعها حديد، لا يفتر عذابها ولا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة، ولا يسمع لاهلها دعوة. واعلموا يا عباد الله أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز العباد، جنة عرضها كعرض السماوات والارض أعدت للمتقين، لا يكون معها شر أبدا، لذاتها لا تمل، ومجتمعها لا يتفرق، وسكانها قد جاوروا الرحمن، وقام بين أيد يهم الغلمان، بصحاف من الذهب فيها الفاكهة والريحان. ثم اعلم يا محمد بن أبي بكر أني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي، أهل مصر، فإذا وليتك ما وليتك من أمر الناس فأنت حقيق أن تخاف منه على نفسك وأن تحذر فيه على دينك، فإن استطعت أن لا تسخط ربك برضا أحد من خلقه فافعل، فإن في الله عزوجل خلفا من غيره، وليس في شئ سواه خلف منه، اشتد على الظالم وخذ عليه، ولن لاهل الخير وقربهم، واجعلهم بطانتك وأقرانك، وانظر إلى صلاتك كيف هي، فإنك إمام لقومك (ينبغي لك) أن تتمها ولا تخففها، فليس من إمام يصلي بقوم يكون في صلاتهم نقصان إلا كان عليه، لا ينقص من صلاتهم شئ، وتممها وتحفظ فيها، يكن لك مثل أجورهم، ولا ينقص ذلك من أجرهم شيئا.
وانظر إلى الوضوء، فإنه من تمام الصلاة، تمضمض ثلاث مرات، واستنشق ثلاثا، واغسل وجهك ثم يدك اليمنى ثم اليسرى ثم امسح رأسك ورجليك، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصنع ذلك، واعلم أن الوضوء نصف الايمان. ثم ارتقب وقت الصلاة، فصلها لوقتها، ولا تعجل بها قبله لفراغ، ولا تؤخرها
(1) في نسخة: سرابا.
[ 30 ]
عنه لشغل، فإن رجلا سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أوقات الصلاة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني جبرئيل (عليه السلا م) فأراني وقت الصلاة حين زالت الشمس، فكانت على حاجبه الايمن، ثم أراني وقت العصرفكان ظل كل شئ مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس، ثم صلى العشاء الاخرة حين غاب الشفق، ثم صلى الصبح فأغلس بها والنجوم مشتبكة، فصل لهذه الاوقات، والزم السنة المعروفة والطريق الواضحة، ثم انظر ركوعك وسجود ك، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان أتم الناس صلاة، وأحقهم عملا بها. واعلم أن كل شئ من عملك تبع لصلاتك، فمن ضيع الصلاة فإنه لغيرها أضيع. أسأل الله الذي يرى ولا يرى، وهو بالمنظر الاعلى أن يجعلنا وإياك ممن يحب ويرضى حتى يعيننا وإياك على شكره وذكره، وحسن عبادته، وأداء حقه، وعلى كل شئ اختار لنا في دنيانا وديننا وآخرتنا. وأنتم يا أهل مصر، فليصدق قولكم فعلكم، وسركم علانيتكم، ولا تخالف ألسنتكم قلوبكم. واعلموا أ نه لا يستوي إمام الفدى وامام الردى، ووصي النبي وعدوه، إني لا أخاف عليكم مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيحجزه الله عنكم بشركه، ولكني أخاف عليكم المنافق، يقول ما تعرفون ويعمل بما تنكرون.
يا محمد بن أبي بكر، اعلم أن أفضل الفقه الورع في دين الله، والعمل بطاعته، وإني أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيتك وعلى أي حال كنت عليها، الدنيا دار بلاء ودار فنا، والاخرة دار الجزاء ودار البقاء، فاعمل لما يبقى واعدل عما يفنى، ولا تنس نصيبك من الدنيا. أوصيك بسبع هن من جوامع الاسلام. تخشى الله عز وجل ولا تخش الناس في الله، وخير القول ما صدقه العمل، ولا تقض في أمر واحد بقضاءين مختلفين فيختلف أمرك وتزيغ عن الحق، وأحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، فإن ذلك أوجب للحجة وأصلح للرعية،
[ 31 ]
وخض الغمرات إلى الحق، ولا تخف في الله لومة لائم، وانصح المرء إذا استشارك، واجعل نفسك أسوة لقريب المؤمنين وبعيدهم. جعل المودتنا في الدين، وخلتنا له إياكم خلة المتقين، وأبقى لكم طاعتكم، حتى يجعلنا وإياكم بها إخوانا على سرر متقابلين. أحسنوا أهل مصر مؤازرة محمد أميركم، واثبتوا على طاعتكم، تردوا حوض نبيكم (صلى الله عليه وآله)، أعاننا الله و " إياكم على ما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركا ته. تم المجلس الاول، ويتلوه المجلس الثاني من أمالي الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رحمه الله
[ 33 ]
(2) المجلس الثاني فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان.
بسم الله الرحمن الرحيم 32 / 1 - أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدئنا أبو نصر محمد بن عمر النيشابوري، قال: حدثنا محمد بن السري، قال ل: حدثنا أبي، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن برد بن سنان، عن مكحول، عن واثلة بن الاصقع، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تظهر الشماتة لاخيك، فيعافه الله ويبتليك. 33 / 2 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: أخبرني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن كليب بن معاوية الاسدي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: أما والله إنكم لعلى دين الله وملائكته، فاعينونا على ذلك بورع واجتهاد، عليكم بالصلاة والعبادة، عليكم بالورع. 34 / 3 - أخبرنا محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مسبح (1) بن محمد، قال:
(1) في نسخة: شيح.
[ 34 ]
حدثني أبو علي بن أبي عمرة (1) الخراساني، عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: دخلنا على مسروق الاجدع، فإذا عنده ضيف له لا نعرفه وهما يطعمان من طعام لهما، فقال الضيف: كنت مع رسول الله (صلى الله على وآله) بحنين (2)، فلما قالها عرفنا أنه كانت له صحبة مع النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: فجاءت صفية بنت حيي ابن أخطب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله، إني لست كاحد من نسائك، قتلت الاب والاخ والعم، فإن حدث بك شئ فإلى من ؟ فقال لها رسول
الله (صلى الله عليه وآله): إلى هذا - وأشار إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) -. ثم قال: ألا أحدثكم بما حدثني به الحارث الاعور ؟ قال: قلنا: بلى. قال: دخلت على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ما جاء بك يا أعور ؟ قال: قلت: حبك، يا أمير المؤمنين. قال: الله، قلت: الله، فناشدني ثلاثا، ثم قال: أما إنه ليس عبد من عباد الله ممن امتحن الله قلبه للايمان إلا وهو يجد مودتنا على قلبه فهو يحبنا، وليس عبد من عباد الله ممن سخط الله عليه إلا وهو يجد بغضنا على قلبه فهو يبغضنا، فأصبح محبنا ينتظر الرحمة، وكان أبواب الرحمة قد فتحت له، وأصبح مبغضنا على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، فهنيئا لاهل الرحمة رحمتهم، وتعسا لاهل النار مثواهم. 35 / 4 - حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو علي الحسن بن علي بن الفضل الداودي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن بشر العسكري، قال: حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن مهدي الابلي، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الهاشمي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا هارون الرشيد، قال: حدثني أبي المهدي، قال: حدثنا أمير المؤمنين المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن عبد الله بن عباس، عن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، قال: سمعت
(1) في نسخة: عمر. (2) في نسخة: بخيبر.
[ 35 ]
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا أيها الناس، نحن في القيامة ركبان أربعة ليس غيرنا. فقال له قائل: بأبي أنت وأمي - يا رسول الله - من الركبان ؟ قال: أنا على البراق، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه، وابنتي فاطمة على ناقتي العضباء، وعلي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة، خطمها من اللؤلؤ الرطب، وعيناها من ياقوتتين
حمراوين، وبطنها من زبرجد أخضر، عليها قبة من لؤلؤ بيضاء، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، ظاهرها من رحمة الله، وباطنها من عفو الله، إذا أقبلت زفت، وإذا أدبرت زفت، وهو أمامي على رأسه تاج من نور يضئ لاهل الجمع، ذلك التاج له سبعون ركنا، كل ركن يضئ كالكوكب الدري في أفق السماء، وبيده لواء الحمد، وهو ينادي في القيامة: " لا اله الا الله محمد رسول الله " فلا يمر بملاء من الملائكة إلا قالوا: نبي مرسل، ولا بنبي إلا يقول: ملك مقرب، فينادي مناد من بطنان العرش: يا أيها الناس، ليس هذا ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، ولا حامل عرش، هذا علي ابن أبي طالب. ويجئ شيعته من بعده فينادي مناد لشيعته: من أنتم ؟ فيقولون: نحن العلويون. فيأتيهم النداء: أيها العلويون، أنتم آمنون، ادخلوا الجنة مع من كنتم تو ا لون (1). 36 / 5 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الريحان بن الصلت، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) يدعو بكلمات، فحفظتها عنه، فما دعوت بها في شدة إلا فرج الله عني، وهي: " اللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة. كم من كرب يضعف فيه الفواد، وتقل فيه الحيلة، وتعي فيه الامور، ويخذل فيه البعيد والقريب والصديق، ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشكوته إليك، راغبا إليك فيه عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه. فأنت ولن كل نعمة، وصاحب كل حاجة،
(1) يأتي نحو ه في الحديث: 711.
[ 36 ]
ومنتهى كل رغبة، فلك الحمد كثيرا، ولك المن فاضلا. بنعمتك تتم الصالحات، يا معروفا بالمعروف معروف، يا من هو با لمعررف موصوف، أنلني من معروفك معروفا
تغنيني به عن معروف من سواك، برحمتك يا أرحم الراحمين ". 37 / 6 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن الحسن، عن جعفر بن محمد بن مروان، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلتان لا تجتمعان في منافق: فقه في الاسلام، وحسن سمت في الوجه. 37 / 7 - أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاشاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): إذا أراد أحدكم ألا يسأل الله شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله (عزوجل)، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه، ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن للقيامة خمسين موقفا، كل موقف مثل ألف سنة مما تعدون، ثم تلا هذه الاية: " في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " (1). 39 / 8 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي المالكي، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الايمان قول مقول، وعمل معمول، وعرفان العقول.
(1) سورة المعارج 70: 4.
[ 37 ]
قال أبو الصلت: فحدثت بهذا الحديث في مجلس أحمد بن حنبل، فقال لي أحمد: يا أبا الصلت، لو قرئ بهذا الاسناد على المجانين لافاقوا. 40 / 9 - أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني أحمد بن سليمان الطوسي، عن الزبير بن بكار، قال: حدثني عبد الله بن وهب، عن السدي، عن عبد خير، عن قبيصة بن جابر الاسدي، قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فسأله عن الايمان، فقام (عليه السلام) خطيبا فقال: الحمد لله الذي شرع الاسلام فسهل شرائعه لمن ورده، وأعز أركانه على من حاربه، وجعله عزا لمن والاه، وسلما لمن دخله، وهدى لمن ائتم به، وزينة لمن تحلى به، وعصمة لمن اعتصم به، وحبلا لمن تمسك به، وبرهانا لمن تكلم به، ونورا لمن استضاء به، وشاهدا لمن خاصم به، وفلجا لمن حاج به، وعلما لمن وعاه، وحديثا لمن رواه، وحكما لمن قضى به، وحلما لمن جرب، ولبا لمن تدبر، وفهما لمن فطن، ويقينا لمن عقل، وتبصرة لمن عزم، وآية لمن توسم، وعبرة لمن اتعظ، ونجاة لمن صدق، ومودة من الله لمن أصلح، وزلفى لمن ارتقب، وثقة لمن توكل، وراحة لمن فوض، وجنة لمن صبر. الحق سبيله، والهدى صفته، والحسنى مأثرته، فهو أبلج المنهاج، مشرق المنار، مضئ المصابيح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، متنافس السبقة، كريم الفرسان، التصديق منهاجه، والصالحات مناره، والفقه مصابيحه، والموت غايته، والدنيا مضماره، والقيامة حلبته، والجنة سبقته والنار نقمته، والتقوى عدته، والمحسنون فرسا نه. فبالايمان يستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت تختم الدنيا، وبالقيامة تزلف الجنة للمتقين، وتبرز الجحيم للغاوين. والايمان على أربع دعائم: الصبر واليقين والعدل، والجهاد. فالصبر على أربع
شعب: الثرق، والشفق، والزهادة، والترقب، ألا من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه
[ 38 ]
المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الاولين، فمن تبصر في الفطنة تبين الحكمة، ومن تبين الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنماكان في الاولين. والعدل على أربع شعب. على غامض الفهم، وعمارة العلم، وزهرة الحكم، وروضة الحلم، فمن فهم نشر جميل العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن عرف شرائع الحكم لم يضل، ومن حلم لم يفرط (في) أمره، وعاش في الناس حميدا. والجهاد على أربع شعب: على الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الكافر، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنأ الفاسقين غضب لله، ومن غضب لله تعالى فهو مؤمن حقا، فهذه صفة الايمان ودعائمه. فقال له السائل: لقد هديت يا أمير المؤمنين وأرشدت، فجزاك الله عن الدين خيرا. 41 / 10 - حدثنا محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسن ابن موسى الخشاب، عن علي بن النعمان، عن بشير الدهان، قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، أي الفصوص أفضل أركبه على خاتمي ؟ فقال: يا بشير، أين أنت عن العقيق الاحمر والعقيق الاصفر والعقيق الابيض، فإنها ثلاثة جبال في الجنة: فأما الاحمر فمطل على دار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأما
الاصفر فمطل على دار فاطمة (عليها السلام)، وأما الابيض فمطل على دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، والدور كلها واحدة يخرج منها ثلاثة أنهار، من تحت كل جبل نهر أشد بردا من الثلج، وأحلى من العسل، وأشد بياضا من اللبن، لا يشرب منها إلا محمد وآله (عليهم السلام) وشيعتهم، ومصبها كلها واحد ومخرجها من الكوثر، وإن هذه الجبال تسبح الله وتقدسه وتمجده، وتستغفر لمحبي آل محمد (عليهم السلام)، فمن تختم
[ 39 ]
بشئ منها من شيعة آل محمد (عليهم السلام) لم يرإلا الخير والحسنى والسعة في رزقه، والسلامة من جميع أنواع البلاء، وهو أمان من السلطان الجائر، ومن كل ما يخافه الانسان ويحذره. 42 / 11 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا بن شيبان إملاء، قال: حدثنا أسيد بن زيد القرشي، قال: حدثنا محمد بن مروان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إياك وصحبة الاحمق، فإنه أقرب ما يكون منه أقرب ما يكون إلى مساءتك. 43 / 12 - حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا الفضل بن حباب الجمحي، قال: حدثنا عبد الواحد بن سليمان، عن أبيه، عن الاجلح الكندي، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب الحيي المتعفف، ويبغض البذي السائل الملحف. 44 / 13 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو نصر محمد بن الحسين البصير السهروردي، قال: حدثنا الحسين بن محمد الاسدي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله بن جعفر العلوي المحمدي، قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثني جويبربن
سعيد، عن الضحاك بن مزاحم، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: أتاني أبو بكر وعمر فقالا: لو أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكرت له فاطمة، قال: فأتيته، فلما رآني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ضحك، ثم قال: ما جاء بك يا أبا الحسن وما حاجتك ؟ قال: فذكرت له قرابتي وقدمي في الاسلام ونصرتي له وجهادي، فقال: يا علي، صدقت، فأنت أفضل مما تذكر. فقلت: يا رسول الله، فاطمة تزوجنيها ؟ فقال: يا علي، إنه قد ذكرها قبلك رجال، فذكرت ذلك لها، فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رسلك حتى أخرج إليك، فدخل عليها فقامت إليه، فأخذت رداءه ونزعت نعليه، وأتته بالوضوء، فوضأته بيدها
[ 40 ]
وغسلت رجليه، ثم قعدت، فقال لها: يا فاطمة. فقالت: لبيك، حاجتك، يا رسول الله ؟ قال: إن علي بن أبي طالب من قد عرفت قرابته وفضله وإ سلامه، وإني قد سألت ربي أن يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئا فما ترين ؟ فسكتت ولم تول وجهها ولم ير فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كراهة، فقام وهو يقول: الله أكبر، سكوتها إقرارها، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، زوجها علي بن أبي طالب، فإن الله قد رضيها له ورضيه لها. قال علي: فزوجني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم أتاني فأخذ بيدي فقال: قم بسم الله وقل: " على بركة الله، وما شاء الله، لاقوة إلا بالله، توكلت على الله " ثم جاءني حين أقعدني عندها (عليها السلام)، ثم قال: " اللهم إنهما أحبي خلقك إلي فأحبهما، وبارك في ذريتهما، واجعل عليهما منك حافظا، وإ ني أعيذهما وذريتهما بك من الشيطان ا لرجيم ". 45 / 14 - حدثني جماعة، عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري، عن خاله، عن الاشعري، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن أسباط، عن داود، عن يعقوب
ابن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة عليا (عليها السلام) دخل عليها وهى تبكي، فقال لها: ما يبكيك ؟ فوالله لو كان في أهل بيتي خير منه زوجتك، وما أنا زوجتك ولكن الله زوجك، وأصدق عنك الخمس ما دامت السما وات وا لارض. قال علي (عليه السلام): ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قم فبع الدرع، فقمت فبعته وأخذت الثمن ودخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسكبت الدراهم في حجره، فلم يسألني كم هي ولا أنا أخبرته، ثم قبض قبضة ودعا بلالا فاعطاه وقال: ابتع لفاطمة طيبا. ثم قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الدراهم بكلتا يديه فأعطاها أبا بكر وقال: ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت، وأردفه بعمار بن ياسر وبعدة من أصحابه، فحضروا السوق فكانوا يعرضون الشئ مما يصلح فلا يشترونه حتى يعرضوه على أبي بكر فان استصلحه اشتروه، فكان مما اشتروه قميص بسبعة دراهم،
[ 41 ]
وخمار بأربعة دراهم، وقطيفة سوداء خيبرية، وسرير مزمل بشريط، وفراشان من جنس مصر، حشو أحدهما ليف، وحشو الاخر من جز الغنم، وأربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر (1)، وستر من صوف، وحصير هجري، ورحا اليد، ومخضب (2) من نحاس، وسقي من أدم، وقعب للبن، وشئ للما،، ومطهرة مزفتة، وجرة خضراء، وكيزان خزف. حتى إذا استكمل الشراء حمل أبو بكر بعض المتاع وحمل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين كانوا معه الباقي، فلما عرضوا المتا ع على رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل يقلبه بيده ويقول: بارك الله لاهل البيت. قال علي (عليه السلام): فإقمت بعد ذلك شهرا أصلي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأرجع إلى منزلي ولا أذكر شيئا من أمر فاطمة، ثم قلن أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا نطلب لك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخول فاطمة عليك ؟ قلت: افعلن، فدخلن
عليه فقالت أم أيمن: يا رسول الله، لو أن خديجة باقية لقرت عينها بزفاف فاطمة، وإن عليأ يريد أهله، فقر عين فاطمة ببعلها، واجمع شملهما، وقر عيوننا بذلك ! فقال: فما بال علي لا يطلب مني زوجته، فقدكنا نتوقع منه ذلك. قال علي (عليه السلام) فقلت: الحياء يمنعني يا رسول الله، فالتفت إلى النساء فقال: من هاهنا ؟ فقالت أم سلمة: أنا أم سلمة، وهذه زينب، وهذه فلانة وفلانة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هيئوا لابنتي وابن عمي في حجري بيتا. فقالت أم سلمة: في أي حجرة، يا رسول الله ؟ قال: في حجرتك. وأمر نساءه أن يزين ويصلحن من شأنها. فقالت أم سلمة: فسألت فاطمة هل عندك طيب ادخرتيه لنفسك ؟ قالت: نعم ؟ فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي، فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قط، فقلت: ما هذا ؟ فقالت: كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقول لي: يا فاطمة، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمك، فاطرح له الوسادة فيجلس عليها، فإذا
(1) الاذخر: خيش طيب الرائحة، أطول من الثيل. (2) المخضب: إناء تغسل فيه الثياب.
[ 42 ]
نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه، فسأل علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل (عليه السلام). قال علي (عليه السلام): ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، اصنع لاهلك طعاما فاضلا. ثم قال: من عندنا اللحم والخبز، وعليك التمر والسمن، فاشتريت تمرا وسمنأ، فحسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه خبيصا (1) وبعث إليناكبشا سمينا فذبح وخبز لنا خبزا كثيرا، ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): ادع من أحببت، فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة، فاستحييت أن اشخص قوما وأدع قوما، ثم صعدت على ربوة هناك، وناديت: أجيبوا إلى وليمة
فاطمة، فأقبل الناس أرسالا، فاستحييت من كثرة الناس وقلة الطعام، فعلم رسول الله (صلى عليه وآله) ما تداخلني فقال: يا علي، إني سأدعو الله بالبركة. قال علي (عليه السلام): وأكل القوم عن آ خرهم طعامي، وشربوا شرابي، ودعوالي بالبركة، وصدروا وهم أكثر من أربعة الاف رجل، ولم ينقص من الطعام شئ، ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالصحاف (2) فملئت، ووجه بها إلى منازل أزواجه، ثم أخذ صحفة وجعل فيها طعاما، وقال: هذا لفاطمة وبعلها، حتى إذا انصرفت الشمس للغروب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يا أم سلمة، هلمي فاطمة، فانطلقت فأتت بها وهي تسحب أذيالها، وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فعثرت فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): أقالك الله العثرة في الدنيا والاخرة، فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي (عليه السلام)، ثم أخذ يدها فوضعها في يد علي (عليه السلام)، فقال: بارك الله لك في ابنة رسول الله، يا علي، نعم الزوجة فاطمة، ويا فاطمة، نعم البعل علي، انطلقا إلى منزلكما ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما. قال علي (عليه السلام): فأخذت بيد فاطمة، وانطلقت بها حتى جلست في جانب
(1) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن. (2) الصحاف: جمع صحفة، القصعة الكبيرة.
[ 43 ]
الصفة (1)، وجلست في جانبها، وهي مطرقة إلى الارض حياء مني، وأنا مطرق إلى الارض حياء منها، ثم جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: من هاهنا ؟ فقلنا: ادخل يا رسول الله، مرحبا بك زائرأ وداخلا ؟ فدخل فأجلس فاطمة (عليها السلام) من جانبه وعليا (عليه السلام) من جانبه. ثم قال: يا فاطمة، إئتيني بماء، فقامت إلى قعب (2) في البيت فملاته ماء، ثم أتته به، فأخذ منه جرعة فتمضمض بها، ثم مجها في القعب، ثم صب منها على رأسها، ثم قال: أقبلي، فلفا أقبلت نضح منه بين ثدييها، ثم قال:
ادبري، فلما أدبرت نضح منه بين كتفيها، ثم قال: " اللهم هذه ابنتي وأحب الخلق إلي، اللهم وهذا أخى وأحب الخلق إلي، اللهم لك وليا، وبك حفيأ، وبارك له في أهله " ثم قال: يا علي، ادخل بأهلك، بارك الله لك، ورحمة الله وبركاته عليكم، إنه حميد مجيد. 46 / 15 - حدثني جماعة، عن أبي غالب الزراري، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابه، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن الخيبري، عن يونس بن ظببان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: لولا أن الله خلق أمير المؤمنين لفاطمة (عليهما السلام) ما كان لها كفؤ على الارض. 47 / 16 - وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل بفاطمة (عليها السلام) بعد وفاة أختها رقية زوجة عثمان بستة عشر يوما، وذلك بعد رجوعه من بدر، وذلك لايام خلت من شوال، وروي أ نه دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة، والله تعالى أعلم. 48 / 17 - وحدثني جماعة، عن أبي غالب، عن خاله، عن الاشعري، عن أبي عبد الله، عن منصور بن العباس، عن إسماعيل بن سهل الكاتب، عن أبي طالب الغنوي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: حرم الله (عز وجل) النساء على علي (عليه السلام) ما دامت فاطمة (عليها السلام) حية. قلت: فكيف ؟
(1) الصفة: الظلة، ومكان مظلل في مسجد المدينة. (2) القعب: القدح الضخم الغليظ.
[ 44 ]
قال: لانها طاهرة لا تحيض. 49 / 18 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو عمران موسى بن الحسن بن سلمان، قال: حدثني أبو بكر بن الحارث الباغندي، قال: حدثني عيسى بن رعبة، قال: حدثنا
محمد بن إدريس، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كان بالمدينة أقوام لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت الله عن عيوبهم الناس، فماتوا ولا عيوب لهم عند الناس، وكان في المدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلموا في عيوب الناس، فأظهر اللهم عيوبا، لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا. 50 / 19 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بني الاسلام على عشرة أسهم: على شهادة أن لا إله إلا الله وهي الملة، والصلاة وهي الفريضة، والصوم وهي الجنة، والزكا ة وهي المطهرة، وا لحج وهو ا لشريعة، والجهاد وهو العز، وا لامر بالمعروف وهو الوفاء، والنهي عن المنكر وهو الحجة، والجماعة وهي الالفة، والعصمة وهي الطاعة. 51 / 20 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: أربع من كن فيه كمل إيمانه، وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينقصه ذلك، وهي: الصدق، وأداء الامانة، والحياء، وحسن الخلق. 52 / 21 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله) قال: حدثني محمد بن الحسن بن مت الجوهري، عن محمد بن
[ 45 ]
أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن
أبان بن عثمان، عن كثير النواء، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن نوحا (عليه السلام) ركب السفينة في أول يوم من رجب، فأمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم، وقال: من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام سبعة أيام منه غلقت عنه أبواب النار السبعة، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنان الثمانية، ومن صام خمسة عشر يوما أعطي مسألته، ومن زاد على ذلك زاده الله. قال: وفي اليوم السابع والعشرين منه نزلت النبوة فيه على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن صام هذا اليوم كان ثوابه ثواب من صام ستين شهرا. 53 / 22 - أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن المغيرة، قال: أخبرني حيدر بن محمد السمرقندي، قال: حدثني محمد بن عمر الكشي، قال: حدثني محمد بن مسعرد العياشي، قال: حدثني جعفر بن معروف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام). يا ابن يزيد، أنت والله منا أهل البيت. قلت: جعلت فداك، من آل محمد ؟ قال: إي والله من أنفسهم. قلت: من أنفسهم، جعلت فداك ؟ قال: إى والله من أنفسهم ؟ يا عمر، أما تقرأ كتاب الله (عز وجل): " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين ءامنوا والله ولى المؤمنين " (1) وما تقرأ قول الله (عزاسمه): " فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم " (2). 54 / 23 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن المغيرة، قال: أخبرني حيدر بن محمد بن نعيم، عن محمد بن عمر، عن محمد بن مسعود، قال: حدثني محمد بن أحمد النهدي، قال: حدثني
(1) سورة آل عمران 3: 68. (2) سررة إبراهيم 14: 36. (*)
[ 46 ]
معاوية بن حكيم الدهني، قال: حدثنا شريف بن سابق التفليسي، قال: حدثنا حماد السمدري، قال: قلت لابي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): إني أدخل بلاد الشرك، وإن من عندنا يقول: إن مت ثم حشرت معهم ؟ قال: فقال لي: يا حماد، إذا كنت ثم تذكر أمرنا وتدعوإليه ؟ قال: قلت: نعم. قال: فإذا كنت في هذه المدن - مدن الاسلام - تذكر أمرنا وتد عو إليه ؟ قال: قلت: لا. فقال لي: إنك إن مت ثم حشرت أمة وحدك، وسعى نورك بين يديك. 55 / 24 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سعيد، عن هشام بن الحكم، قال: سالت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) بمنى عن خمس مائة حرف من الكلام. قال: فأقبلت أقول: يقولون كذا. قال: فيقول: يقال لهم كذا. فقلت: هذا الحلال والحرام والقران أعلم أ نك صاحبه وأعلم الناس به في هذا الكلام. قال: قال لي: وتشك يا هشام، يحتج الله (تعالى) على خلقه بحجة لا يكون عالما بكل ما يحتاج الناس إليه ! 56 / 25 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد، قال: أخبرني حيدر بن محمد بن نعيم، عن محمد بن عمر، عن محمد بن مسعود، عن جعفر بن معروف، قال: حدثني العمركي، قال: حد ثني الحسن ابن أبي لبابة، عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري، قال: قلت لابي جعفر محمد بن علي الثاني (عليه السلام): ما تقول جعلت فداك في هشام بن الحكم ؟ فقال: رحمه الله ما كان أذبه عن هذه الناحية. 57 / 26 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر
ابن محمد (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن شريف بن سابق، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال
[ 47 ]
رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وأول تحفة المؤمن أن يغفر له ولمن تبع جنازته. ثم قال: يا فضل، لا يأتي المسجد من كل قبيلة إلا وافدها، ومن كل أهل بيت إلا نحيبها. يا فضل، إنه لا يرجع صاحب المسجد بأقل من إحدى ثلاث: إما دعاء يدعو به يدخله الله به الجنة، وإما دعاء يدعو به ليصرف الله به عنه بلاء الدنيا، واما أخ يستفيده في الله (عز وجل). قال: ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الاسلام مثل أخ يستفيده في الله (عز وجل). ثم قال: يا فضل، لا تزهدوا في فقراء شيعتنا، فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر. ثم قال: يا فضل، إنما سمي المؤمن مؤمنا لانه يؤمن على الله فيجيز الله أمانه. ثم قال: أما سمعت الله (تعالى) يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة: " فما لنا من شافعين * ولنا صديق حميم " (1). 58 / 27 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث القاضي، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): من تعلم لله (عز وجل) وعمل لله وعلم لله، دعي في ملكوت
السماوات عظيما، وقيل: تعلم لله وعمل لله وعلم لله (2). 59 / 28 - أخبرنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال. حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عمن رواه، عن داود الرقي،
(1) سورة الشعراء 26: 100 و 101. (2) يأتي في الحديث: 280.
[ 48 ]
قال: قال الباقر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام): من زار الحسين (عليه السلام) في ليلة النصف من شعبان غفرت له ذنوبه، ولم تكتب عليه سيئة في سنته حتى تحول عليه السنة، فإن زاره في السنة المستقبلة غفرت له ذنوبه. 60 / 29 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الطيب محمد ابن أحمد الثقفي، قال: قرأت على أبي الحسين علي بن الحجاج وهو ينظر في كتابه، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن علي بن إبراهيم العمري، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن حرب الطائي، قال: حدثنا محمد بن الفضل، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه)، قال: قلت: يا رسول الله، ما لنا ولقريش إذا تلاقوا تلاقوا بوجوه مستبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك ؟ فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: والذي نفسي بيده، لا يدخل قلب رجل الايمان حتى يحبكم لله ولرسوله. 61 / 30 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن صالح السبيعي، قال: حدثنا أبو الحسين صالح ابن أحمد بن أبي مقاتل البزاز، قال: حدثني عثمان (1) بن عبد الرحمن الكوفي الخزاز، قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، قال: حدثنا يحيى بن علي، عن أبان بن تغلب، عن أبي داود الانصاري، عن الحارث الهمداني، قال: دخلث على أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ما جاء بك ؟ قال: فقلت: حتي لك يا أمير المؤمنين. فقال: يا حارث أتحبني ؟ فقلت: نعم والله، يا أمير المؤمنين. قال: أما لو بلغت نفسك الحلقوم رأيتني حيث تحب، ولو رأيتني وأنا أذود الرجال عن الحوض ذود غريبة الابل لرأيتني حيث تحب، ولو رأيتني وأنا مار على الصراط بلواء الحمد بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرأيتني حيث تحب. 62 / 31 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسن
(1) في نسخة عيسى.
[ 49 ]
ابن علي النحوي، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثني أبو نصر محمد ابن أحمد الطائي، قال: حدثنا علي بن محمد الصيمري الكاتب، قال: تزوجت ابنة جعفر بن محمود الكاتب وأحببتها حبا لم يحب أحد مثله، وأبطأ علي الولد، فصرت إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) فذكرت ذلك له، فتبسم وقال: اتخذ خاتما فصه فيروزج، واكتب عليه " رب لا تذربى فردا وأنت خير الوارثين " (1)، قال: ففعلت ذلك، فما أتى علي حول حتى رزقت منها ولدا ذكرا. 63 / 32 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني عبيدالله بن الحسن، قال: حدثني أبو سعيد محمد بن رشيد، قال: آخر شعر قاله السيد بن محمد (رحمه الله) قبل وفاته بساعة، وذلك أ نه أغمي عليه واسود لونه، ثم أفاق وقد ابيض وجهه، وهو يقول: أحب الذي من مات من أهل وده تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك ومن مات يهوى غيره من عدوه فليس له إلا إلى النار مسلك أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي ومالي وما أصبحت في الارض أملك أبا حسن إني بفضلك عارف وإ ني بحبل من هواك لممسك
وأنت وصي المصطفى وابن عمه وإنا نعادي مبغضيك ونترك مواليك ناج مؤمن بين الهدى وقاليك (2) معروف الضلالة مشرك ولاح لحاني في علي وحزبه وقلت لحاك الله إنك أعفك معنى أعفك: أحمق. 64 / 33 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو حفص عمربن محمد بن علي الصيرفي، قال: حدثنا أبو الحسن بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، قال: حدثني أبي موسى
(1) سورة الانبياه 21: 89. (2) القالي: المبغض.
[ 50 ]
ابن جعفر العبد الصالح، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي الشهيد، قال: حدثني أبي أمير المؤ منين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أتاه أمر يسره قال: " الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات " وإذا أتاه أمر يكرهه قال: " الحمد لله على كل حال ". 65 / 34 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي، قال: حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، قال: حدثنا الاعمش، عن عباية الاسدي، عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب (رحمه الله)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لام سلمة (رحمها الله): يا أم سلمة، علي مني، وأنا من علي، لحمه لحمي، ودمه دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى ؟ يا ام سلمة، اسمعي واشهدي، هذا علي سيد المسلمين.
66 / 35 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) قال: حدثني أبو علي محمد بن همام الاسكافي (رحمه الله) قال: حدثني أحمد بن موسى النوفلي، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن معاوية بن حكيم، قال: حدثني عبد الله بن سليمان التميمي، قال: لما قتل محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن صار إلى المدينة رجل يقال له " شبة بن عقال " ولاه المنصور على أهلها، فلما قدمها وحضرت الجمعة صار إلى مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، فرقا المنبر وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، إن علي بن أبي طالب شق عصا المسلمين، وحارب المؤمنين، وأراد الامر لنفسه، ومنعه من أهله، فحرمه الله أمنيته وأماته بغصته، وهؤلاء ولده يتبعون أثره في الفساد وطلب الامر بغير استحقاق له، فهم في نواحي الارض مقتلون وبالدماء مضرجون. قال: فعظم هذا الكلام منه على الناس، ولم يجسرأحد منهم أن ينطق بحرف،
[ 51 ]
فقام إليه رجل عليه إزار قومسي سحق (1) فقال: فنحن نحمد الله ونصلي على محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين، وعلى رسل الله وأنبيائه أجمعين، أما ما قلت من خير، فنحن أهله، وما قلت من سوء فأنت وصاحبك به أولى وأحرى، يا من ركب غير راحلته، وأكل غير زاده ارجع مأزورا، ثم أقبل على الناس فقال: ألا أنبئكم بأخف الناس يوم القيامة ميزانا، وأبينهم خسرانا ؟ من باع آخرته بدنيا غيره وهو هذا الفاسق. فأسكت الناس، وخرج الوالي من المسجد لم ينطق بحرف، فسألت عن الرجل فقيل لي، هذا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم). 67 / 36 " حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: حدثنا إبراهيم بن ميمون، قال: حدثنا مصعب بن سلام، عن
سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يصلي عند الاسطوانة السابعة من باب الفيل، إذ أقبل عليه رجل عليه بردان أخضران وله عقيصتان سوداوان، أبيض اللحية، فلما سلم أمير المؤمنين (عليه ا لسلام) من صلاته أكب عليه، فقبل رأسه، ثم أخذ بيده فأخرجه من باب كند ة. قال: فخرجنا مسرعين خلفهما ولم نأمن عليه، فاستقبلنا (عليه السلام) في جا زسوج (2) كندة، قد أقبل راجعا، فقال: ما لكم ؟ فقلنا: لم نأمن عليك هذا الفارس. فقال: هذا أخي الخضر، ألم تروا حيث أكب علي. قلنا: بلى. فقال: إنه قد قال لى: إنك في مدرة (3) لا يريدها جباربسوء إلا قصمه الله، واحذر الناس، فخرجت معه لاشيعه لا نه أراد الظهر.
(1) السحق من الثياب: البالي. (2) في حاشية النسخة: الجارسوج، معناه المربع. (3) المدرة المدينة أو القرية.
[ 52 ]
68 / 37 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: أخبرني أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا أبو عاصم، عن قيس بن مسلم، قال: سمعت طارق بن شهاب يقول: لما نزل علي (عليه السلام) بالربذة سألت عن قدومه إليها، فقيل: خالف عليه طلحة والزبير وعائشة، وصاروا إلى البصرة، فخرج يريدهم، فصرت إليه، فجلست حتى صلى الظهر والعصر، فلما فرغ من صلاته قام إليه ابنه الحسن بن علي (عليهما السلام) فجلس بين يديه، ثم بكى، وقال: يا أمير المؤمنين، إني لا استطيع أن أكلمك، وبكى.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبك يا بني، وتكلم، ولا تحن حنين الجارية. فقال: يا أمير المؤمنين، إن القوم حصروا عثمان يطلبونه بما يطلبونه، إما ظالمون أو مظلومون، فسألتك أن تعتزل الناس وتلحق بمكة حتى تؤوب العرب وتعود إليها أحلامها، وتأتيك وفودها، فوالله لو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الابل حتى تستخرجك منه، ثم خالفك طلحة والزبير فسألتك أن لا تتبعهما وتدعهما، فإن اجتمعت الامة فذاك، وإن اختلفت رضيت بما قضى الله، وأنا اليوم أسالك ألا تقدم العراق وأذكرك بالله أن لا تقتل بمضيعة. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما قولك: إن عثمان حصر ؟ فما ذاك وما علي منه وقد كنت بمعزل عن حصره ؟ وأما قولك: ائت مكة، فوالله ماكنت لاكون الرجل الذي تستحل به مكة، وأما قولك: اعتزل العراق ودع طلحة والزبير ؟ فوالله ما كنت لأكون كالضبع تنتظر حتى يدخل عليها طالبها، فيضع الحبل في رجلها حتى يقطع عرقوبها (1)، ثم يخرجها فيمزقها إرباإربا، ولكن أباك يا بني يضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه، وبالسامع المطيع العاصي المخالف أبدا حتى يأتي علي يومي، فوالله ما زال أبوك مدفوعا عن حقه مستأثرا عليه منذ قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى يوم
(1) العرقوب من الدابة: ما يكون في رجلها بمنزلة الركبة في يدها.
[ 53 ]
الناس هذا. فكان طارق بن شهاب أي وقت حدث بهذا الحديث بكى. 69 / 38 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمربن محمد، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا أبو العيناء، قال: حدثنا محمد بن مسعر، قال: كنت عند سفيان بن عيينة، فجاءه رجل فقال له: روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن العبد إذا أذنب ذنبا، ثم علم أن الله (عز وجل) يطلع عليه، غفر له.
فقال ابن عيينة: هذا كتاب الله (عز وجل)، قال الله (تعالى): " وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون * وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرداكم " (1) فإذا كان الظن هو المردي كان ضده هو المنجي. 70 / 39 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمار، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو نصر البزاز، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن ابن أبي الدرداء، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر 71 / 40 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب، قال: حدثنا محمد ابن مزيد، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثنا عبد الله بن نافع، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن ابن أخي جابر بن عبد الله، عن عمه جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المجالس بالامانة إلا ثلاثة مجالس: مجلس سفك فيه دم حرام، ومجلس استحل فيه فرج حرام، ومجلس استحل فيه مال حرام بغير حقه. 72 / 41 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد، قال: حدثنا علي بن ماهان، قال: حدثنا أبو منصور نصر بن الليث، قال: حدثنا
(1) سورة فصلت 41: 22 و 23.
[ 54 ]
مخول، قال: حدثنا يحيى بن سالم (1)، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي الزبير المكي، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). حق علي على هذه الامة كحق الوالد على الولد (2). 73 / 42 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حذئنا أبو الحسن أحمد بن
محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن أبي فاختة، قال: كنت أنا وأبو سلمة السراج ويونس بن يعقوب والفضيل بن يسار عند أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) فقلت له: جعلت فداك، إني أحضر مجالس هؤلاء القوم، فاذكركم في نفسي، فأي شئ أقول ؟ فقال: يا حسين، إذا حضرت مجالسهم فقل: " اللهم أرنا الرخاء والسرور " فإنك تأتي على ما تريد. قال: فقلت: جعلت فداك، إني أذكر الحسين بن علي (عليهما السلام) فأي شئ أقول إذا ذكرته ؟ فقال: قل: " صلى الله عليك يا أبا عبد الله " تكررها ثلاثا. ثم أقبل علينا وقال: إن أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) لما قتل بكت عليه السماوات السبع والارضون السبع، وما فيهن وما بينهن، ومن يتقلب في الجنة والنار، وما يرى وما لا يرى، إلا ثلاثة أشياء، فإنها لم تبك عليه. فقلت. جعلت فداك وما هذه الثلاثة أشياء التي لم تبك عليه ؟ فقال: البصرة، ودمشق، وآل الحكم بن أبي العاص. 74 / 43 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين ابن محمد النحوي، قال: حدثني أبو الحسين أحمد بن مازن، قال: حدثني القاسم بن
(1) في نسخة محمد بن سالم. (2) يأتي نحوه في الحديثين: 503 و 673.
[ 55 ]
سليمان البزاز، قال: حدثني بكر بن هشام، قال: حدثني إسماعيل بن مهران، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، قال: حدثني محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله
جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إن الحسين بن علي (عليهما السلام) عند ربه (عزوجل) ينظر إلى موضع معسكره، ومن حله من الشهداء معه، وينظرإلى زواره وهو أعرف بحالهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم، وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله (عزوجل) من أحدكم بولده، وإنه ليرى من يبكيه فيستغفر له ويسأل آباءه (عليهم السلام) أن يستغفروا له، ويقول: لو يعلم زائري ما أعد الله له لكان فرحه أكثر من جزعه، وإن زائره لينقلب وما عليه من ذنب 75 / 44 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الشافعي، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمربن علي ابن أبي طالب، قال: حدثني الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: كان يقال: لا يحل لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيره. 76 / 45 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين ابن علي التمار، قال: حدثنا علي بن ماهان، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا صهيب بن عباد بن صهيب، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: مر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالمقبرة - ويروى بالمقابر - فسلم ثم قال: " السلام عليكم يا أهل المقبرة والتربة، اعلموا أن المنازل بعدكم قد سكنت، وأن ا لاموال بعدكم قد قسمت، وأن الازواج بعدكم قد نكحت، فهذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم ؟ ". فأجابه هاتف من المقابر يسمع صوته ولا يرى شخصه: عليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، أما خبر ما عندنا فقد وجدنا ما عملنا، وربحنا ما قدمنا، وخسرنا ما خلفنا. فالتفت إلى أصحابه فقال: أسمعتم ؟ قالوا: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فتزودوا فإن خير الزاد التقوى.
[ 56 ]
77 / 46 - قال: وأخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو، قال: سمعت أبا رجاء يقول: لا تسبوا عليا ولا أهل هذا البيت، فان جارا لنا من النجير قدم الكوفة بعد قتل هشام بن عبد الملك زيد بن علي (عليهما السلام)، ورآه مصلوبا فقال: ألا ترون إلى هذا الفاسق، كيف قتله الله ؟ قال: فرماه اشه بقرحتين في عينيه، فطمسي الله بهما بصره، فاحذروا أن تتعرضوا لاهل هذا البيت إلا بخير. 78 / 47 - قال: وأخبرني أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا علي بن مهرويه، عن داود بن سليمان الغازي، قال: حد ثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: الملوك حكام على الناس، والعلم حاكم عليهم، وحسبك من العلم أن تخشى الله، وحسبك من الجهل أن تعجب بعلمك. 79 / 48 - وبهذا الاسناد، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) يقول: ما استودع الله عبدا عقلا إلا استنقذه به يوما. 80 / 49 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسين البزوفري (رحمه الله) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الحسن بن إبراهيم، قال: حدثنا علي ابن داود، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا أبو عمرو الصنعاني، قال: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما تواضع أحد إلا رفعه الله. 81 / 50 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد
ابن علي بن رياح القرشي إجازة، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: إن أبا ذر وسلمان خرجا في طلب
[ 57 ]
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل لهما: إنه توجه إلى ناحية قبا، فاتبعاه فوجداه ساجدا تحت شجرة، فجلسا ينتظرانه حتى ظنا أ نه نائم، فإهويا ليوقظاه، فرفع رأسه إليهما، ثم قال: قد رأيت مكانكما، وسمعت مقالكما، ولم أكن راقدا، إن الله بعث كل نبي كان قبلي إلى أمته بلسان قومه، وبعثني إلى كل أسود وأحمر بالعربية، وأعطاني في أمتي خمس خصال، لم يعطها نبياكان قبلي: نصرني بالرعب، يسمع بي القوم بيني وبينهم مسيرة شهر، فيؤمنون بي، وأحل لي المغنم، وجعل لي الارض مسجدا وطهورا، أينماكنت منها أتيمم من تربتها وأصلي عليها، وجعل لكل نبي مسألة فسألوه إياها فأعطاهم ذلك في الدنيا، وأعطاني مسألة، فأخرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من أمتي إلى يوم القيامة ففعل ذلك، وأعطاني جوامع العلم ومفاتيح الكلام ولم يعط ما أعطاني نبيا قبلي، فمسألتي بالغة إلى يوم القيامة لمن لقي الله لا يشرك به شيئا، مؤمنا بي، مواليا لوصيي، محبا لاهل بيتي. 82 / 51 - وأخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم الكاتب، قال: حدثنا محمد بن أبي الثلج، قال: أخبرني عيسى بن مهران، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثني كثير بن طارق، قال: سألث زيد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) عن قول الله (تعالى): " لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا " (1) ؟ فتال: يا كثير إنك رجل صالح، ولست بمتهم، وإني أخاف عليك أن تهلك، إن كل إمام جائر فإن أتباعه إذا أمر بهم إلى النار نادوا باسمه، فقالوا: يا فلان، يا من أهلكنا،
هلم فخلصنا متا نحن فيه، ثم يدعون بالويل والثبور، فعندها يقال لهم: " لا تدعوا اليوم ثبورا واحد ا وادعوا ثبورا كثيرا ". ثم قال زيد بن علي (رحمه الله): حدثني أبي علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام). يا علي، أنت
(1) سورة الفرقان 25: 14.
[ 58 ]
وأصحابك في الجنة، أنت وأتباعك يا علي في الجنة. 83 / 52 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الحاسب، قال: حدثنا سليمان بن أحمد الواسطي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا نصر بن نصير البحراني، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يا أيها الناس، اتقوا الله واسمعوا. قالوا: لمن السمع والطاعة بعدك يا رسول الله ؟ قال: لاخي وابن عمي ووصيي علي بن أبي طالب. قال جابر بن عبد الله: فعصوه والله، وخالفوا أمره، وحملوا عليه ا لسيوف. 84 / 53 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد المقرئ، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق، قال: حدثنا عمر بن عاصم، قال: حدثنا معمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي، عن جندب الغفاري: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن رجلا قال يوما: والله لا يغفر الله لفلان. قال الله (عزوجل): " من ذا الذي تألى (1) علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عمل المتألي بقوله: لا يغفر الله لفلان ". 85 / 54 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن
الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الازدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عباية بن ربعى، قال: كان علي أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرا ما يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله ما من أرض مخصبة ولامجدبة، ولا فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا وأنا أعلم قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم القيامة.
(1) أي حلف.
[ 59 ]
86 / 55 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثني الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا العباس بن عبد الله العنبري، عن عبد الرحمن بن الاسود اليشكري، عن عون بن عبيدالله، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما وهو نائم، وحية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبي (صلى الله عليه وآله) وظننت أ نه يوحى إليه، فاضطجعت بينه وبين الحية، فقلت: إن كان منها سوءكان إلي دونه، فمكثت هنيئة فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله) هو يقرأ: " إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا " (1) حتى أتى على الا خرالاية، ثم قال: الحمد لله الذي أتم لعلي نعمته، وهنيئا له بفضل الله الذي آتاه. ثم قال لي: ما لك هاهنا ؟ فأخبرته خبر الحية، فقال لي: اقتلها ؟ ففعلت. ثم قال: يا أبا رافع، كيف أنت وقوم يقاتلون عليا، وهو على الحق وهم على الباطل، جهادهم حق لله (عزاسمه)، فمن لم يستطع فبقلبه ليس وراءه شئ ؟ فقلت. يا رسول الله، ادع الله لي إن أدركتمهم أن يقويني على قتالهم. قال: فدعا
النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: إن لكل نبي أمينا، وإن أميني أبو رافع. قال: فلما بايع الناس عليا (عليه السلام) بعد عثمان، وسار طلحة والزبير ذكرت قول النبي (صلى الله عليه وآله) فبعت داري بالمدينة وأرضا لي بخيبر، وخرجت بنفسي وولدي مع أمير المؤمنين (عليه السلام) لاستثهد بين يديه، فلم أزل معه حتى عاد من البصرة، وخرجت معه إلى صفين، فقاتلت بين يديه بها، وبالنهروان، ولم أزل معه حتى استشهد، فرجعت إلى المدينة وليس لي بها دار ولا أرض، فأقطعني الحسن بن علي (عليهما السلام) أرضا بينبع، وقسم لي شطر دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنزلتها وعيا لي.
(1) سورة المائدة 5: 55.
[ 60 ]
87 / 56 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن شعيب العقرقوفي، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول لاصحابه وأنا حاضر: اتقوا الله، وكونوا أخوة بررة متحابين في الله، متواصلين مترا حمين، تزاوروا وتلاقوا وتذا كروا وأحيوا أمرنا. 88 / 57 - وأخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي، قال: أخبرني عباد بن يعقوب، قال: حدثنا الحكم بن ظهير، عن أبي إسحاق، عن رافع مولى أبي ذر، قال: رأيت أبا ذر (رحمه الله) اخذا بحلقة باب الكعبة، مستقبل الناس بوجهه، وهو يقول: من عرفني فأنا جندب الغفاري، ومن لم يعرفني فانا أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من قاتلني في الاولى وقاتل أهل بيتي في الثانية حشره الله (تعالى) في الثالثة مع الدجال، إنما مثل أهل بيتي فيكم
كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثل باب حطة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك. 89 / 58 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن ليلة القدر ؟ فقال: تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى سماء الدنيا، فيكتبون ما هو كائن في أمر السنة وما يصيب العباد فيها. قال: وأمر موقوف لله (تعالى) فيه المشيئة، يقدم منه ما يشاء، ويؤخر ما يشاء، وهو قوله (تعالى): " يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " (1). 90 / 59 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر
(1) سورة الرعد 13: 39.
[ 61 ]
الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا محمد بن هارون بن عبد الرحمن الحجازي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عيسى بن أبي الورد، عن أحمد بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): لا يقل مع التقوى عمل، وكبف يقل ما يتقبل ؟ 91 / 60 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن حسين المقرئ، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن محمد، قال: حدثنا أبو العباس الاحوص بن علي بن مرداس، قال: حدثني محمد بن الحسين بن عيسى الرواسي، قال: حدثني سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن من اليقين أن لا ترضوا الناس بسخط الله، ولا تكرهوهم (1) على ما لم يؤتكم الله من فضله، فإن الرزق
لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كره كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لادركه كما يدركه الموت. تم المجلس الثاني بحمد الله تعالى، ويتلوه المجلس الثالث من الامالي للشيخ السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رضي الله عنه وأرضاه، بمحمد وآله الطاهرين.
(1) في نسخة: ولا تلوموهم.
[ 63 ]
(13) المجلس الثالث فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 92 / 1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله تعالى) قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان (1) العرش: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبي (عليه السلام)، فيأتي النداء من عند الله (عزوجل): لسنا إياك أردنا، وإ ن كنت لله خليفة. ثم ينادي مناد ثانيا: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيأتي النداء من قبل الله (عزوجل: يا معشر الخلائق، هذا علي بن أبي طالب، خليفة الله في أرضه، وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم، يستضئ بنوره، وليتبعه إلى الدرجات العلا من الجنان.
قال: فيقوم الناس الذين قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة.
(1) بطنان الشئ: وسطه.
[ 64 ]
ثم يأتي النداء من عند الله (عزوجل): ألا من تعلق بامام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به، فحينئذ يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب فتقطعت بهم الاسباب. وقال الذين اتبعوا: لو أن لناكرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا مناكذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (1). 93 / 2 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا المظفر بن أحمد البلخى، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد ابن الحسين، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا حفص بن عمر الفراء، قال: حدثنا أبو معاذ الخزاز، قال: حدثني يونس بن عبد الوارث، عن أبيه، قال: بينا ابن عباس (رحمه الله) يخطب عندنا على منبر البصرة، إذ أقبل على الناس بوجهه، ثم قال: أيتها الامة المتحيرة في دينها، أما والله لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله، ما عال سهم من فرائض الله، ولا عال ولي لله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم. " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " (2). 94 / 3 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبيد بن حمدون الرواسي، قال: حدثنا الحسن بن طريف، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لا تجد عليا (عليه السلام) يقضي بقضاء إلا وجدت له أصلا في السنة. قال: وكان علي (عليه السلام) يقول: لو اختصم إلي رجلان فقضيت بينهما، ثم مكثا
أحوالا كثيرة، ثم أتياني في ذلك الامر، لقضيت بينهما قضاء واحدا، لان القضاء لا يحول ولا يزول.
(1) تضمين من سورة البقرة 2: 166 و 167. ويأتي في الحديث: 153 سندا ومتنا. (2) سورة الشعراء 26: 227. ويأتي في الحديث: 154.
[ 65 ]
95 / 4 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير المقرئ، قال: أخبرني أبو القاسم علي بن محمد، قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا الحسن بن علي بن يوسف، عن أبي عبد الله زكريا بن محمد المؤمن، عن سعيد بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إن رسول الله (صلى الله عيه وآله) حضر شابا عند وفاته، فقال له: قل: لا إله إلا الله. قال: فاعتقل لسانه مرارا، فقال لامرأة عند رأسه: هل لهذا أم ؟ قالت: نعم، أنا أمه. قال: أفساخطة أنت عليه ؟ قالت: نعم، ماكلمته منذ سث حجج. قال لها: ارضي عنه. قالت: رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله). قل: لا إله إلا الله. قال: فقالها. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما ترى ؟ فقال: أرى رجلا أسود، قبيح المنظر، وسخ الثياب، منتن الريح، قد وليني الساعة فأخذ بكظمي (1). فقال النبي (صلى الله عليه وآله) قل: " يا من يقبل اليسير، ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير، واعف عني الكثير، إنك أنت الغفور الرحيم " فقالها الشاب، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): انظر ما ترى ؟ قال: أرى رجلا أبيض اللون، حسن الوجه، طيب الريح، حسن الثياب، قد وليني، وأرى ا لاسود وقد ولى عني. قال: أعد، فأعاد. قال: ما ترى ؟ قال: لست أرى الاسود، وأرى الابيض قد وليني، ثم طفا (2) على تلك الحال. 96 / 5 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال
المهلبي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن البغدادي، قال: حدثنا الحسين بن عمر المقرئ، عن علي بن الازهر، عن علي بن صالح المكي، عن محمد بن عمربن علي، عن أبيه، عن جده (عليه السلام) قال: لما نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله) " إذا جاء
(1) الكظم: مخرج النفس من الحلق. (2) أي مات.
[ 66 ]
نصر الله والفتح " (1) فقال لي: يا علي، لقد جاء نصر الله والفتح، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا. يا علي، إن الله (تعالى) قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي، كما كتب عليهم جهاد المشركين معي. فقلت: يا رسول الله، وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد ؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأ ني رسول الله، وهم مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني. فقلت: فعلى م نقاتلهم يا رسول الله، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؟ فقال: على إحداثهم في دينهم، وفراقهم لامري، واستحلالهم دماء عترتي. قال: فقلت: يا رسول الله، إنك كنت وعدتني الشهادة فسل الله تعجيلها لي. فقال: أجل قد كنت وعدتك الشهادة، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا ؟ - وأومى إلى رأسي ولحيتي -. فقلت: يا رسول الله، أما إذا بينت لي ما بينت فليس هذا بموطن صبر، لكنه موطن بشرى وشكر. فقال: أجل فأعد للخصومة فإنك تخاصم أمتي. قلت: يا رسول الله، أرشدني الفلج (2). ثار: إذا رأيت قومك قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم، فإن الهدى من الله والضلال من الشيطان، يا علي، إن الهدى هو اتبا ع أمر الله دون الهوى والرأي، وكانك بقوم قد تأولوا القران وأخذوا
بالشبهات فاستحلوا الخمر والنبيذ والبخس بالزكاة والسحت بالهدية. فقلت: فما هم إذا فعلوا ذلك، أهم أهل فتنة أو أهل ردة ؟ فقال: هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل. فقلت: يا رسول الله، العدل منا أم من غيرنا ؟ فقال: بل منا، بنا فتح الله وبنا يختم، وبنا أ لف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة. فقلت:
(1) سورة النصر 110: 1. (2) فلج بحجته: أحسن الادلاء بها فغلب خصمه.
[ 67 ]
الحمد لله على ما وهب لنا من فضله. 97 / 6 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب، قال: سمعت أبا محمد الوابشي (1) رواه عن أبي الورد، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الاولين والاخرين عراة حفاة، فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم، فيمكثون بذلك ما شاء الله، وذلك قوله: " فلا تسمع إلا همسا " (2) ثم قال: ينادي مناد من تلقاء العرش: أين النبي الامي ؟ قال: فيقول الناس قد أسمعت كلا، فسم باسمه. فقال: فينادي أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله ؟ قال: فيقوم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيتقدم أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة (3) وصنعاء، فيقف عليه، ثم ينادي بصاحبكم، فيقوم أمام الناس فيقف معه، ثم يؤذن للناس فيمرون. قال أبو جعفر (عليه السلام): فبين وارد يومئذ وبين مصروف، داذا رأى رسول الله
(صلى الله عليه وآله) من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكى، وقال: يا رب شيعة علي، يا رب شيعة علي. قال: فيبعث الله إليه ملكا فيقول له: ما يبكيك، يا محمد ؟ قال: فيقول: وكيف لا أبكي لاناس من شيعة أخي علي بن أبي طالب، أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار، ومنعوا من ورود حوضي. قال: فيقول الله (عزوجل) يا محمد، قد وهبتهم لك، وصفحت لك عن ذنوبهم، وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولون من ذريتك،
(1) في نسخة: الواسطي. (2) سورة طه 20: 108. (3) أيلة: مدينة على ساحل البحر الاحمر مما يلي الشام.
[ 68 ]
وجعلتهم في زمرتك، وأورد تهم حوضك، وقبلت شفاعتك فيهم وأكرمتك بذلك. ثم قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام): فكم من باك يومئذ وباكية ينادون: يا محمداه ؟ إذا رأوا ذلك. قال: فلا يبقى أحد يومئذ كان يتولانا ويحبنا إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا. 98 / 7 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أ بو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، قال حدثنا أبو علي محمد بن هشام الاسكافي، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء، قال: حدثنا أبو سعيد الادمى، قال: حدثني عمر بن عبد العزيز المعروف بزحل، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن صالح الاعمال البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وفي ذلك مرغمة للشيطان، وتزحزح عن النيران، ودخول الجنان. يا جميل، أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك. قلت: من غرر أصحابي ؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر. ثم قال: أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله صاحب القليل فقال: " ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة
ومن يوق شح نفسه يه فأولئك هم المفلحون " (1). 99 / 8 - أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني الحسين بن محمد بن عامر، عن القاسم بن محمد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: كان فيما وعظ لقمان ابنه أن قال له: يا بني، اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا لك في طلب العلم، فإنك لن تجد لك تضييعا مثل تركه. 100 / 9 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو علي الحسن بن عبد الله القطان، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن صالح التمار، قال: حدثنا محمد بن مسلم الرازي، قال: حدثنا
(1) سورة الحشر 59: 9.
[ 69 ]
عبد الله بن رجاء، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال: كنت جالسا عند أبي بكر، فأتاه رجل فقال: يا خليفة رسول الله، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعدني أن يحثو لي ثلاث حثيات من تمر. فقال أبو بكر: ادعوا لي عليا. فجاءه علي (عليه السلام) فقال أبو بكر: يا أبا الحسن، إن هذا يذكر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعده أن يحثو له ثلاث حثياتي من تمر، فاحثها له، فحثا له ثلاث حثيات من تمر، فقال أبو بكر: عدوها، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة، فقال أبو بكر: صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سمعته ليلة الهجرة ونحن خارجون من مكة إلى المدينة يقول: يا أبا بكر، كفي وكف علي في العدل سواء. 101 / 10 - أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو علي الحسن بن عبد الله القطان، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن السماك، قال: حدثنا أحمد بن الحسين، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن بسام، عن علي بن الحكم، عن ليث بن
سعد، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أحبوا عليا، فإن لحمه لحمي ودمه دمي، لعن الله أقواما من أمتي ضيعوا فيه عهدي، ونسوا فيه وصيتي، ما لهم عند الله من خلاق (1). 102 / 11 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن العباس، قال: لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إنا أعطيناك الكوثر " (2) قال له علي بن أبي طالب: ما هو الكوثر، يا رسول الله ؟ قال: نهر أكرمني الله به. قال علي (عليه السلام): إن هذا لنهر شريف، فانعته لنا يا رسول الله. قال: نعم يا علي، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله (تعالى)، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من
(1) الخلاق: النصيب. (2) سورة الكوثر 108: 1.
[ 70 ]
العسل، وألين من الزبد، حصاه الزبرجد والياقوت والمرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الاذفر (1)، قواعده تحت عرش الله (عزوجل)، ثم ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على جنب أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: يا علي، إن هذا النهر لي ولك ولمحبيك من بعدي. 103 / 12 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا عمرو بن شمر، قال: سمعت جابر بن يزيد الجعفي يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول: حدثني أبي، عن جدي (عليهما السلام) قال: لما توجه أمير
المؤمنين (عليه السلام) من المدينة إلى الناكثين بالبصرة نزل بالربذة، فلما ارتحل منها لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له فائد (2) فقربه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له عبد الله: الحمد لله الذي رد الحق إلى أهله، ووضعه في موضه، كره ذلك قوم أو استبشروا به، فقد والله كرهوا محمد ا (صلى الله عليه وآله) ونابذ وه وقاتلوه فرد الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السوء عليهم، والله لنجاهدن معك في كل موطن حفظا لرسول الله (صلى الله عليه وآله). فرحب به أمير المؤمنين (عليه السلام) وأجلسه إلى جنبه، وكان له حبيبا ووليا، يسائله عن الناس، إلى أن سأله عن أبي موسى الاشعري، فقال: والله ما أنا وا ثق به، وما آمن عليك خلافه إن وجد مساعدا على ذلك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ماكان عندي مؤتمنا ولا ناصحا، ولقد كان الذين تقدموني استولوا على مودته وولوه وسلطوه بالامر على الناس، ولقد أردت عزله، فسألني الاشتر فيه أن أقره فأقررته على كره مني له، وعملت على صرفه من بعد.
(1) الاذفر: الشد يد الرائحة. (2) فائد: جبل في طريق مكة.
[ 71 ]
قال: فهو مع عبد الله في هذا ونحوه إذ أ قبل سواد كثير من قبل جبال طيئ، فقال أمير المزمنين (عليه السلام): انظروا ما هذا ؟ وذهبت الخيل تركض، فلم تلبث أن رجعت فقيل له: هذه طيئ قد جاءتك تسوق الغنم والابل والخيل، فمنهم من جاءك بهداياه وكرامته، ومنهم من يريد النفور معك إلى عدوك. فقال أمير المؤمنين: جزى الله طيا خيرا " وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عضيما " (1). فلما انتهوا إليه سلموا عليه، قال عبد الله بن خليفة: فسرني والله ما رأيت من
جماعتهم وحسن هيئتهم، وتكلموا فأقروا والله عيني، ما رأيت خطيبأ أبلغ من خطيبهم، وقام عدي بن حاتم الطائي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني كنث أسلمت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأديت الزكاة على عهده، وقاتلت أهل الردة من بعده، أردت بذلك ما عند الله، وعلى الله ثواب من أحسن واتقى، وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك، وخالفوا عليك ظالمين، فأتينا لنصرك بالحق، فنحن بين يديك، فمرنا بما أحببت ثم أنشأ يقول: بحق نصرنا الله من قبل ذاكم وأنت بحق جئتنا فستنصر سنكفيك دون الناس طرا بنصرنا وأنت به من سائر الناس أجدر فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزاكم الله من حي عن الاسلام وعن أهله خيرا، فقد اسلمتم طائعين، وقتلتم المرتدين، ونويتم نصر المسلمين. وقام سعيد بن عبيد البحتري من بني بحتر، ففال: يا أمير المؤمنين، إن من الناس من يقدر أن يبين بلسانه عما في قلبه، ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجد في نفسه بلسانه، فان تكلف ذلك شق عليه، وإن سكت عما في قلبه برح به الهم والبرم،
(1) سورة النساء 4: 95.
[ 72 ]
وإني والله ماكل ما في نفسي أقدر أن أؤديه إليك بلساني، ولكن والله لاجهدن على أن أبين لك، والله ولي التوفيق. أما أنا، فإني ناصح لك في السر والعلانية، ومقاتل معك الاعداء في كل موطن، وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك، ولا لاحد اليوم من أهل زمانك، لفضيلتك في الاسلام، وقرابتك من الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولن أفارقك أبدا حتى
تظفر أو أموت بين يديك. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): يرحمك الله، فقد أدى لسانك ما يكن ضميرك لنا، ونسأل الله أن يرزقك العافية ويثيبك الجنة. وتكلم نفر منهم، فما حفظت غير كلام هذين الرجلين، ثم ارتحل أمير المؤمنين (عليه السلام) واتبعه منهم ستمائة رجل حتى نزل ذاقار، فنزلها ألف وثلاثمائة رجل. 104 / 13 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا عمر بن محمد الوراق، قال: حدثنا علي بن عباس البجلي، قال: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا محمد بن تسنيم الوراق، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله (عزو جل): " والسابقون السابقون * أولئك المقربون * في جنات النعيم " (1). فقال: قال لي جبرئيل: ذاك علي وشيعته، هم السابقون إلى الجنة، المقربون من الله البكرامته لهم. 105 / 14 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: أخبرني علي أبو الحسن علي بن سليمان بن الجهم، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثنا العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم
(1) سورة الواقعة 56: 10 - 12.
[ 73 ]
الثقفي، قال: سألث أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) عن قول الله (عزوجل): " فأولئك يبدل ألله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما " (1). فقال (عليه السلام): يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب،
فيكون الله (تعالى) هو الذي يتولى حسابه، لا يطلع على حسابه أحدا من الناس، فيعرفه ذنوبه حتى إذا اقر بسيئاته قال الله (عزو جل) لملائكته: بدلوها حسنات وأظهروها للناس. فيقول الناس حينئذ: ما كان لهذا العبد سيئة واحدة، ثم يأمر الله به إلى الجنة، فهذا تأويل الاية، وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة. 106 / 15 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: كان أبي علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: أربع من كن فيه كمل إيمانه، ومحصت عنه ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض: من وفى لله بما جعل على نفسه للناس، وصدق لسانه مع الناس، واستحيا من كل قبيح عند الله وعند الناس، وحسن خلقه مع أهله. 107 / 16 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر ابن محمد (رحمه الله)، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن العلاء، عن الحسن بن محمد ابن شمون، عن حماد بن عيسى، عن إسماعيل بن خالد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: جمعنا أبو جعفر (عليه السلام) فقال: يا بني إياكم والتعرض للحقوق، واصبروا على النوائب، وإن دعاكم بعض قومكم إلى أمر ضرره عليكم أكثر من نفعه لكم فلا تجيبوه. 108 / 17 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر
(1) سورة الفرقان 25: 70.
[ 74 ]
الجعابي، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي، قال: حدثنا عبيدالله بن
محمد العيشي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عى أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا شهر رمضان شهر مبارك، افترض الله صيامه، تفتح فيه أبواب الجنان، وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فمن حرمها فقد حرم - يردد ذلك (صلى الله عليه وآله) ثلاث مرات -. 109 / 18 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله، قال: حدثنا سعدان بن سعيد، قال: حدثنا سفيان بن إبراهيم الغامدي (1) 1 قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: بنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم، والذي يحلف به لينتصرن البكم كما انتصر بالحجارة. 110 / 19 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا النعمان بن أحمد القاضي الواسطي ببغداد، قال: وأخبرنا إبراهيم بن عرفة النحوي، قالا: حدثنا أحمد بن رشيد بن خثيم الهلالي، قال: حدثنا عمي سعيد، قال: حدثنا مسلم الملائي (2)، قال: جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: والله يا رسول الله، لقد أتيناك وما لنا بعير يئط ولا غنم تغط (3)، ثم أنشأ يقول: أتيناك يا خير البرية كلها لترحمنا مما لقينا من الازل (4)
(1) في نسخة: الفايدي، وفي اخرى: العابدي، وهو سفيان بن إبراهيم بن مزيد الازدي الجريري، عد ه الشيخ الطوسي من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام)، وغامد بطن من الازد. (2) في النسخ: الغلابي، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر. تهذيب الكمال 27: 530 مؤسسة الرسالة، بيروت، وروى الماوردي في أعلام النبوة: 171 نحو هذا الحديث بالاسناد عن مسلم الملائي، عن أنس بن مالك. (3) أطيط الابل. صوتها وحنينها، والغطيط: الصوت أيضا.
(4) الازل: القحط والجدب.
[ 75 ]
أتيناك والعذراء يدمى لبانها (1) وقد شغلت أم البنين عن الطفل وألقى بكفيه الفتى استكانة من الجوع ضعفا ما يمرولايحلي ولا شئ مما يأكل الناس عندنا سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل (2) وليس لنا إلا إليك فرارنا وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للصحابة: إن هذا الاعرابي يشكو قلة المطر وقحطا شديدا. ثم قام يجر رداءه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وكان فيما حمده به أن قال: الحمد لله الذي علا في السماء وكان عاليا، وفي الارض قريبا دانيا أقرب إلينا من حبل الوريد ؟ ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مريئأ، مريعا، غدقا، طبقا، عاجلا غير رائث (3)، نافعا غير ضار، تملأ به الزرع، وتنبت الزرع، وتحيي به الارض بعد موتها. فما رد يده إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالاكليل، والتقت السماء بأرواقها (4)، وجاه أهل البطاح يضجون: يا رسول الله، الغرق الغرق. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم حوالينا ولا علينا، فانجاب السحاب عن إلسماء، فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال: لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه، من ينشدنا قوله ؟ فقام عمر بن الخطاب، فقال: عسى أردت، يا رسول الله:
(1) اللبان - بالفتح -: الصدر، - وبالكسر -: الرضاع. (2) الحنظل العامي: أي اليا بس، الذي أتى عليه عام، والعلهز: نبت كالبردي، والفسل: المسترذل الردئ. (3) المغيث: ا لعا م، والمريع: المخصب، والغدق: الغزير الغامر، وغير رائث: غير بطئ. (4) الاوراق: جمع ورق، وروق السحاب: سيله، أي ألقت السماء بجميع ما فيها من المطر.
[ 76 ]
وما حملت من ناقة فوق ظهرها أبر وأوفى ذمه من محمد فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس هذا من قول أبي طالب، هذا من قول حسان بن ثابت. فقام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال: كأنك أردت، يا رسول الله: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للارامل تلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نماصع دونه ونقاتل (1) ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أجل. فقام رجل من بني كنانة، فقال: لك الحمد والحمد ممن شكر سقينابوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوة وأشخص منه إليه البصر فلم يك إلا كإلقا الردا وأسرع حتى أتانا الدرر دفاق العزالي جم البعاق أغاث به الله غليا مضر (2) فكان كما قاله عمه أبو طالب ذارواء غزر به الله يسقي صيوب الغمام فهذا العيان وذاك الخبر فقال رسول الله (صلى الله عيه وآله): يا كناني بوأك الله بكل بيت قلته بيتا في الجنة.
111 / 20 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد الوراق، قال:
(1) يبزى: أي يترك ويسلم، والمماصعة: المقاتلة والمجالدة بالسيوف. (2) العزالي: جمع عزلاء، وهو فم المزادة الاسفل، شبه اتساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة، والبعاق: سحاب يتصبب بشدة.
[ 77 ]
حدثنا عبد الله بن الازرق الشيباني، قال: حدثنا أبو الجحاف، عن معاوية بن ثعلبة، قال: لما استوسق (1) الامر لمعاوية بن أبي سفيان أنفذ بسر بن أرطاة إلى الحجاز في طلب شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان على مكة عبيدالله بن العباس بن عبد المطلب، فطلبه فلم يقدر عليه، فأخبر أن له ولدين صبيين فبحث عنهما فوجدهما وأخذهما، فأخرجهما من الموضع الذي كانا فيه، ولهما ذؤابتان، فأمر بذبحهما فذبحا، وبلغ أمهما الخبر، فكادت نفسها تخرج، ثم أنشأت تقول: ها من أحس بنيي اللذين هما كالدرتين تشظا عنهما الصدف ها من أحس بنين اللذين هما سمعي وعيني فقلبي اليوم يختطف نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا من قولهم ومن الافك الذي اقترفوا أحنى على ودجى طفلي مرهفة مشحودة وكذاك الظلم والسرف من دل والهة عبرى مفجعة على صبيين فاتا إذ مضى السلف قال: ثم اجتمع عبيدالله بن عباس من بعد ببسر بن أرطاة عند معاوية، فقال معاوية لعبيدالله: أتعرف هذا الشيخ قاتل الصبيين ؟ قال بسر: نعم أنا قاتلهما فمه ؟ فقال عبيدالله: لو أن لي سيفا ! قال بسر: فهاك سيفي، وأومأ إلى سيفه، فزبره فعاوية وانتهره، وقال: أ نى لك
من شيخ، ما أحمقك ! تعمد إلى رجل قد قتلت ابنيه فتعطيه سيفك، كأنك لا تعرف أكباد بني هاشم، والله لو دفعته إليه لبدأ بك وثنى بي. فقال عبيدالله: بل والله كنت أبدأ بك ثم أثني به. 112 / 21 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن المسعودي، قال: حدثنا الحارث بن حصيرة، عن عمران بن الحصين، قال: كنت أنا
(1) أي انتظم.
[ 78 ]
وعمر بن الخطاب جالسين عند النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) جالس إلى جنبه، إذ قرأ رسول الله، (صلى الله عليه وآله): " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أء له مع الله قليلا ما تذكرون " (1). قال: فانتفض علي (عليه السلام) كانتفاض العصفور، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما شأنك تجزع ؟ فقال: وما لي لا أجزع والله يقول: إنه يجعلنا خلفاء الارض. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): لا تجزع، فوالله لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. 113 / 22 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني جعفر بن محمد بن سليمان أبو الفضل، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثني محمد بن إسحاق التغلبي (2) الموصلي أبو نوفل، قال: سمعت جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام) يقول: نحن خيرة الله من خلقه، وشيعتنا خيرة الله من أمة نبيه. 114 / 23 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد ابن محمد الزراري (رحمه الله)، قال: حدثنا عمي علي بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن
خالد الطيالسي، قال: حدثني العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم الثقفي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول: لادين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله. 115 / 24 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمز بن محمد المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدثني الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: قال
ل (1) سورة النمل 27: 62. (2) في نسخة: الثعلبي.
[ 79 ]
أمير المؤمنين (عليه السلام): لو رأى العبد أجله وسرعته إليه، لابغض الامل، وترك طلب ا لد نيا. 116 / 25 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا المظفر بن محمد البلخي الوراق، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي الكاتب، قال: حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: لا يزال المؤمن في صلاة ماكان في ذكر الله قائما كان أو جالسا أو مضطجعا، إن الله (تعالى) يقول: " الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار " (1). 117 / 26 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ياسر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: إذا كذب الولاة
حبس المطر، وإذا جار السلطان هانت الدولة، وإذا حسبت الزكاة ماتت المواشي. 118 / 27 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم، قال: حدثنا عبد الله بن محمد الفزاري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، عن جا بر. قال: وحدثني جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): ألا أبشرك، ألا أمنحك ؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: فإني خلقت أنا وأنت من طينة واحدة، ففضلت منها فضلة فخلق منها
(1) سورة آل عمران 3: 191.
[ 80 ]
شيعتنا، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأمهاتهم إلا شيعتك فإنهم يدعون بأسماء آبائهم لطيب مولدهم. 119 / 28 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن أبي أيوب بساحل الشام، قال: حدثنا جعفر بن هارون المصيصي، قال: حدثنا خالد بن يزيد القسري، قال: حدثنا أبي الصيرفي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول: برئ الله ممن تبرأ منا، لعن الله من لعننا، أهلك الله من عادانا، اللهم إنك تعلم أ نا سبب الهدى لهم، وإنما يعادوننا لك، فكن أنت المتفرد بعداوتهم. 120 / 29 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الربعي، قال: حدثنا
الحسين بن محمد بن عامر، قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري، قال: حدثنا محمد ابن جمهور العمي، قال: حدثنا جعفر بن بشير، قال: حدثني سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: لما قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة لهدم البيت، تسرعت الحبشة فأغاروا عليها وأخذوا سرحا لعبد المطلب بن هاشم، فجاء عبد المطلب إلى الملك فاستأذن عليه، فأذن له وهو في قبة ديباج على سرير له، فسلم عليه فرد أبرهة السلام، فجعل ينظر في وجهه، فراقه حسنه وجماله وهيئته. فقال له: هل كان في آبائك مثل هذا النور الذي أراه لك والجمال ؟ قال: نعم أيها الملك، كل آبائي كان لهم هذا الجمال والنور والبهاء. فقال له أبرهة: لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا، ويحق لك أن تكون سيد قومك. ثم أجلسه معه على سريره، وقال لسائس فيله الاعظم - وكان فيلا أبيض عظيم الخلق، له نابان مرصعان بأنواع الد رر والجواهر، وكان الملك يباهي به ملوك الارض -: ائتني به، فجاء به سائسه، وقد زين بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له، ولم يكن يسجد لملكه، وأطلق الله لسانه بالعربية فسلم على عبد المطلب،
[ 81 ]
ولما رأى الملك ذلك ارتاع له وظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه. ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت ؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك فسلني ما شئت، وهو يرى أ نه يسأله في الرجوع عن مكة، فقال له عبد المطلب: إن أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم برده علي. قال: فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك وشرف قومك، ومكرمتكم
التي تتميزون بها من كل جيل، وهو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الارض، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك ! فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، وللبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم، وأولى به منهم. فقال الملك: ردوا إليه سرحه، وانصرف إلى مكة، وأتبعه الملك بالفيل الاعظم مع الجيش لهدم البيت، فكانوا إذا حملوه على دخول الحرم أناخ، وإذا تركوه رجع مهرولا. فقال عبد المطلب لغلمانه: ادعوا لي ابني، فجئ بالعباس، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجئ بأبي طالب، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجئ بعبدالله أبي النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما أقبل إليه قال: اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس (1)، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر، فانظر أي شئ يجئ من هناك وخبرني به. قال: فصعد عبد الله أبا قبيس، فما لبث أن جاء طير أبابيل (2) مثل السيل والليل، فسقط على أبي قبيس، ثم صار إلى البيت فطاف به سبعا، ثم صار إلى الصفا والمروة فطاف بهما سبعا، فجاء عبد الله إلى أبيه فأخبره الخبر، فقال: انظر يا بني ما يكون من
(1) أبو قيس: جبل بمكة. (2) أبابيل: جماعات.
[ 82 ]
أمرها بعد فأخبرني به، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة، فأخبر عبد المطلب بذلك، فخرج عبد المطلب وهو يقول: يا أهل مكة، اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم. قال: فأتوا العسكر، وهم أمثال الخشب النخرة، وليس من الطير إلا ما معه ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه، يقتل بكل حصاة منها واحدا من القوم، فلما أتوا على
جميمهم انصرف الطير، ولم ير قبل ذلك ولا بعده، فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبدالمطبب إلى البيت فتعلق بأستاره وقال: يا حابس الفيل بذي المغمس (1) حبسته كأنه مكوكس (2) في محبس تزهق فيه الانفس فانصرف وهو يقول في فرار قريش وجزعهم من الحبشة: طارت قريش إذ رأت خميسا فظلت فردا لا أرى أنيسا ولا أحس منهم حسيسا إلا أخالي ماجدا نفيسا مسودا في أهله رئيسا 121 / 30 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبو الوليد العباس بن بكار الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، قال: حدثنا محمد بن سيرين، قال: سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون: لما فرغ علي بن أبي طالب (عليه السلام) من الجمل، عرض له مرض، وحضرت الجمعة، فتأخر عنها، وقال لابنه الحسن (عليه السلام): انطلق يا بني فجمع بالناس. - فأقبل الحسن (عليه السلام) إلى المسجد، فلما استقل على المنبر حمد الله وأثنى عليه وتشهد وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال: أيها الناس، إن الله اختارنا بالنبوة،
(1) المغمس: موضع بطريق الطائف. (2) أي منكس.
[ 83 ]
واصطفانا على خلقه، وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا إلا تنقصه الله في عاجل دنياه وآجل آخرته، ولا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة " ولتعلمن نبأ ه بعد حين " (1).
ثم جمع بالناس، وبلغ أباه كلامه، فلما انصرف إلى أبيه (عليه السلام) نظر إليه وما ملك عبرته أن سألت على خديه، ثم استدناه إليه فقبل، بين عينيه، وقال: بابي أنت وأمي " ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " (2). 122 / 31 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا ثوابة بن يزيد، قال: حدثنا أحمد بن علي ابن المثنى، عن شبابة بن سوار، قال: حدثني مبارك بن سعيد، عن خليد الفراء، عن أبي المحبر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع مفسدة للقلوب: الخلوة بالنساء، وا لاستماع منهن، والاخذ برأيهن، ومجالسة الموتى. فقيل: يا رسول الله، وما مجالسة الموتى ؟ قال: مجالسة كل ضال عن الايمان، وجائر عن الاحكام. 123 / 32 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن حريش، قال: حدثنا أحمد بن برد، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبي لبابة بن عبد المنذر: أنه جاء يتقاضى أبا اليسر دينا له عليه، فسمعه يقول: قولوا له ليس هو هاهنا، فصاح أبو لبابة: يا أبا اليسر، اخرج إلي، فخرج إليه، فقال: ما حملك على هذا ؟ فقال: العسر، يا أبا لبابة. قال: الله. قال: الله. فقال أبو لبابة: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أحب أن يستظل من
(1) سورة ص 38: 88. (2) سورة آل عمران 3: 34 ويأتي في الحديث: 159.
[ 84 ]
فور جهنم ؟ فقلنا: كلنا نحب ذلك. قال: فلينظر غريما أو ليدع لمعسر (1). 124 / 33 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد
الزيات، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) يقول: من استفاد أخا في الله، فقد استفاد بيتا في الجنة. 125 / 34 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن ماهان، قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، قال: حدثنا بندار بن عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن سهل بن الجراح، عن عطاء بن يزيد، عن تميم الداري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الدين نصيحة. قيل: لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه، وللائمة في الدين، ولجماعة المسلمين. 126 / 35 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين البصير، قال: حدثنا أحمد بن نصر بن سعيد الباهلي، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدثنا عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: لما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مناسكه من حجة الوداع، ركب راحلته وأنشأ يقول: لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما. فقام إليه أبو ذر الغفاري (رحمه الله) فقال: يا رسول الله، وما ا لاسلام ؟ فقال (صلى الله عليه وآله): الاسلام عريان لباسه التقوى، وزينته الحياء، وملاكه الورع، وجماله (2) الد ين، وثمره العمل الصالح، ولكل شئ أساس، وأساس الاسلام حبنا أهل البيت. 127 / 36 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن
(1) يأتي في الحديث: 1025. (2) في نسخة: وكماله.
[ 85 ]
سالم الجعابي، قال: حدثنا عمرو بن سعيد السجستاني، قال: حدثنا محمد بن يزيد الفريابي (1)، قال: حدثنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زر ابن حبيش، عن حذيفة بن اليمان، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: أتاني ملك لم يهبط إلى الارض قبل وقته، فعرفني أ نه استأذن الله (عزوجل) في السلام علي، فأذن له فسلم علي، وبشرني أن ابنتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين (عليهما السلام) سيدا شباب أهل الجنة. 128 / 37 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن ماهان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مسلم، قال: حدثنا عروة بن خالد، قال: حدثنا سليمان التميمي، عن أبي مجلز، عن قيس بن سعد بن عبادة، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: أنا أول من يجثو بين يدي الله (عزوجل) يوم القيامة للخصومة. 129 / 38 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن مسلم القطان، قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، قال: حدثنا صباح المزني، عن حكيم ابن جبير، عن عقبة الهجري، عن عمه، قال: سمعت عليا (عليه السلام) على المنبر وهو يقول: لاقولن اليوم قولا لم يقله أحد قبلي، ولا يقوله أحد بعدي إلا كاذب، أنا عبد الله وأخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونكحت سيدة نساء الامة. 130 / 39 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: أيسب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيكم ؟ فقلت:
(1) في نسخة: القرياني.
[ 86 ]
معاذ الله ! قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من سب عليا فقد سبني. 131 / 40 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا الحسين بن سعيد الاهوازي، قال: حدثنا علي بن حديد، عن سيف بن عميرة، عن مدرك بن زهير، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): يا مدرك، إن أمرنا ليس بقبوله فقط، ولكن بصيانته وكتمانه عن غير أهله، اقرأ أصحابنا السلام ورحمة الله وبركاته وقل لهم: رحم الله امرءا اجتر مودة الناس إلينا، فحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون. 132 / 41 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا خالد بن يزيد بن كثير الثقفي، قال: حدثني أبو خالد، عن حنان بن سدير، عن أبي إسحاق، عن ربيعة السعدي، قال: أتيت حذيفة بن اليمان، فقلت له: حدثني بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورأيته يعمل به. فقال: عليك بالقران. فقلت له: قد قرأت القران، وإنما جئتك لتحد ثني بما لم أره ولم أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، اللهم إني أشهدك على حذيفة أ ني أتيته لتحدثني فإنه قد سمع وكتم. قال: فقال حذيفة: قد أبلغت في الشدة، فقال لي: خذها قصيرة من طويلة، وجامعة لكل أمرك، إن آية الجنة في هذه الامة لتأكل الطعام وتمشي في الاسواق. فقلت له: فبين لي آية الجنة فأتبعها، وآية النار فأتقيها.
فقال لي: والذي نفس خذيفة بيده، إن آية الجنة والهداة إليها إلى يوم القيامة لائمة آل محمد (عليهم السلام)، وإن آية النار والدعاة إليها إلى يوم القيامة لاعداؤهم (1).
(1) يأتي في الحدثي: 171.
[ 87 ]
133 / 42 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرني عبيدالله بن القاسم (1)، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن جبلة بن سحيم، عن أببه، قال: لما بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بلغه أن معاوية قد توقف عن إظهار البيعة له، وقال: إن أقرني على الشام وأعمالي التي ولانيها عثمان بايعته، فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا أمير المؤمنين، إن معاوية من قد عرفت، وقد ولاه الشام من قد كان قبلك، فوله أنت كيما تتسق عرى الامور ثم اعزله إن بدا لك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه ؟ قال: لا. قال: لا يسألني الله (عزوجل) عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا: " وما كنت متخذ المضلين عضدا " (2) لكن أبعث إليه وأدعوه إلى ما في يدي من الحق، فإن أجاب فرجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، وإن أبى حاكمته إلى الله، فولى المغيرة وهو يقول: فحاكمه إذن وأنشأ يقول: نصحت عليا في ابن حرب نصيحة فرد فما منى له (3) الدهر ثانيه ولم يقبل النصح الذي جئته به وكانت له تلك النصيحة كافيه (4) وقالوا له ما أخلص النصح كله
فقلت له إن النصيحة غاليه
(1) في نسخة: عبد الله بن أبي هاشم. (2) سو ة الكهف 18: 51. (3) أي ما قدر له. (4) في نسخة: عافية.
[ 88 ]
فقام قيس بن سعد (رحمه الله) فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة أشار عليك بأمر لم يرد الله، فقدم فيه رجلا وأخر فيه أخرى، فإن كان لك الغلبة تقرب إليك بالنصيحة، وإن كانت لمعاوية تقرب إليه بالمشورة، ثم أنشأ يقول: كاد ومن أرسى ثبيرا مكانه مغيرة أن يقوى عليك معاوية وكنت بحمد الله فينا موفقا وتلك التي أراكها غير كافيه فسبحان من علا السماء مكانها وأرضا دحاها فاستقرت كما هية 134 / 43 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد البصري، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا موسى بن زكريا، قال حدثنا أبو خالد، قال: حدثني العتبي، قال: سمعت الشعبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: العجب ممن يقنط ومعه الممحاة. فقيل له: وما الممحاة ؟ قال: الاستغفار. 135 / 44 - أخبرنا محمد بن محمد، " قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا جدي
أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال: ألا أخبركم بأشد ما افترض الله على خلقه ؟ إنصاف الناس من أنفسهم، ومواساة الاخوان في الله (عزوجل)، وذكر الله على كل حال، فإن عرضت له طاعة لله عمل بها، وإن عرضت له معصية تركها (1). 136 / 45 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن
(1) يأتي نحو ه في الحديثين: 1393 و 1446.
[ 89 ]
عمر الجعابي، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن صالح القاضي، قال: حدثنا مسروق ابن المرزبان، قال: حدثنا حفص، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأن أبخل الناس من بخل بالسلام. 137 / 46 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني الحسن بن حماد بن حمزة أبو علي من أصل كتابه، قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا محمد بن سليمان الاصفهاني، عن عبد الرحمن الاصفهاني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: د عاني النبي (صلى الله عليه وآله) وأنا أرمد العين، فتفل في عيني وشد العمامة على رأسي، وقال: اللهم اذهب عنه الحر والبرد، فما وجدت بعدها حرا ولا بردا. 138 / 47 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر (رحمه الله)، قال: حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة، قال: حدثنا عبدوس بن محمد الحضرمي، قال: حدثنا محمد بن فرات، عن أبي إسحاق، عن
الحا رث، عن علي (عليه السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتينا كل غداة فيقول: الصلاة رحمكم الله الصلاة " إنما يريد الله ليذ هب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (1). 139 / 48 - حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي، قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا علي بن سلمة، عن أبي أسلم محمد بن مخلد، عن أبي هياج عبد الله بن عامر، قال: لما أتى نعي الحسين (عليه السلام) إلى المدينة خرجت أسماء بنت عقيل بن أبي طالب (رضي الله عنهما) في جماعة من نسائها حتى
(1) سورة الاحزاب 33: 33.
[ 90 ]
انتهت إلى قبر رسول الله (ملى الله عليه وآله)، فلاذت به وشهقت عنده، ثم التفتت إلى المهاجرين والانصار، وهي تقول. ماذا تقولون إن قال النبي لكم يوم الحساب وصدق القول مسموع خذلتم عترتي أو كنتم غيبا والحق عند ولي الامر مجموع أسلمتموهم بايدي الظالمين فما منكم له اليوم عند الله مشفوع ما كان عند غداة الطف إذ حضروا تلك المنايا ولا عنهن مدفوع قال: فما رأينا باكيا ولا باكية أكثر مما رأينا ذلك اليوم. 140 / 49 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن
عمران المرزباني، قال: حذثنا أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثني الحسن بن عليل العنزي، عن عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي، عن عبد العظيم بن عبد الله العلوي، عن الحسن بن الحسين العرني، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: أصبحت يوما أم سلمة (رضي الله عنها) تبكي، فقيل لها: مم بكاؤك ؟ فقالت: لقد قتل ابني الحسين الليلة، وذلك - أ نني ما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ مض إلا الليلة، فرأيته شاحبا كئيبا، فقالت: قلت: مالي أراك يا رسول الشاحبا كئيبا ؟ قال: ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين وأصحا به (عليه وعليهم السلام). 141 / 50 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا سليمان بن مقبل الحارثي، قال: حدثنا المحفوظ بن المنذر، قال: حدثني شيخ من بني تميم، كان يسكن الرابية قال: سمعت أبي يقول: ما شعرنا بقتل الحسين (عليه السلام) حتى كان مساء
[ 91 ]
ليلة عاشورا، فإني جالس بالرابية ومعي رجل من الحي فسمعنا هاتفا يقول: والله ما جئتكم حتى بصرت به بالطف منعفر الخدين منحورا وحوله فتية تدمى نحورهم مثل المصابيح يطفون الدجى نورا وقد حثثت قلوصي (1) كي أصادفهم من قبل أن يتلاقى الخرد (2) الحورا فعاقني قدر والله بالغه وكان أمرا قضاه الله مقدورا كان الحسين سراجا يستضاء به الله يعلم أني لم أقل زورا صلى الاله على جسم تضمنه قبر الحسين حليف الخير مقبورا مجاورا لرسول الله في غرف وللرصي وللطيار مسرورا فقلت له: من أنت يرحمك الله ؟ قال: أنا وأبي من جن نصيبين، أردنا مؤازرة
الحسين (عليه السلام) ومواساته بأنفسنا، فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلا. 142 / 51 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا محمد بن مهران، قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، عن عمر بن عبد الواحد، عن إسماعيل بن راشد، عن حذلم بن ستير (3)، قال: قدمت الكوفة في المحرم من سنة إحدى وستين، منصرف علي بن الحسين (عليهما السلام) بالنسوة من كربلاء ومعهم الاجناد يحيطون بهم، وقد خرج الناس للنظر إليهم، فلما أقبل بهم على الجمال بغير وطاء جعل نساء الكوفة يبكين، ويلتدمن (4)، فسمعت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول بصوت ضئيل، وقد نهكته العلة، وفي عنقه الجامعة، ويده مغلولة إلى عنقه: إن هؤلاء النسوة يبكين، فمن قتلنا ؟ !
(1) القلوص: الناقة الشابة. (2) الخرد: جمع خرود، البكر التي لم تمس. (3) في نسخة: كثير. (4) التدمت المرأة: ضربت صدرها في النياحة، وقيل: ضربت وجهها في المأتم.
[ 92 ]
قال: ورأيت زينب بنت علي (عليه السلام) ولم أر خفرة (1) قط أنطق منها، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (عليه السلام). قال: وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الانفاس، وسكنت الاصوات، فقالت: الحمد لله، والصلاة على أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله). أما بعد: يا أهل الكوفة، ويا أهل الختل والخذل، فلا رقأت العبرة ولا هدأت الرنة، فإنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم (2)، ألا وهل فيكم ألا الصلف الظلف والضرم الشرف (3) خوارون في اللقاء،
عاجزون عن الاعداء، ناكثون للبيعة، مضيعون للذمة، فبئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون (4). أتبكون ! إي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا، ولقد فزتم بعارها وشنارها (5)، ولن تغسلوا دنسها عنكم أبد ا. فسليل خاتم الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، وأمارة محجتكم، ومدرجة حجتكم خذلتم وله قتلتم ! ألا ساء ما تزرون (6) فتعسا ونكسا، ولقد خاب السعي، وتبت الايدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله " وضربت عليهم الذلة والمسكنة " (7). ويلكم ! أتدرون أي كبد لمحمد فريتم، وأي دم له سفكتم، وأي كريمة له أصبتم ة لقد جئتم شيئا إذا * تكاد السموات يتفطرن منة وتنشق الارض وتخر
(1) الخفرة الحيية. () تضمين من سورة النحل 16: 92. (3) في أمالي الشيخ المفيد: 322 الصلف النطف والصدر الشنيف. والنطف: المريب أو النجس، والشنيف: المبغض. (4) تضمين من سورة المائدة 5: 80 (،) الشنار: أقبح العيب والعار. (6) تضمين من سورة الانعام 6: 31 والنحل 16: 25. (7) سورة البقرة 2: 61.
[ 93 ]
الجبال هدأ " (1). ولقد أتيكم بها خرقاء شوهاء بلاغ الارض والسماء، أفعجبتم أن قطرت السماء د ما، ولعذا ب ا لاخرة أخرى، فلا يستخفنكم (2) المهل، فإنه لا يحفزه ا لبدا ر، ولا يخاف عليه فوت (3) الثار، كلا " إن ربك لبالمرصاد " (4).
قال: ثم سكتت، فرأيت الناس حيارى، قد ردوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا قد بكى حتى اخضلت لحيته، وهو يقول: كهولكم خير الكهول ونسلكم إذا عد نسل لا يخيب ولا يخزى 143 / 52 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعيد الرزاق، قال: حدثني مسعود بن عمرو الجحدري، قال: حدثني إبراهيم بن داحة، قال: أول شعر رثي به الحسين بن علي (عليه السلام) قول عقبة بن عمر والسهمي، من بني سهم بن عوف ابن غالب: إذا العين قرت في الحياة وأنتم تخافون في الدنيا فأظلم نورها مررت على قبر الحسين بكربلا ففاض عليه من دموعي غزيرها فما زلت أرثيه وأبكي لشجوه (5) ويسعد عيني دمعها وزفيرها وبكيت من بعد الحسين عصائبا أطافت به من جانبيه قبورها سلام على أهل القبور بكربلا وقل لها مني سلام يزورها سلام بآصال العشي وبالضحى تؤديه نكباء الرياح ومورها (6)
(1) سورة مريم 19: 89 و 90. (2) في نسخة: يستعجلنكم. (2) في نسخة: فوات. (4) سورة الفجر 89: 14. (5) الشجو: الهم والحزن، والشوط من البكاء. (6) النكباء: ريح انحرفت ووقعت بين ريحين كالصبا والشمال، والمور: الغبار تثيره الريح، والمور: الاضطراب.
[ 94 ]
ولا برح الوفاد زوار قبره يفوح عليهم مسكها وعبيرها (1)
144 / 53 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر العياشي، قال: حدثنا محمد بن حاتم (2)، قال: حدثني محمد بن معاذ، قال: حدثنا زكريا بن عدي، قال: حدثنا عبيدالله بن عمر (3)، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه ووآله) يقول على المنبر: ما بال أقوام يقولون: إن رحم رسول الله لا تشفع (4) يوم القيامة ؟ بلى والله، إن رحمي لموصلة في الدنيا والاخرة، وإني أيها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل: يا رسول الله، أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته، لكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال وارتددتم على أعقابكم القهقرى. 145 / 54 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي، قال: حدثني أبو الحسن علي بن الفضل، قال: حدثني أبو تراب عببدالله بن موسى، قال: حدثني أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن موسى (عليه السلام) يقول: ملاقاة الاخوان نشرة (5) تلقيح للعقل وإن كان نزرا قليلا. 146 / 55 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني المظفر بن محمد الوراق، قال: حدثني أبو علي محمد بن هشام، قال: حدثني أبو سعيد الحسن بن زكريا البصري، قال: حدثني عمرو (6) بن المختار، قال: حدثني أبو محمد النرسي، عن
(1) يأتي في الحديث: 417. (2) في نسخة: خالد. (3) في نسخة: عمرو. (4) في نسخة: لا تنفع. (5) النشرة: الرقية التي يعالج بها المريض والمجنون.
(6) في نسخة: عمر.
[ 95 ]
النضر بن سويد، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف بك يا علي إذا وقفت على شفير جهنم وقد مد الصراط، وقيل للناس: جوزوا، وقلت لجهنم: هذا لي وهذا لك ؟ فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، ومن أولئك ؟ فقال: أولئك شيعتك معك حيث كنت. تم المجلس الثالث، والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين، ويتلوه المجلس الرابع من أمالي الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه.
[ 97 ]
(4) المجلس الرابع فيه أحاديث أحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي، وبقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 147 / 1 - أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت الاهوازي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ، قال: أخبرنا جعفر بن عبد الله، قال: حدثنا عمر بن خالد أبو حفص، عن محمد بن يحيى المدني، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: من كان في حاجة أخيه المؤمن المسلم، كان الله في حاجته ماكان في حاجة أخيه. 148 / 2 - وبهذا الاسناد، عن ابن عقدة، عن عاصم بن عمرو، عن محمد بن
مسلم، قال: أتاني رجل من أهل الجبل، فدخلت معه على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال له عند الوداع: أوصني. فقال: أوصيك بتقوى الله وبر أخيك المسلم، وأحب له ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك، وإن سألك فأعطه، وإ ن كف عنك فاعرض عليه، ولا تمله خيرا فإنه لا يملك، وكن له عضدا فإنه لك عضد، إن وجد عليك فلا
[ 98 ]
تفارقه حتى تسل سخيمته (1)، وإن غاب فاحفظه في غيبته، وإن شهد فاكنفه وأعضده ووازره وأكرمه ولاطفه، فإنه منك وأنت منه. 149 / 3 - وبهذا الاسناد، عن ابن عقدة، قال: حدثني أحمد بن الحسن، قال: حدثنا الهيثم بن محمد، عن محمد بن الفيض، عن معلى بن خنيس، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما حق المؤمن على المؤمن ؟ قال: سبع حقوق واجبات، ما منها حق إلا واجب عليه، إن خالفه خرج من ولاية الله، وترك طاعته، ولم يكن لله فيه نصيب. قال: قلت حدثني ماهن ؟ فقال: ويحك يا معلى، إني عليك شفيق، أخشى أن تضيع ولا تحفظ، وأن تعلم ولا تعمل. قال: قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال (عليه السلام): أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك، والحق الثاني أن تمشي في حاجته وتتبع رضاه ولا تخالف قوله، والحق الثالث أن تصله بنفسك ومالك ويديك ورجليك ولسانك، والحق الرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته وقميصه، والحق الخامس أن لا تشبع ويجوع ولا تلبس ويعرى ولا تروى ويظمأ، والحق السادس أن يكون لك امرأة وخادم وليس لاخيك امرأة وخادم فتبعث بخادمك فتغسل ثيابه، وتصنع طعامه، وتمهد فراشه، فإن ذلك كله لما جعل بينك وبينه، والحق السابع أن تبر قسمه، وتجيب دعوته، وتشهد جنازته، وتعود
مريضه، وتشخص ببدنك في قضاء حوائجه، ولا تلجئه إلى أن يسألك، فإذا حفظت ذلك منه فقد وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايته (تعالى). 150 / 4 - وبهذا الاسناد، عن ابن عقدة، قال: حدثنا محمد بن الفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس بن رمانة، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إنه من عظم دينه عظم إخوانه، ومن استخف بدينه
(1) السخيمة: الموجدة والضغينة في النفس.
[ 99 ]
استخف باخوانه، يا محمد، اخصص بمالك وطعامك من تحبه في الله (عزوجل). 151 / 5 - وبهذا الاسناد، عن المفضل بن قيس، عن أيوب بن محمد المسلي، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: من كان وصل لاخيه بشفاعة في دفع مغرم أو جر مغنم، ثبت الله (عزوجل) قدميه يوم تزل فيه الاقدام. 152 / 6 - وبهذا الاسناد، عن ابن عقدة، قال: حدثني أحمد بن يحيى بن المنذر، قال: حدثنا حسين بن محمد، قال: حدثني أبي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن صفوان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أيما رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة، وهو يقدر على قضائها، فمنعه إياها، عيره الله يوم القيامة تعييرا شديدا، وقال له: أتاك أخوك في حاجة قد جعلت قضاؤها في يدك، فمنعته إياها زهدا منك في ثوابها، وعزتي لا أنظر إليك اليوم في حاجة معذبا كنت أو مغفورا لك. 153 / 7 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: اين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبي (عليه السلام)، فيأتي النداء من عند الله (عزوجل): لسنا إياك أردنا
وإن كنت لله خليفة. ثم ينادي ثانية: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيأتي النداء من قبل الله (عزوجل). يا معشر الخلائق، هذا علي بن أبي طالب، خليفة الله في أرضه وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا، فليتعلق بحبله في هذا اليوم، ليستضئ بنوره، وليتبعه إلى الدرجات الغلا من الجنان. قال: فيقوم أناس قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة. ثم يأتي النداء من عند الله (عزوجل): ألا من إئتم بامام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به، فحينئذ " يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقظعت بهم الاسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لناكرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا مناكذلك يريهم
[ 100 ]
الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار " (1). 154 / 8 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن أحمد البلخي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا حفص بن عمر الفراء " قال: حدثنا أبو معاذ الخزاز، قال: حدثني يونس بن عبد الوارث، عن أبيه، قال: بينا ابن عباس (رحمه الله) يخطب عندنا على منبر البصرة إذ أقبل على الناس بوجهه، ثم قال: أيتها الامة المتحيرة في دينها، أما والله لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله، ما عال سهم من فرائض إذ ولا عال ولي لله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم " وسيعلم الذين ظلموا أي، منقلب ينقلبون " (2). 155 / 9 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي التمار، قال: حدثنا أبو عبد الله بن محمد (3)، قال: حدثنا سويد، قال: حدثنا الحكم بن
سنان، عن سدوس صاحب السابري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة فدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار نادى مناد تحت العرش: تتاركوا المظالم بينكم، فعلي ثوابكم. 156 / 10 - أخبرنا محمد بن محمد والحسن بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى العسكري، قال: حدثني أحمد بن زيد بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أكثم أبو عبد الله، قال: حدثني أبي يحيى بن أكثم القاضي، قال: أقدم المأمون دعبل بن علي الخزاعي (رحمه الله) وآ منه على نفسه، فلقا مثل بين يديه - وكنت جالسا بين يدي
(1) تضمين للايتين 166 - 167 من سورة البقرة. وقد تقدم في الحدبث: 92 سندا ومتنا. (2) سورة الشعراء 26: 227. وقد تقدم في الحديث: 93. (3) كذا، ويحتمل كونه أبا القاسم عبد الله بن محمد البغوي، فإنه يروي عن سويد بن سعيد، أو أبا عبد الله محمد ابن أيوب الرازي ابن ضريس، فإنه من مشايخ أبي الطيب التمار.
[ 101 ]
المأمون - فقال له: أنشدني قصيدتك، فجحدها دعبل، وأنكر معرفتها. فقال له: لك الامان عليها كما أمنتك على نفسك، فأنشده: تأسفت جارتي لما رأت زوري وعدت الحلم ذنبا غير مغتفر ترجوالصبا بعدما شابت ذوائبها وقد جرت طلقا في حلبة الكبر أجارتي إن شيب الرأس يعلمني (1) ذكر المعاد وأرضاني عن القدر لو كنت أركن للدنيا وزينتها إذن بكيت على الماضين من نفر أخنى الزمان على أهلي فصدعهم تصد ع القعب (2) لاقى صدمة الحجر بعض أقام وبعض قد أهاب به (3) داعي المنية والباقي على الاثر أما المقيم فاخشى أن يفارقني ولسث أوبة من ولى بمنتظر
أصبحت أ خبر عن أهلي وعن ولدي كحالم قص رؤيا بعد مدكر لولا تشاغل عيني بالالى سلفوا من أهل بيت رسول الله لم أقر وفي مواليك للمحزون مشغلة من أن تبيت لمفقود (4) على أثر كم من ذراع لهم بالطف بائنة وعارض بصعيد الترب منعفر أنسى الحسين ومسراهم لمقتله وهم يقولون هذا سيد البشر يا أمة السوء ما جازيت أحمد في حسن البلاء على التنزيل والسور ؟ ! خلفتموه على الابناء حين مضى خلافة الذئب في إبقار ذي بقر قال يحيى بن أكثم: وانفذني المأمون في حاجة، فقمت فعدت إليه، وقد انتهى إلى قوله: لم يبق حي من الاحياءنعلمه من ذي يمان ولا بكر ولا مضر
(1) في نسخة: ثقلني. (2) القعب: القدح. (3) أي دعاه أو زجره. (أ) في نسخة: لمشغول.
[ 102 ]
إلا وهم شركاء في دمائهم كما تشارك أيسار على جزر (1) قتلا وأسرا وتحريقا ومنهبة فعل الغزاة بأهل الروم والخزر أرى أمية معذورين إن قتلوا ولا أرى لبني العباس من غذر قوم قتلتم على الاسلام أولهم حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر أبناة حرب ومروان وأسرتهم بنو معيط أولات الحقد والوغر (2) أربع (3) بطوس على قبر الزكي بها إن كنت تربع من دين على وطر هيهات كل امرء رهن بما كسبت له يداه فخذ ما شئت أوفذر
قال: فضرب المأمون بعمامته الارض وقال: صدقت والله يا دعبل. 157 / 11 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي (رحمه الله) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعغر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قال: صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم، فبكى وأبكاهم من خوف الله (تعالى)، ثم قال: أما والله لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإنهم ليصبحون ويمشون شعثاء غبراء خمصاء بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجد ا وقياما، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربهم ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع ذلك وهم جميع مشفقون منه خا ئفون. 158 / 12 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن * (هامش) (1) الايسار: جمع يسر، القوم المجتممون على اليسر، والجزر: كل شيئ مباح للذبح. (2) الوغر: الحقد والضغن. (3) أي قف وانتظر.
[ 103 ]
أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن صباح الحذاء، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الخلائق في صعيد واحد، وينادي مناد من عند الله، يسمع آخرهم كما يسمع أولهم، يقول: أين أهل الصبر ؟ فيقوم عنق من الناس (1)، فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم: ما كان صبركم هذا الذي
صبرتم ؟ فيقولون: صبرنا أنفسنا على طاعة الله، وصبرناها عن معصية الله. قال: فينادي مناد من عند الله: صدق عبادي، خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب. قال: ثم ينادي مناد آخر، يسمع آخرهم كما يسمع أولهم، فيقول: أين أهل الفضل. فيقوم عنق من الناس، فتستقبلهم زمرة من الملائكة، فيقولون: ما فضلكم هذا الذي نوديتم به ؟ فيقولون: كنا يجهل علينا في الدنيا فنحتمل ويساء إلينا فنعفو. قال: فينادي مناد من عند الله (تعالى): صدق عبادي، خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب. قال: ثم ينادي مناد من عند الله (عز وجل)، يسمع آخرهم كما يسمع أولهم، فيقول: أين جيران الله (تعالى) في داره ؟ فيقوم عنق من الناس، فتستقبلهم زمرة من الملائكة، فيقولون لهم: ماذا كان عملكم في دار الدنيا فصرتم به اليوم جيران الله (تعالى) في داره ؟ فيقولون: كنا نتحاب في الله (عز وجل). ونتباذل في الله، ونتوازر في الله. فينادي مناد من عند الله: صدق عبادي خلوا سبيلهم لينطلقوا إلى جوار الله في الجنة بغير حساب. قال: فينطلقون إلى الجنة بغير حساب. ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): فهؤلاء جيران الله في داره، يخاف الناس ولا يخافون، ويحاسب الناس ولا يحاسبون. 159 / 13 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال أ أخبرنا أبو الحسن علي ابن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق
(1) أي جماعة من الناس.
[ 104 ]
الثقفي، قال: حدثنا العباس بن بكار الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، قال: حدثنا محمد بن سيرين، قال: سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقول: لما فرغ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من حرب أصحاب الجمل لحقه مرض
وحضرت الجمعة، فقال لابنه الحسن (عليه السلام): انطلق يا بني فجمع بالناس. فأقبل الحسن (عليه السلام) إلى المسجد، فلما استقل على المنبر حمد الله وأثنى عليه وتشهد وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: أيها الناس، إن الله اختارنا لنبوته، واصطفانا على خلقه وبريته، وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله لا ينتقصنا أحد من حقنا شيئا إلا انتقصه الله في عاجل دنياه وآجل آخرته، ولا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة " ولتعلمن نبأه بعد حين " (1). ثم جمع بالناس، وبلغ أباه كلامه، فلما انصرف إلى أبيه (عليه السلام) نظر إليه فما ملك عبرته أن سألت على خديه، ثم استدناه فقبل بين عينيه، وقال: بأبي أنت وأمي " ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " (2). 160 / 14 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن العباس ابن معروف، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). ما قبض الله نبيا حتى أمره أن يوصي إلى أفضل عشيرته من عصبته، وأمرني أن أوصي. فقلت: إلى من يا رب ؟ فقال: اوص يا محمد إلى ابن عمك علي بن أبي طالب، فإني قد أثبته في الكتب السالفة، وكتبت فيها أ نه وصيك، وعلى ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي، أخذت مواثيقهم لي بالربوبية، ولك يا محمد بالنبوة، ولعلي بالولاية. 161 / 15 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد
(1) سورة ص 38: 88. (2) سورة آل عمران 3: 34 وقد تقدم في الحديث: 121.
[ 105 ]
ابن الحسن، قال: حدثني أبي، عن سعيد بن عبد الله بن موسى، قال: حدثنا محمد بن
عبد الرحمن العرزمي، قال: حدثني المعلى بن هلال، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن عبد الله بن العباس، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أعطاني الله (تبارك وتعالى) خمسا، وأعطى عليا خمسا. أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليا جوامع العلم، وجعلني نبيا وجعله وصيا، وأعطاني الكوثر، وأعطاه السلسبيل ة وأعطاني الوحي، وأعطاه الالهام، وأسرى بي إليه، وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي فنظرت إليه. قال: ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلت له: ما يبكيك فداك أمي وأبي ؟ فقال: يابن عباس، إن أول ما كتمني به أن قال: يا محمد انظر تحتك، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، وإلى أبواب السماء قد فتحت، ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي، فكلمني وكلمته، وكلمني ربي (عزوجل). فقلت: يا رسول الله، بم كلمك ربك ؟ قال: قال لي: يا محمد، إني جعلت عليا ووصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك فأعلمه، فها هو يسمع كلامك، فأعلمته وأنا بين يدي ربي (عزوجل)، فقال لي: قد قبلت وأطعت. فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه، ففعلت، فرد عليهم السلام، ورأيت الملائكة يتباشرون به، وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنأوني وقالوا: يا محمد، والذي بعثك بالحق، لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله (عز وجل) لك ابن عمك. ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الارض، فقلت: يا جبرئيل، لم نكس حملة العرش رؤوسهم ؟ فقال: يا محمد، ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش فإنهم استأذنوا الله (عز وجل) في هذه الساعة، فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب فنظروا إليه، فلما هبطت جعلت أخبره بذلك وهو يخبرني به، فعلمت أ ني لم أطأ موطئا إلا وقد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه.
قال ابن عباس: فقلت: يا رسول الله، أوصني. فقال: عليك بمودة علي بن أبي
[ 106 ]
طالب، والذي بعثني بالحق نبيا، لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي ابن أبي طالب (عليه السلام) وهو تعالى أعلم، فإن جاء بولايته قبل عمله على ماكان منه، وان لم يأت بولايته لم يسأله عن شئ، ثم أمر به إلى النار. يابن عباس، والذي بعثني بالحق نبيا، إن النار لاشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا. يابن عباس، لو أن الملائكة المقربين والانبياء المرسلين اجتمعوا على بغض علي، ولن يفعلوا، لعذبهم الله بالنار. قلت: يا رسول الله، وهل يبغضه أحد ؟ قال: يابن عباس نعم، يبغضه قوم يذكررن أ نهم من أمتي، لم يجعل الله لهم في الاسلام نصيبا. يابن عباس، إن من علامة بغضهم تفضيلهم من هو دونه عليه، والذي بعثني بالحق نبيا، ما بعث النبيا أكرم عليه مني، ولا وصيا أكرم عليه من وصيي علي. قال ابن عباس: فلم أزل له كما أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصاني بمودته، وإنه لاكبر عملي عندي. قال ابن عباس: فلما مضى من الزمان ما مضى، وحضرت رسول الله (صلى الله عليه وآ له) الوفاة حضرته، فقلت له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، قد دنا أجلك، فما تأمرني ؟ فقال: يابن عباس، خالف من خالف عليا، ولا تكونن لهم ظهيرا، ولا وليا. قلت: يا رسول الله، فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته ؟ قال: فبكى (عليه السلام) حتى أغمي عليه، ثم قال: يابن عباس، قد سبق فيهم علم ربي، والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وأنكر حقه حتى يغير الله ما به من نعمة. يابن عباس، إذا أردت أن تلقى الله وهو عنك راض، فاسلك طريقة علي بن
أبي طالب، ومل معه حيث مال، وأرض به إماما، وعاد من عاداه، ووال من والاه. يابن عباس، احذر أن يدخلك شك فيه، فإن الشك في علي كفر بالله (تعالى). 162 / 16 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثني محمد بن القاسم الانباري، قال:
[ 107 ]
حدثني أبي، عن الحسين بن سليمان الزاهد، قال: سمعت أبا جعفر الطائي الواعظ يقول: سمعت وهب بن منبه، يقول: قرأت في زبور داود أسطرا، منها ما حفظت ومنها ما نسيت، فما حفظت قوله: يا داود، اسمع مني ما أقول، والحق أقول، من أتاني وهو يحبني أدخلته الجنة. يا داود، اسمع منى ما أقول، والحق أقول، من أتاني وهو مستحي من المعاصي التي عصاني بها، غفرتها له وأنسيتها حافظيه. يا داود، اسمع مني ماأ قول والحق أقول، من أتاني بحسنة واحدة أدخلته الجنة. قال داود: يا رب، ما هذه الحسنة ؟ قال: من فرج عن عبد مسلم. فقال داود (عليه السلام): إلهي كذلك لا ينبغي لمن عرفك أن يقطع رجاءه منك. 163 / 17 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: حدثني محمد بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن خالد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآ له): إن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقابا البغي، وكفى بالمرء، عيبا أن يبصر من الناس ما يعمي عنه من نفسه، وأن يعير الناس بما لا يستطيع تركه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه. 164 / 18 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا أبو علي محمد بن هشام الاسكافي، قال. حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عيسى، قال:
حدثني أبي، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن عمار بن يزيد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: لما نزل رسول الله (صلى الله عليه وآ له) بطن قد يد (1)، قال لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): يا علي، إني سألت الله (عز وجل) أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يؤاخي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يجعلك وصيي ففعل.
(1) قديد: موضع قرب مكه.
[ 108 ]
فقال رجل من القوم: والله لصاع من تمر في شن (1) بال خير مما سأل محمد ربه، هلا سأله ملكا يعضده على عدوه، أو كنزا يستعين به على فاقته ؟ فأنزل الله (تعالى). " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أتت نذير وآلله علي كل شئ وكيل " (2). 165 / 19 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله)، قال: حدثنا بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي ابن الحسين السعد ابادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابه، عن أبي حمزة الثمالي، قال: حدثني من حضر عبد الملك بن مروان وهو يخطب الناس بمكة، فلما صار إلى موضع العظة من خطبته، قام إليه رجل فقال: مهلا مهلا، إنكم تأمرون ولا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، وتعظون ولا تتعظون، أفاقتداء بسيرتكم، أو طاعة لامركم ؟ فان قلتم: اقتداء بسيرتنا، فكيف يقتدى بسيرة الظالمين، وما الحجة في اتبا ع المجرمين الذين اتخذوا مال الله دولا وجعلوا عباد الله خولا ؟ ! وإ ن قلتم: أطيعوا أمرنا واقبلوا نصحنا، فكيف ينصح غيره من لم ينصح نفسه، أم كيف تجب طاعة من لم تثبت له عدالة ؟ ! وإن قلتم: خذوا الحكمة من حبث وجدتموها، واقبلوا العظة ممن سمعتموها، فلعل فينا من هو أفصح بصنوف العظات، وأعرف بوجوه اللغات منكم، فتزحزحوا عنها، واطلقوا
أقفالها، وخلوا سبيلها، ينتدب لها الذين شردتم في البلاد، ونقلتموهم عن مستقرهم إلى كل واد، فوالله قلدناكم أزمة أمورنا، وحكمناكم في أبداننا وأموالنا وأدياننا لتسيروا فينا بسيرة الجبارين، غير أ نا نصبر أنفسنا لاستبقاء المدة وبلوغ الغاية وتمام المحنة، ولكل قائم منكم يوم لا يعدوه، وكتاب لابد أن يتلوه " لا يغادر صغيرة ولا
(1) الشن: القربة الخلق الصغيرة. (2) سورة هود 11: 12.
[ 109 ]
كبيرة إلا أحصاها " (1)، " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " (2). قال: فقام إليه بعض أصحاب المشايخ فقبض عليه، وكان ذلك آخر عهدنا به، ولا ندري ما كانت حاله. 166 / 20 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار، عن القاسم بن محمد الرازي، عن علي بن محمد الهرمزداني، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، عن أبيه الحسين (عليه السلام)، قال: لما مرضت فاطمة بنت محمد رسول الله (صلى الله عليه وآ له) وصت إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل ذلك، وكان يمرضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس (رحمها الله) على استمرار بذلك، كما وصت به، فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يترك أمرها ويدفنها ليلا ويعفي قبرها، فتولى ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) ودفنها وعفى موضع قبرها، فلما نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن، وأرسل دموعه على خديه، وحول وجهه إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآ له) فقال: السلام عليك يا رسول الله، عني وعن ابنتك وحبيبتك، وقرة عينك وزائرتك، والثابتة في الثرى ببقعتك، المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا
رسول الله عن صفيتك صبري، وضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتك والحزن الذي حل بي لفراقك لموضع التعزي، ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري، - وغمضتك بيدي، وتوليت أمرك بنفسي، نعم وفي كتاب الله نعم القبول، وإنا لله وإنا إليه راجعون. قد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء، يا رسول الله ! أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن
(1) سورة الكهف 18: 49. (2) سورة الشعراء 26: 227.
[ 110 ]
من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم، كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو، وستنبئك ابنتك بتظاهر أمتك علي وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول ويحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. سلام عليك يا رسول الله، سلام مودع لا سئم ولا قال، فان أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، الصبر ايمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما، والتلبث عنده معكوفا، ولاعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن بنتك سرا، ويهتضم حقها قهرا، ويمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة اللة وبركاته. 167 / 21 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه ومحمد بن سنان، عن محمد بن عطية، عن أبي
عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الموت كفارة لذنوب المؤمنين. 168 / 22 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثني أبو الحسن زكريا بن يحيى الكنجي، قال: حد ثني أبو هاشم داود ابن القاسم الجعفري، قال: سمعت الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) يقول: إن امير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال لكميل بن زياد فيما قال: يا كميل، أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت. 169 / 23 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الوليد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا علي ابن محمد القاساني، عن حفص بن غياث القاضي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه، فلييأس عن
[ 111 ]
الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من الله (عز وجل)، فإنه إذا علم الله (تعالى) ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه، ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن في القيامة خمسين موقفا، كل موقف مقام ألف سنة، ثم تلا هذه الاية " في يوم كان مقدار ه خمسين ألف سنة " (1). 170 / 24 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، عن حبيب بن نصر، عن أحمد بن بشير بن سليمان، عن هشام بن محمد، عن أبيه محمد بن السائب، عن إبراهيم بن محمد اليماني، عن عكرمة، قال: سمعت عبد الله بن العباس يقول لابنه علي بن عبد الله: ليكن كنزك الذي تدخره العلم، كن به أشد اغتباطا منك بكنز الذهب الاحمر، فإني مودعك كلاما إن أنت وعيته
اجتمع لك به خير أمر الدنيا والاخرة، لا تكن ممن يرجو الاخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الامل، ويقول في الدنيا قول الزاهدين، ويعمل فيها عمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكرما يؤتى، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ويأمر بما لا يأتي. يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض الفجار وهو أحدهم، ويقول: لم أعمل فأتعنى، ألا أجلس فأتمنى، فهو يتمنى المغفرة وقد دأب في المعصية، قد عمر ما يتذكر فيه من تذكر، يقول فيما ذهب: لو كنت عملت ونصبت كان ذخرا لي، ويعصي ربه (تعالى) فيما بقي غير مكترث، إن سقم ندم على العمل، وإن صح أمن واغتر وأخر العمل، معجب بنفسه ما عوفي، وقانط إذا ابتلي، إن رغب أشر، وإن بسط له هلك، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن، لا يثق من الرزق بما قد ضمن له، ولا يقنع بما قسم له، لم يرغب قبل أن ينصب، ولا ينصب فيما يرغب، إن استغنى بطر، وإ ن افتقر قنط، فهو يبتغي الزيادة وإن لم يشكر، ويضبع من نفسه ما هو
(1) سورة المعارج 70: 4.
[ 112 ]
أكثر. يكره الموت لاساءته، ولا يدع الاساءة في حياته إن عرضت شهوته، واقع الخطيئة ثم تمنى التوبة، وإن عرض له عمل الاخرة دافع، يبلغ في الرغبة حين يسأل، ويقصر في العمل حين يعمل، فهو بالطول مدل، وفي العمل مقل، يتبادر في الدنيا تعبا لمرض، فإذا أفاق واقع الخطايا ولم يعرض، يخشى الموت، ولا يخاف الفوت، يخاف على غيره بأقل من ذنبه، ويرجو لنفسه بدون عمله، وهو على الناس طاعن، ولنفسه مداهن، يرجو الامانة ما رضي، ويرى الخيانة إن سخط، إن عوفي ظن أ نه قد تاب وإ ن ابتلي طمع في العافية وعاد، لا يبيت قائما، ولا يصبح صائما، (يصبح)
وهمه الغذاء، ويمسي ونيته العشاء، وهو مفطر، يتعوذ بالله منه من هو فوقه، ولا ينجو بالعوذ منه من هو دونه، يفلك في بغضه إذا أبغض، ولا يقصر في حبه إذا أحب، يغضب في اليسير، ويغضي على الكثير، فهو يطاع ويعصي والله المستعان. 171 / 25 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثني هارون بن حاتم، قال: حدثنا إسماعيل بن توبة ومصعب بن سلام، عن أبي إسحاق، عن ربيعة السعدي، قال: أتيت حذيفة بن اليمان فقلت له: حدثني بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو رأيته لاعمل به ؟ قال: فقال لي: عليك بالقران. فقلت له: قد قرأت القران، وإنما جئتك لتحدثني، اللهم إني أشهدك على حذيفة أ ني أتيته ليحدثني بما لم أسمعه ولم أره من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأ نه قد منعنيه وكتمنيه. فقال حذيفة: يا هذا، قد أبلغت في الشدة. ثم قال لي: خذها قصيرة من طويلة وجامعة لكل أمرك، إن آية الجنة في هذه الامة لبينة، إنه ليأكل الطعام ويمشي في ا لاسوا ق. فقلت له: بين لي آية الجنة أتبعها، وبين لي آية النار فأتقيها. فقال لي: والذي نفسي بيده، إن آية الجنة والهداة إليها إلى يوم القيامة وآية الحق إلى يوم القيامة لال محمد (عليهم السلام)، وإن آية النار وآية الكفر والدعاة إلى النار
[ 113 ]
إلى يوم القيامة لغيرهم (1). 172 / 26 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي (رحمه الله)، قال: حد ثني القاسم بن محمد الدلال، عن سيرة بن زياد، عن الحكم ابن عتيبة، عن حنش بن المعتمر، قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، كيف
أمسيت ؟ قال: أمسيت محبا لمحبنا، ومبغضا لمبغضنا، وأمسى محبنا مغتبطا برحمة من الله كان ينتظرها، وأ مسى عدونا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، وكأن ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لاهلها، فهنيئا لاهل الرحمة رحمتهم، والتعس لاهل النار، والنار لهم. يا حنش، من سره أن يعلم أمحب لنا أم مبغض فليمتحن قلبه، فإن كان يحب وليا لنا فليس بمبغض لنا، وإ ن كان يبغض ولينا فليس بمحمب لنا، إن الله (تعالى) أخذ الميثاق لمحبنا بمودتنا، وكتب في الذكر اسم مبغضنا، نحن النجباء وأفراطنا أفراط الانبياء. 173 / 27 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الهمداني، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن راشد، قال: حدثنا عبد السلام بن عاصم، قال: حدثنا إسحاق بن إسساعيل حمويه (2)، قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، قال: أخبرني رجل من تميم، قال: كنا مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) بذي قار ونحن نرى أنا سنختطف في يومنا، فسمعته يقول: والله لنظهرن على هذه الفرقة، ولنقتلن هذين الرجلين - يعني طلحة والزبير - ولنستبيحن
(1) تقدم في الحديث: 123. (2) في نسخة: حيويه.
[ 114 ]
عسكرهما. قال التميمي: فأتيت إلى عبد الله بن عباس، فقلت: أما ترى إلى ابن عمك وما يقول ؟ فقال: لا تعجل حتى تنظر ما يكون، فلما كان من أمر البصرة ماكان أتيته فقلت.
لا أرى ابن عمك إلا قد صدق. فقال: ويحك ! إنا كنا نتحدث أصحاب محمد أن النبي (صلى الله عليه وآله) عهد إليه ثمانين عهدا لم يعهد شيئا منها إلى أحد غيره، فلعل هذا مما عهد إليه. 174 / 28 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله) قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، قال: حدثني من سمع حنان بن سدير يقول: سمعت أبي سد ير الصيرفي يقول: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما يرى النائم وبين يديه طبق مغطى بمنديل، فدنوت منه وسلمت عليه، فرد السلام، وكشف المنديل عن الطبق، فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه، فدنوت منه فقلت: يا رسول الله، ناولني رطبة، فناولني وا حدة، فأكلتها، ثم قلت: يا رسول الله، ناولني أخرى، فناولنيها فأكلتها، وجعلت كلما أكلت واحدة سألته أخرى حتى أعطاني ثماني رطبات فأكلتها، ثم طلبت منه أخرى، فقال لي: حسبك. قال: فانتبهت من منامي، فلما كان من الغد دخلت على جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) وبين بديه طبق مغطى بمنديل، كأنه الذي رأيته في المنام بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم كشف عن الطبق، فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه، فعجبت لذلك، وقلت: جعلت فداك ناولني رطبة، فناولني فأكلتها، ثم طلبت أخرى فناولني فأكلتها، وطلبت أخرى حتى أكلت ثماني رطبات، ثم طلبت منه أخرى فقال لي: لو زادك جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لزدتك، فأخبرته الخبر فتبسم تبسم عارف بما كان. 175 / 29 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني الشيح الصالح عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ياسين، قال:
[ 115 ]
سمعت العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) بسر من رأى، يذكر عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين: العلم وراثة كريمة، والاداب حلل حسان، والفكرة مرآة صافية، والاعتذار منذر ناصح، وكفى بك أدبا تركك ما كرهته من غيرك. 176 / 30 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الوليد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: ابن آدم، لا تزال بخير ماكان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعارا، والحزن لك دثارا، ابن آدم، إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله (عز وجل) ومسؤول، فأعد جوا با. 177 / 31 - أخبرنا محمد بن محمد (رحمه الله) قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد الجرجرائي، قال: حدثنا إسحاق بن عبدوس، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الاحمسي، قال: حدثنا المحاربي، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي الدرداء، عن أبيه، قال: نال رجل من عرض رجل عند النبي (صلى الله عليه وآله)، فرد رجل من القوم عليه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من نار. 178 / 32 - أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثنا سليمان بن مسلم الكندي، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن عيسى بن أبي منصور، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة، وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): يجب أن يكتب هذا الحديث بالذ هب.
179 / 33 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن
[ 116 ]
يوسف القطان، قال: حدثنا محمد بن يحيى الاودي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن قيس الرحبي، قال: كنت جالسا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على باب القصر حتى ألجأته الشمس إلى حائط القصر، فوثب ليدخل، فقام رجل من همدان فتعلق بثوبه، وقال: يا أمير المؤمنين، حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به قال: أو لم يكن في حديث كثير ؟ قال: بلى، ولكن حدثني حديثا ينفعني الله به. قال: حد ثني خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أ ني أرد أنا وشيعتي الحوض رواء مرويين مبيضة وجوههم، ويرد عدونا ظماء مظمئين مسودة وجوههم، خذها إليك قصيرة من طويلة أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت، ارسلني يا أخا همدان، ثم دخل القصر. 180 / 34 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، عن يوسف بن كليب، عن معاوية بن هشام، عن الصباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة، قال: حدثني جماعة من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أ نه قال يوما: ادعوا غنيا وباهلة وحيا آخر، وقد سماها، فليأخذوا أعطياتهم، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم في الاسلام نصيب، وأنا شاهد في منزلي عند الحوض وعند المقام المحمود أ نهم أعداء لي في الدنيا والاخرة، لاخذن غنيا أخذة تضرط باهله (1)، ولئن ثبتت قدماي لاردن قبائل إلى قبائل وقبائل إلى قبائل، ولابهرجن (2) ستين قبيلة ما لها في الاسلام نصيب.
181 / 35 - أخبرنا محمد بن محمد (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو عمرو عثمان الدقاق إجازة، فال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن يحيى
(1) أي إن قبيلة باهلة تخاف من تلك الاخذة. ويمكن أن يقرأ بأهله. (2) بهرج الدم: أهدر ه وقيل: أبطله.
[ 117 ]
الاودي، قال: حدثنا مخول بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا. قال أحمد بن يحيى الاودي: فرأيت الحسين بن علي (عليه السلام) في المنام فقلت: حدثني مخول بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عنك، أنك قلت: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة، أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا. قال: نعم. قلت: سقط الاسناد بيني وبينك. 182 / 36 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير، قال: حدثنا علي بن أحمد بن شبابة، قال: حدثنا عمر بن عبد الجبار، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهيم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم لاصحابه: ألا إنه قد دب إليكم داء الامم من قبلكم، وهو الحسد، ليس بحالق الشعر لكنه حالق الدين، وينجي منه أن يكف الانسان يده، ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن. 183 / 37 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن الوليد، قال: حدثنا غندر بن محمد، قال: حدثنا شعبة، عن سلمة بن جميل، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني (رحمه الله)، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إن أخوف ما أخاف عليكم طول الامل واتباع الهوى، فأما
طول الامل فينسي الاخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، ألا وإن الدنيا قد تولت مدبرة، والاخرة قد أقبلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الاخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، والاخرة حساب ولا عمل. 184 / 38 - أخبرنا محمد بن محمد (رحمه الله) قال: أخبرني أبو الطيب الحسين ابن محمد التمار، قال: حدثنا ابن أبي أويس، قال: حدثني أبي، عن حميد بن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بني عبد المطلب، إني سألت الله لكم أن يعلم جاهلكم، وأن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وأن يجعلكم
[ 118 ]
نجداء جوداء رحماء، ولو أن رجلا صلى وصف قدميه بين الركن والمقام، ولقي الله ببغضكم أهل البيت، دخل النار (1). 185 / 39 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن زياد من كتابة، فال: حدثنا أحمد بن عيسى بن الحسن الجرمي، قال: حدثنا نصر بن حماد، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) لا عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن جبرئيل نزل علي وقال: إن الله يأمرك أن تقوم بتفضيل علي بن أبي طالب خطيبا على أصحابك ليبلغوا من بعدهم ذلك عنك، ويأمر جميع الملائكة أن تسمع ما تذكره، والله يوحي إليك يا محمد أن من خالفك في أمره دخل النار، ومن أطاعك فله الجنة. فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) مناديا فنادى بالصلاة جامعة، فاجتمع الناس وخرج حتى رقي المنبر، وكان أول ما تكلم به: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم قال: أيها الناس، أنا البشير، وأنا النذير، وأنا النبي الامي، إني مبلغكم عن
الله (عزوجل) في أمر رجل لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عيبة العلم، وهو الذي انتخبه الله من هذه الامة واصطفاه وهداه وتولاه، وخلقني له وإياه، وفضلني بالرسالة، وفضله بالتبليغ عني، وجعلني مدينة العلم وجعله الباب، وجعله خازن العلم والمقتبمس منه الاحكام، وخصه بالوصية، وأبان أمره، وخوف من عدا وته، وأزلف من وا لاه، وغفر لشيعته، وأمر الناس جميعا بطاعته. وإنه (عزوجل) يقول: من عاداه عاداني، ومن وا لاه والاني، ومن ناصبه ناصبني، ومن خالفه خالفني، ومن عصاه عصاني، ومن آذاه آذاني، ومن أبغضه أبغضني، ومن أحبه أحبني، ومن أرداه أرداني، ومن كاده كادني، ومن نصره نصرني.
(1) تقدم في الحديث: 26 ويأتي في الحديث: 435.
[ 119 ]
يا أيها الناس، اسمعوا ما آمركم به وأطيعوه، فإني أخوفكم عقاب الله " يوم تجدكل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " (1)، " ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير " (2). ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: معاشر الناس، هذا مولى المؤمنين، وحجة الله على خلقه أجمعين، والمجاهد للكافرين. اللهم إني قد بلغت، وهم عبادك وأنت القادر على صلاحهم فأصلحهم، برحمتك يا أرحم الراحمين، واستغفر الله لي ولكم. ثم نزل عن المنبر فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن الله (عزوجل) يقرئك السلام ويقول لك: جزاك الله عن تبليغك خيرا، قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لامتك، وأرضيت المؤمنين، وأرغمت الكافرين، يا محمد، إن ابن عمك مبتلى ومبتلى به، يا محمد، قل في كل أوقاتك " الحمدالله رب العالمين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ".
186 / 40 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمر المرزباني، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الرحيم السجستاني، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن عبد الله بن عاصم، عن محمد بن بشر، قال: لما سير ابن الزبير بن عباس (رحمه الله) إلى الطائف، كتب إليه محمد بن الحنفية (رحمه الله): أما بعد، لقد بلغني أن ابن الجاهلية سيرك إلى الطائف، فرفع الله (جل إسمه) بذللث لك ذكرا، وأعظم لك أجرا، وحط به عنك وزرا، يابن عم، إنما يبتلى الصالحون، وإنما تهدى الكرامة للابرار، ولو لم تؤجرإلا فيما تحب إذ ن قل أجرك، قال الله (تبارك وتعالى) " وعسى أن تكرهوا شينئا وهو خير لكم " (3) وهذا لست أشك أ نه خير لك عند بارئك، عزم
(1) سورة آل عمران 3: 30. (2) سورة آل عمران 3: 28. (3) سورة البقرة 2: 216.
[ 120 ]
الله لك على الصبر في البلوى، والشكر في النعماء، إنه على كل شئ قدير. فلما وصل الكتاب إلى ابن عباس أجاب عنه، فقال: " أما بعد، فقد أتاني كتابك تعزيني فيه على تسييري، وتسأل ربك جل اسمه أن يرفع به ذكري، وهو (تعالى) قادر على تضعيف الاجر، والعائدة بالفضل، والزيادة من الاحسان، وما أجب أن الذي ركب مني ابن الزبير كان ركبه مني أعداء خلق الله لي احتسابا لذلك في حسناتي، ولما أرجو أن أنال به رضوان ربي، يا أخي، الدنيا قد ولت، وإن الاخرة قد أظلت، فاعمل صالحا، جعلنا الله وإ ياك ممن يخافه بالغيب، ويعمل لرضوانه في السر والعلانبة، إنه على كل شئ قدير ". 187 / 41 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي، قال: حدثنا محمد بن همام أبو علي، قال: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا إبراهيم
ابن عبيدالله بن حيان، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: اعمل بفرائض الله تكن من أتقى الناس، وارض بقسم الله تكن من أغنى الناس، وكف عن محارم الله تكن أورع الناس، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما. تم المجلس الرابع، ويتلوه المجلس الخامس من الامالي، للشيخ السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رضي الله عنه بحمد الله تعالى وحسن توفيقه، والصلاة على النبي وآله الطاهرين
[ 121 ]
(5) المجلس الخامس فيه بقية أحاديث الشخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 188 / 1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الانباري الكاتب، قال: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الازدي، قال: حدثنا شعيب بن أيوب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن هشام بن حسان، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) يخطب الناس بعد البيعة له بالامر، فقال: نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسوله الاقربون، وأهل بيته الطيبون الطاهرون، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمته، والثاني كتاب الله، فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالمعول علينا في تفسيره، لا نتظنى تأويله بل نتيقن حقائقه،
فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطا عة الله (عزوجل) ورسوله مقرونة، قال (عزوجل): " يا أيهاالذ ين آ منوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول " (1)، " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الامر منهم
(1) سورة النساء 4: 59.
[ 122 ]
لعلمه الذين يستنبطونة منهم " (1) وأحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان، فإنه لكم عدو مبين، فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم: " لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت ألفئتان نكص علي عقبيه وقال إنى برئ منكم إنى أرى ما لا ترون " (2) فتلقون إلى الرماح وزرأ، وإلى السيوف جزرا، وللعمد حطما، وللسهام غرضا، ثم " لا ينفع نفسا، إيمانها لم تكن آمنت من قبل أوكسبث في، إيمانها خيرا " (3). 189 / 2 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد (رضي الله عنه)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي الحسن العبدي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، قال: ماكان عبد ليحبس نفسه على الله إلا أدخله الجنة. 190 / 3 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني أحمد بن محمد الجوهري، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي، قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن منقر، عن زياد بن المنذر، قال: حدثنا شرحبيل، عن أم الفضل بنت العباس، قالت: لما ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي توفي فيه أفاق إفاقة ونحن نبكي، فقال: ما الذي يبكيكم ؟ قلنا: يا رسول الله، نبكي لغير خصلة، نبكي لفراقك إيانا، ولانقطاع خبر السماء عنا، ونبكي الامة من بعدك. فقال (عليه السلام): أما إنكم
المقهورون والمستضعفون من بعدي. 191 / 4 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو
(1) سورة النساء 4: 83. () سورة ا لانفال 8: 48. (3) سورة الانعام 6: 158.
[ 123 ]
عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي، قال: حدثنا محمد بن سليمان المقرئ الكندي، عن عبد الصمد بن علي النوفلي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الاصبغ بن نباتة السعدي، قال: لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) غدونا عليه نفر من أصحابنا، أنا والحارث وسويد بن غفلة وجماعة معنا، فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء فبكينا، فخرج إلينا الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال: يقول لكم أمير المؤمنين: انصرفوا إلى منازلكم، فانصرف القوم غيري، فاشتد البكاء من منزله، فبكيت وخرج الحسن (عليه السلام) وقال: ألم أقل لكم انصرفوا. فقلت: لا والله يابن رسول الله، ما تتابعني نفسي، ولا تحملني رجلي أن انصرف حتى أرى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه). قال: وبكيت، فدخل فلم يلبث أن خرج فقال لي: ادخل، فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فإذا هو مستند، معصوب الرأس بعمامة صفراء،، قد نزف وأصفر وجهه، ما أدري وجهه أصفرأم العمامة، فأكببت عليه فقبلته وبكيت، فقال لي: لا تبك يا أصبغ، فإنها والله الجنة. فقلت له: جعلت فداك، إني أعلم والله أنك تصير إلى الجنة، وإنما أبكي لفقداني إياك، يا أمير المؤمنين، جعلت فداك، حدثني بحديثي سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإني أراك لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا.
قال: نعم يا أصبغ، دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما فقال لي: يا علي، انطلق حتى تأتي مسجدي، ثم تصعد منبري، ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله (تعالى)، وتثني عليه، وتصلي علي صلاة كثيرة، ثم تقول: أيها الناس، إني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليكم، وهو يقول لكم: إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أ جره. فأتيت مسجده (صلى الله عليه وآله) وصعدت منبره، فلما رأتني قريش ومن كان في المسجد أقبلوا نحوي، فحمدت الله وأثنيت عليه وصليت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاة كثيرة، ثم قلت: أيها الناس، إني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله)
[ 124 ]
إليكم، وهو يقول لكم: ألا إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أجره. قال: فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب، فإنه قال: قد أبلغت يا أبا الحسن، ولكنك جلت بكلام غير مفسر. فقلت: أبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته الخبر، فقال: ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري فاحمد الله واثن عليه، وصل علي، ثم قل: يا أيها الناس، ماكنا لنجيئكم بشئ إلا وعندنا تأويله وتفسيره، ألا وإني أنا أبوكم، ألا وإني أنا مولاكم، ألا وإ ني أنا أجيركم. 192 / 5 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: بني الاسلام على خمس دعائم: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان،
وحج البيت، والولاية لنا أهل البيت. 193 / 6 - وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تزول قدم عبد مؤمن يوم القيامة من بين يدي الله (عزوجل) حتى يسأله عن أربع خصال: عمرك فيما أفنيته، وجسدك فيما أبليته، ومالك من أين اكتسبته وأين وضعته، وعن حبنا أهل البيت. فقال رجل من القوم: وما علامة حبكم، يا رسول الله ؟ فقال: محبة هذا، ووضع يده على رأس علي بن أبي طالب (عليه السلام). 194 / 7 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا القاسم بن محمد الدلال، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا علي بن غراب، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن عياض، عن أبيه، قال: مر علي بن أبي طالب (عليه السلام) بملاءفيه سلمان (رحمه الله)، فقال لهم سلمان: قوموا فخذوا بحجزة هذا، فوالله لا يخبركم بسر نبيكم (صلوات الله عليه) أحد غيره.
[ 125 ]
195 / 8 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن هشام الاسكافي، قال: أخبرني أبو جعفر أحمد بن مابنداذ: أن منصور بن العباس القصباني حدثهم عن الحسن بن علي الخزاز، عن علي ابن عقبة، عن سالم بن أبي حفصة، قال: لما هلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) قلت لاصحابي: انتظروني حتى ادخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) فأعزيه به، فدخلت عليه فعزيته، ثم قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب والله من كان يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا يسال عمن بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والله لا يرى مثله أبد ا. قال: فسكت أبو عبد الله (عليه السلام) ساعة، ثم قال: قال الله (تبارك وتعالى): إن من
عبادي من يتصدق بشق تمرة فأربيها له كما يربي أحدكم فلوه (1) حتى أجعلها له مثل جبل أحد، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب من هذا، كنا نستعظم قول أبي جعفر (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بلا واسطة، فقال لي أبو عبد الله قال الله (تعالى) بلا وا سطة. 196 / 9 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي سعيد القماط، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لا يكمل إيمان العبد حتى تكون فيه أربع خصال: يحسن خلقه، وتسخو نفسه، ويمسك الفضل من قوله، ويخرج الفضل من ماله (2). 197 / 10 - وحدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد من حفظه، قال: حدثني أبو حفص عمر بن محمد الزيات الصيرفي، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي
(1) الفلو: المهر حين يفطم أو يبلغ السنة. (2) يأتي في الحديث: 408.
[ 126 ]
موسى بن جعفر العبد الصالح، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي الشهيد، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يقول الله (عزوجل): يابن آدم، ما تنصفني، أتحب إليك بالنعم وتتمقت إلي بالمعاصي، خيري إليك منزول وشرك إلي صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم بعمل غير صالح ! يابن آدم، لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تدري من الموصوف لسارعت
إلى مقته (1). 198 / 11 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثني القاسم ابن محمد بن حماد الدلال، قال: حدثنا عبيد بن يعيش، قال: حدثنا مصعب بن سلام، عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تناصحوا في العلم، فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله، وإن الله سائلكم يوم القيامة. 199 / 12 - قال: وأخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسين بن عبد الله ابن أسلم، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا معاوية بن سفيان المزني، قال: حدثني محمد بن إسماعيل بن الحكم، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: كان في بني إسرائيل قاض وكان يقضي بينهم. قال: فلما حضره الموت قال لامرأته: إذا مت فاغسليني وكفنيني، وضعيني على سريري وغطي وجهي، فإنك لا ترين سوءا. قال: فلما أن مات فعلت به ذلك، ثم مكثت حينا، وكشفت عن وجهه لتنظر إليه، فإذا هي بدودة تعترض منخره، ففزعت لذلك، فلما كان الليل أتاها في منامها،
(1) يأتي في الحديث: 532 والحديث: 1181.
[ 127 ]
فقال لها: أفزعك ما رأيت ؟ فقالت: أجل لقد فزعت. فقال: أما إنك إن كنت فزعت فما كان ما رأيت إلا في أخيك فلان، أتاني ومعه خصم له فلما جلسا إلي قلت: اللهم اجعل الحق له، ووجه القضاء له على صاحبه، فلما اختصما إلي كان الحق له، ورأيت ذلك بينا في القضاء، فو جهت القضاء له على صاحبه، فأصابني ما رأيت لموضع هواي كان معه وإ ن وافقه الحق.
200 / 13 - أخبرنا محمد بن محمد، فال: أخبرني عمر بن محمد الصيرفي، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل الضبي، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني هارون بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، قال: حدثني زكريا بن إسماعيل الزيدي من ولد زيد بن ثابت الانصاري، عن أبيه، عن عمه سليمان بن زيد بن ثابت الانصاري، عن زيد بن ثابت، قال: خرجنا جماعة من الصحابة في غزاة من الغزوات مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى وقفنا في مجمع طرق، فطلع أعرابي بخطام بعير حتى وقف على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليك السلام. قال: كيف أصبحت، بأبي أنت وأمي، يا رسول الله ؟ قال له: أحمد الله إليك كيف أصبحت. قال: وكان وراء البعير الذي يقوده الاعرابي رجل فقال: يا رسول الله، إن هذا الاعرابي سرق البعير، فرغا البعير ساعة، فأنصت له رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسمع رغاءه. قال: ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الرجل فقال: انصرف عنه، فإن البعير يشهد عليك أ نك كاذب. قال: فانصرف الرجل، وأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الاعرابي فقال: أي شئ قلت حين جئتني ؟ قال: قلت: اللهم صل على محمد حتى لا تبقى صلاة، اللهم بارك على محمد حتى لا تبقى بركة، اللهم سلم على محمد حتى لا يبقى سلام، اللهم ارحم محمدا حتى لا تبقى رحمة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني أقول: مالي أرى البعير ينطق بعذره وأرى
[ 128 ]
الملائكة قد سدوا الافق ؟ 201 / 14 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين
ابن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن إشكاب، قال: حدثنا مصعب بن مقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا رأى ناشئاترك كل شئ، وإن كان في صلاة، وقال: اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه، فان ذهب حمدالله، وإن أمطر قال: اللهم ناشئا نافعا. الناشئ: السحاب، والمخيلة أيضا: السحابة. وبروى أن عبيد بن الابرص الاسدي قال للمنذر بن ماء السماء حين خيره وأراد فتله: إن شئت من الاكحل (1)، وإ ن شثت من الابجل (2)، وإن شئت من الوريد. فقال: أبيت اللعن، ثلاث خصال كسحائب عاد، ولا خير فيها لمرتاد. 202 / 15 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد ابن سلمة، عن إبراهيم بن محمد، عن الحسن بن حذيفة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: مرض رجل من أصحاب سلمان (رحمه الله) فافتقده فقال: أين صاحبكم ؟ فقالوا: مريض. قال: امشوا بنا نعوده، فقاموا معه، فلما دخلوا على الرجل إذا هو يجود بنفسه، فقال سلمان: يا ملك الموت، ارفق بولي الله. قال ملك الموت بكلام يسمعه من حضر: يا أبا عبد الله، إني أرفق بالمؤمنين ولو ظهرت لاحد لظهرت لك. 203 / 16 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن القاسم، قال: حدثنا أبو عمران موسى بن محمد الخياط، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الخراساني - وهو ابن أبي
(1) الاكحل، وريد في وسط الذراع. (2) الابجل: وريد في زراع البعير والفرس، بمنزلة الاكحل في الانسان.
[ 129 ]
إسرائبل -، قال: حدثنا شريك، عن عبد الله بن عمر (1)، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: أصابنا عطش في الحديبية، فجهشنا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فبسط يديه بالدعاء، فتألف السحاب، وجاء الغيث، فروينا منه. قال أبو الطيب: قال الاصمعي: الجهش: أن يفزع الانسان إلى الانسان، قال أبو عبيدة: هي مع فزعه، كأنه يريد البكاء. وفي لغة أخرى: أجهشت إجهاشا فأنا مجهش، ومنه قول لبيد: قالت تشكى إلي النفس مجهشة وقدحملتك سبعا بعد سبعينا فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا وفي الثلاث وفاء للثمانينا 204 / 17 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو الفضل الربعي، قال: حدثنا جميل المكي، قال: حدثني الاصمعي، قال: حدثنا جابر بن عون، قال: دخل أسماء بن خارجة الفزاري (2) على عمر بن عبد العزيز يوم بويع له، فأنشأ يقول: إن أولى الانام بالحق قدما هو أولى بأن يكون خليقا بالامر والنهي اللاتي يابى بغيره أن يليقا (3) من أبوه عبد العزيز بن مروا ن ومن كان جده فاروقا فقال عمر: لو أمسكت عن هذا لكان أحب لي. 205 / 18 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو حفص عمربن محمد الصيرفي، قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب، قال: حدثني ابن أبي أويس، قال: حدثني أبي، عن
(1) في نسخة: عمير. (2) كذا، ولا يصح إذ إن أسماء توفي سنة 66 ه، وقد بويع لعمرسنة 99 ه، وفي الكامل للمبرد 2: 271 دار الفكر العربي، ولسان العرب (فرق)، والعقد الفريد 6: 123 المكتبة التجارية الكبرى، نسبت الابيات لعتبة
ابن شماس وهو الصحيح. (3) كذا، ولا يصح وزنا، وفي نقص في بعض تفعيلاته، وز يد في المصادر المتقدمة بيت آ خر غيره.
[ 130 ]
سليمان بن بلال، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد: أن عمر بن الخطاب بينما هو يمشي في أزقة المدينة إذا هو بأصوات في بيت، فاطلع عليهم فإذا هم على شراب، فقالوا له حين رأوه: ما هذا يا بن الخطاب، أليس الله (تعالى) يقول: " ولا تجسسوا " (1). قال: فأعرض عمر عنهم وانصرف مبادرا. 206 / 19 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله المرزباني، قال: حدثنا ابن دريد، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله الطلحي، قال: قال الاصمعي: ولى عمر بن الخطاب كعب بن سور قضاء البصرة، وكان سبب ذلك أن حضر مجلس عمر فجاءت امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، إن زوجي صوام قوام. فقال عمر: إن هذا الرجل صالح، ليتني كنت كذا، فردت عليه الكلام، فقال عمركما قال: فقال كعب بن سور الازدي: يا أمير المؤمنين، إنها تشكو زوجها، تخبر أ نها لا حظ لها منه. قال: علي بزوجها، فأتي به، فقال له: ما بالها تشكوك، وما رأيت أكرم شكوى منها ؟ قال له: يا أمير المؤمنين، إني امرؤ افزعني ما قد نزل في الحجر والنحل وفي السبع الطوال. فقال له كعب: إن لها عليك حقا، فابعل واوفها الحق، فصم ثم وصل. فقال عمر لكعب: اقض بينهما. قال: نعم، أحل الله للرجال أربعا، فأوجب لكل واحدة ليلة، فلها من كل أربع ليال ليلة، ويصنع بنفسه في الثلاثة ما شاء، فألزمه ذلك. وقال لكعب: اخرج قاضيا على البصرة، فلم يزل عليها حتى قتل عثمان، فلما كان يوم الجمل خرج مع أهل
البصرة وفي عنقه مصحف، فقتل هو يومئذ وثلاثة أخوة له أو أربعة، فجاءت أمهم فوجدتهم في القتلى فحملتهم، وجعلت تقول: أيا عين ابكي بدمع سرب على فتية من خيار العرب
(1) سورة الحجرات 49: 12.
[ 131 ]
فماضرهم غيرحين (1) النفو س أي أميري قريش غلب 207 / 20 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا القاسم بن محمد الدلال، قال: حدثنا يحيى بن إسماعيل المزني، قال: حدثنا جعفر بن علي، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن أبيه، عن بكير بن عبد الله الطويل وعمار بن أبي معاوية، قال: حدثنا أبو عثمان البجلي، مؤذن بني أفصى، قال بكير: أذن لنا أربعين سنة. قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول يوم الجمل: " وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة ألكفرإنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون " (2) ثم حلف حين قرأها أ نه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم. قال بكير: فسألت عنها أبا جعفر (عليه السلام)، فقال: صدق الشيخ، هكذا قال علي (عليه السلام)، وهكذ ا كا ن. 208 / 21 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: أخبرني الحسن بن علي، قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثني الزبير بن بكار، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: كان عمرو بن العاص يقول. إن في علي دعابة. فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: زعم ابن النابغة أني تلعابة (3)، مزاحة ذو دعابة (4)، أعافس وأمارس (5)، هيهات يمنع من العفاس والمراس ذكر
الموت وخوف البعث والحساب، ومن كان له قلب، ففي هذا له واعظ وزاجر، أما وشر القول الكذب، إنه ليحدث فيكذب ويعد فيحلف، فإذا كان يوم البأس فأي زاجر
(1) الحين: الموت والهلاك. (2) سورة التوبة 9: 12. (3) التلعابة: كثير اللعب. (4) الد عا بة: المزاح واللعب. (5) المعافسة: مغازلة النساء، ومعالجة الناس بالمزاح، والممارسة مثلها.
[ 132 ]
وآمر هو ! ما لم تأخذ السيوف هام الرجال، فإذا كان ذلك فاعظم مكيدته في نفسه أن يمنح القوم استه (1). 209 / 22 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا عبد الله (بن) أحمد بن مستورد، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى، عن علي بن عاصم، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال لنا علي بن الحسين زين العابد ين (عليهما السلام): أي البقا ع أفضل ؟ فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم. فقال: إن أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك الموضع، ثم لقي الله بغير ولايتنا، لم ينفعه ذلك شيئا. 210 / 23 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثتي سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن بكر بن محمد، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر ابن محمد (عليهما السلام) يقول: كم من نعمة الله على عبده في غير أمله، وكم من مؤمل أملا الخيار في غيره، وكم من ساع إلى حتفه وهو مبطئ عن حظه.
211 / 24 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن المظفر، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا عصام بن يوسف، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله): اللهم من أحبني فارزقه الكفاف والعفاف، ومن أبغضني فأكثر ما له وولد ه. 212 / 25 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو حاتم، قال: حدثنا محمد بن الفرات، قال: حدثنا حنان بن سدير، عن أبي جعفر
(1) الاست: العجز.
[ 133 ]
محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، قال: ما ثبت الله (تعالى) حب علي (عليه السلام) في قلب أحد فزلت له قدم إلا ثبتت له قدم أخرى. 213 / 26 - أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين، قال: حدثنا موسى بن زياد، عن يحيى بن يعلى، عن أبي خالد الواسطي، عن أبي هاشم الخولاني، عن زاذان، قال: سمعت سلمان (رحمه الله) يقول: لا أزال أحب عليا (عليه السلام)، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يضرب فخذه ويقول: محبك لي محب، ومحبي لله محب، ومبغضك لي مبغض، ومبغضي لله (تعالى) مبغض. 214 / 27 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، جميعا عن علي بن محمد بن علي الاشعري، قال: حدثنا محمد بن مسلم بن أبي سلمة الكندي السجستاني الاصم، عن أبيه مسلم بن أبي سلمة، عن الحسن بن علي
الوشاء، عن محمد بن يوسف، عن منصور بزرج، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): ما أكثر ما أسمع منك يا سيدي ذكر سلمان الفارسي ! فقال: لا تقل الفارسي، ولكن قل سلمان المحمدي، أتدري ما كثرة ذكري له ؟ قلت: لا. قال: لثلاث خلال: أحدها: إيثاره هوى أمير المؤمنين (عليه السلام) على هوى نفسه، والثانية: حبه للفقراء واختياره إياهم على أهل الثروة والعدد، والثالثة: حبه للعلم والعلماء. إن سلمان كان عبدا صالحا حنيفا مسلما وما كان من المشركين. 215 / 28 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا منصور بن مهاجر، عن علي بن عبد الاعلى، عن زر بن حبيش، قال: كانت عصابة من قريش في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، فذكروا
(1) يأتي في الحديث: 728.
[ 134 ]
علي بن أبي طالب (عليه السلام) وانتهكوا منه، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قائل (1) في بيت بعض نسائه، فأتي بقولهم فثار من نومه في إزار ليس عليه غيره، فقصد نحوهم ورأوا الغضب في وجهه، فقالو نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما لكم وعلي ! أما تدعون عليا، ألا إن عليا مني وأنامنه، من آذى عليا فقد آذاني، من آذى عليا فقد آذاني. 216 / 29 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حد ثني أبو الوليد الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، قال: دخل الحارث بن حوط الليثي على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، ما أرى طلحة والزبير وعا ئشة احتجوا إلا على حق ؟ فقال: يا حارث، إنك إن
نظرت تحتك ولم تنظر فوقك جزت عن الحق، إن الحق والباطل لا يعرفان بالناس، ولكن اعرف الحق باتباع من اتبعه، والباطل باجتناب من اجتنبه. قال: فهلا أكون كعبد الله بن عمر وسعد بن مالك ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن عبد الله بن عمر وسعد أخذلا الحق ولم ينصرا الباطل، متى كانا إمامين في الخير فيتبعان ؟ ! 217 / 30 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثني محمد بن إسحاق الاشعري النحوي، قال: حدثني الوليد بن محمد بن إسحاق الحضرمي، عن أبيه، قال: استأذن عمرو بن العاص على معاوية بن أبي سفيان، فلما دخل عليه استضحك معاوية، فقال له عمرو: ما أضحكك يا أمير ا لمؤمنين، أدام الله سرورك ؟ قال: ذكرت ابن أبي طالب وقد غشيك بسيفه فاتقيته ووليت. فقال: أتشمت بي يا معاوية، وأعجب من هذا يوم دعاك إلى البراز فالتمع
(1) أي نائم القيلولة.
[ 135 ]
لونك، وأطت (1) أضلاعك، وانتفخ منخرك، والله لو بارزته لاوجع قذ الك (2)، وأيتم عيالك، وبزك سلطانك، وأنشأ عمرو يقول: معاوي لا تشمت بفارس بهمة (3) لقى فارسا لا تعتليه الفوارس معاوي لو أبصرت في الحرب مقبلا أبا حسن يهوي دهتك الوساوس وأيقنت أن الموت حق وأنه لنفسك إن لم تمعن الركض خالس دعاك فصمت دونه الاذن أذزعا ونفسك قد ضاقت عليها الامالس (4) أتشمت بي إذ نالني حد رمحه وعضضني ناب من الحرب ناهس فأي أمرئ لاقاه لم يلق شلوه بمعترك تسفي عليه الروامس (5)
أبى الله إلا أنه ليث غابة أبوأسبل تهدى إليه الفرائس فإن كنت في شك فأرهج عجاجة وإلا فتلك الترهات البسابس (6) فقال معاوية: مهلا يا أبا عبدا لله، ولاكل هذا. قال: أنت استدعيته. 218 / 31 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد (رحمه الله) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: سمعته يقول لخيثمة: يا خيثمة اقرئ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يشهد أحياؤهم جنائز موتاهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن لقياهم حياة أمرنا. قال: ثم رفع يده (عليه السلام) فقال: رحم الله من أحيا أمرنا. 219 / 32 - وبهذا الاسناد، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الدعاء ليرد
(1) أي صوتت. (2) القذال: هو ما بين الاذنين من مؤخر الرأس. (3) البهمة: الشجاع الذي يستبهم مأتاه على أقرانه. (4) الامالس: جمع إمليس، الفلاة ليس فيها نبات. (5) الروامس: الرياح التي تغطي آثار الديار بما تثير. (6) أي الباطل الكذب.
[ 136 ]
القضاء، وإن المؤمن ليذنب فيحرم بذنبه الرزق. 220 / 33 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو صالح محمد بن فيض العجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى، قال: حدثني أبي الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر بن
محمد، قال: حدثني أبي جعفر، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله) على اليمن فقال وهو يوصيني: يا علي، ما حار من استخار، ولا ندم من استشار، يا علي، عليك بالدلجة (1)، فإن الارض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار ؟ يا علي، اغد على اسم الله، فإن الله (تعالى) بارك لامتي في بكورها. 221 / 34 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن عيسى المكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا هوذة بن خليفة، قال: حدثنا عوف عن عطية الطفاوي، عن أبيه، عن أم سلمة (رضي الله عنها)، قالت: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيتي إذ قالت الخادم: يا رسول الله، إن علياوفا طمة (عليهما السلام) في السدة (2). فقال: قومي فتنحي عن أهل بيتي. قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريبا، فدخل علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وهما صبيان صغيران، فوضعهما النبي (صلى الله عليه وآله) في حجره وقبلهما، واعتنق عليا باحدى يديه وفاطمة باليد الاخرى، وقبل فاطمة (عليهما السلام) وقال: اللهم إليك أنا وأهل بيتي لا إلى النار. فقلت: يا رسول الله وأنا معكم ؟ فقال: وأنت.
(1) الدلجة: السير في أول الليل. (2) السدة: باب الدار، والظلة فوقه.
[ 137 ]
222 / 35 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا إبراهيم بن علي والحسن بن يحيى، جميعا، قالا: حدثنا نصر بن مزاحم، عن أبي خالد الواسطي، عن زيد بن علي بن
الحسين، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر لم يعطهن ا حد قبلي، ولا يعطاهن أحد بعدي. قال لي: أنت يا علي أخي في الدنيا وأخي في الاخرة، وأنت أقرب الناس مني موقفا يوم القيامة ومنزلي ومنزلك في الجنة متواجهان كمنزل الاخوين، وأنت الوصي، وأنت الولي، وأنت الوزير، عدوك عدوي وعدوي عدو الله، ووليك ولي ووليي وليي الله. 223 / 36 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا إبراهيم بن عمر، قال: حدثني أبي، عن أخيه، عن بكر بن عيسى، قال: لما اصطف الناس للحرب بالبصرة خرج طلحة والزبير في صف أصحابهما، فنادى أمير المؤمنبن علي بن أبي طالب (عليه السلام) الزبير بن العوام فقال له: يا أبا عبد الله، ادن مني لافضي إليك بسر عندي، فدنا منه حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): نشدتك الله إن ذكرتك شيئا فذكرته، أما تعترف به ؟ فقال: نعم. فقال: أما تذكر يوما كنت مقبلا علي بالمدينة تحدثني إذ خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرآك معي وأنت تبسم إلي، فقال لك: يا زبير، أتحب عليا ؟ فقلت: وكيف لا أحبه وبيني وبينه من النسب والمودة في الله ما ليس لغيره ! فقال: إنك ستقاتله وأنت له ظالم. فقلت: أعوذ بالله من ذلك ؟ فنكس الزبير رأسه ثم قال: إني أنسيت هذا المقام. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): دع هذا، أفلست بايعتني طائعا ؟ قال: بلى. قال: فوجدت مني حدثا يوجب مفارقتي ؟ فسكت ثم قال: لا جرم والله لا قاتلتك، ورجع متوجها نحو البصرة، فقال له طلحة: مالك يا زبير ! تنصرف عنا، سحرك ابن أبي
[ 138 ]
طالب ؟
فقال: لا ولكن ذكرني ماكان أنسانيه الدهر، واحتج علي ببيعتي له. فقال طلحة: لا، ولكن جبنت، وانتفح سحرك (1). فقال الزبير: لم أجبن لكن أذكرت فذ كرت. فقال له عبد الله: يا أبه، جئت بهذين العسكرين العظيمين حتى إذا اصطفا للحرب قلت: أتركهما وأنصرف، فما تقول قريش غدا بالمدينة ؟ الله الله يا أبه لا تشمت الاعداء، ولا تشين نفسك بالهزيمة قبل القتال. قال: يا بني ما أصنع وقد حلفت له بالله ألا أقاتله ؟ قال له: فكفر عن يمينك ولا تفسد أمرنا. فقال الزبير: عبدي مكحول حر لوجه الله كفارة يميني. ثم عاد معهم للقتال. فقال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال علي (عليه السلام): أيعتق مكحولا ويعصي نبيه لقدتاه عن قصد الهدى ثم عوق أينوي بهذا الصدق والبر والتقى سيعلم يوما من يبر ويصدق لشتان ما بين الضلالة والهدى وشتان من يعصي النبي ويعتق ومن هو في ذات الاله مشمر يكبر برا ربه ويصدق أفي الحق أن يعصى النبي سفاهة ويعتق عن عصيانه ويطلق كدافق ماء للسراب يؤمه ألافي ضلال ما يصب ويدفق 224 / 37 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر إلجعابي، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا العباس بن بكر، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا كثير بن طارق، قال: سألت زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) عن قوله (تعالى): " لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا
(1) السحر: الرئة، يقال ذلك للجبان.
[ 139 ]
كثيرا " (1). فقال زيد. يا كثير، إنك رجل صالح، ولست بمتهم، وإني خائف عليك أن تهلك، إنه إذا كان يوم القيامة أمر الله بأتباع كل إمام جائرإلى النار، فيدعون بالويل والثبور، ويقولون لامامهم: يا من أهلكنا هلم الان فخلصنا مما نحن فيه، فعندها يقال لهم: " لا تدعوا أليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ". ثم قال زيد بن علي (عليه السلام): حدثني أبي، عن أبيه الحسين بن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أنت يا علي وأصحابك في الجنة، أنت يا علي وأتباعك في الجنة. 225 / 38 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام). ما الايمان ؟ فجمع لي الجواب في كلمتين فقال: الايمان بالله أن لا تعصي الله. قلت: فما الاسلام ؟ فجمعه في كلمتين فقال: من شهد شهادتنا، ونسك نسكنا، وذبح ذبيحتنا. 226 / 39 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا العنزي، قال: حدثنا علي بن الصباح، قال: أخبرنا أبو المنذر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المساجد سوق من أسواق الاخرة، قراها (2) المغفرة، وتحفتها الجنة. 227 / 40 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن مسلم الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن علي بن
(1) سورة الفرقان 25: 14.
(2) القرى: ما يقدم إلى الضيف من طعام ونحوه.
[ 140 ]
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: حدثني أبي: أ نه سمع جعفر بن محمد يحدث عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا. 228 / 41 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني سليمان بن محمد الهمداني، قال: حدثني محمد بن عمران، قال: حدثنا محمد بن عيسى الكندي، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد، أخبرني بعمل يحبني الله عليه. قال: يا أعرابي ازهد في الدنيا يحبك الله (عزوجل)، وازهد في ما في أيدي الناس يحبك الناس. قال: قال جعفر بن محمد (عليهما السلام). من أخرجه الله (تعالى) من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه الله بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله (عزوجل) أخاف الله كل شئ، ومن لم يخف الله (عزوجل) أخافه الله من كل شئ (1). 229 / 42 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني، قال: حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن سعد بن سعيد، عن يونس بن الحباب، عن علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بال أقوام إذا ذ كر عندهم آل إبراهيم (عليه السلام) فرحوا واستبشروا، وإذا ذكر عندهم آل محمد (عليهم السلام) اشمأزت قلوبهم ؟ ! والذي نفس محمد بيده لو أن عبدا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيا ما قبل الله ذلك منه حتى يلقاه بولايتي
وولاية أهل بيتي. 230 / 43 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران
(1) يأتي في الحديث: 344.
[ 141 ]
المرزباني، قال: حدثنا علي بن سليمان " قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي، قال: حدثنا محمد بن فليح " عن موسى بن عقبة، عن محمد بن شهاب الزهري، قا ل: لما قدم جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) من بلاد الحبشة، بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى مؤتة، واستعمل على الجيش معه زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة، فمضى الناس معهم حتى كانوا بتخوم البلقاء، فلقيهم جموع هرقل من الروم والعرب، فانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فالتقى الناس عندها واقتتلوا قتالا شديدا، وكان اللواء يومئذ مع زيد بن حارثة، فقاتل به حتى شاط (1) في رماح القوم، ثم أخذه جعفر فقاتل به قتالا شديدا، ثم اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها وقاتل حتى قتل. قال: وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر فرسه في الاسلام، ئم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل، فأعطى المسلمون اللواء بعدهم خالد بن الوليد، فناو ش القوم وراوغهم حتى انحاز بالمسلمين منهزما، ونجا بهم من الروم، وأنفذ رجلا من المسلمين يقال له عبد الرحمن بن سمرة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بالخبر. فقال عبد الرحمن: فصرت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلما وصلت إلى المسجد قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): على رسلك يا عبد الرحمن. ثم قال (صلى الله عليه وآله): أخذ اللواء زيد فقاتل به فقتل، رحم الله زيدا، ثم أخذ اللواء جعفر وقاتل وقتل، رحم الله جعفرا، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة وقاتل وقتل، فرحم الله عبد الله. قال: فبكى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم حوله، فقال لهم
النبي (صلى الله عليه وآله): وما يبكيكم ؟ فقالوا: وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا، وأهل الفضل منا ! فقال لهم (عليه السلام): لا تبكوا، فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها،
(1) شاط: هلك.
[ 142 ]
فأصلح رواكبها (1)، وبنى مساكنها، وحلق سعفها، فأطعمت عاما فوجا، ثم عاما فوجا، ثم عاما فوجا، فلعل آخرها طعما أن يكون أجودها قنوانا، وأطولها شمراخا، أما والذي بعثني بالحق نبيا، ليجدن عيسى بن مريم في أمتي خلقا من حواريه. قال: وقال كعب بن مالك يرثي جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه وعن المستشهد ين معه): هدت العيون ودمع عينك يهمل سخا كما وكف (2) الضباب المخضل وكأنما بين الجوانح والحشا مما تأوبني شهاب مدخل وجدا على النفر الذين تتابعوا يوما بمؤتة أسندوا لم يقفلوا (3) فتغير القمر المنير لفقدهم والشمس قدكسفت وكادت تأفل قوم علابنيانهم من هاشم فرع أشم وسؤدد ما ينقل قوم بهم نصر الالة عبادة وعليهم نزل الكتاب المنزل وبهديهم رضي الاله لخلقه وبجدهم نصر النبي المرسل بيض الوجوه يرى بطون أكفهم تندى إذا أغبر الزمان الممحل 231 / 44 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن المظفر البزاز، قال: حدثنا أحمد بن عبيد العطاردي، قال: حدثنا أبو بشر بن بكير، قال: حدثنا زياد بن المنذر، قال: حدثني أبو عبد الله مولى بني هاشم، قال: حدثنا أبو سعيد الخدري، قال: لما كان يوم أحد شج النبي (صلى الله عليه وآله) في وجهه، وكسرت رباعيته، فقام (عليه السلام) رافعا يديه يقول: إن الله اشتد غضبه على اليهود أن قالوا: عزير بن الله،
واشتد غضبه على النصارى أن قالوا: المسيح بن الله، وإن الله اشتذ غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي. 232 / 45 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن مالك
(1) وهي الفسائل في أعلى النخلة متدلية لا تبلغ الارض. (2) أي قطر وسال. (3) أي لم يعودوا.
[ 143 ]
النحوي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا بشر بن بكر، عن محمد بن إسحاق، عن مشيخته، قال: لما رجع علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أحد نا ناول فاطمة سيفه وقال: أفاطم هاك السيف غير ذميم فلست برعديد (1) ولا بلئيم لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد ومرضاة رب للعباد رحيم قال: وسمع يوم أحد، وقد هاجت ريح عاصف، كلائم هاتف يهتف، وهو يقول: لا سيف إلاذ والفقار ولا فتى إلا علي فإذا ندبتم هالكا فابكوا الوفن أخا الوفي 233 / 46 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن عثمان، عن أبي عبد (2) الله الاسلمي، عن موسى بن عبد الله الاسدي، قال: لما انهزم أهل البصرة أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن تنزل عائشة قصر أبي خلف، فلقا نزلت جاءها عمار بن ياسر (رضي الله عنه) فقال لها: يا أمت كيف رأيت ضرب بنيك دون دينهم بالسيف ؟ فقالت: استبصرت يا عمار من أجل أنك غلبت.
قال: أنا أشد استبصارا من ذلك، أما والله لو ضربتمونا حتى تبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنكم على الباطل. فقالت له عائشة: هكذا يخيل إليك، اتق الله يا عمار، فإن سنك قد كبرت، ودق عظمك، وفنى أجلك، وأذهبت دينك لابن أبي طالب. فقال عمار (رحمه الله): إني والله اخترت لنفسي في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرأيت عليا أقرأهم لكتاب الله (عزوجل)، وأعلمهم بتأويله، وأشدهم
(1) الرعديد: الجبان الذي يرعد في الحرب جبنا. (2) في نسخة: عبيد.
[ 144 ]
تعظيما لحرمته، وأعرفهم بالسنة، مع قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعظم عنائه وبلائه في الاسلام، فسكتت. 234 / 47، - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن عبد الله بن الوليد، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) في زمن بني مروان، فقال: ممن أنتم ؟ قلنا: من أهل الكوفة. قال: ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، لا سيما هذه العصابة، إن الله هداكم لامر جهله الناس، فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وبايعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأماتكم مماتنا، فأشهد على أبي كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هكذا - وأهوى بيده إلى خلقه - وقد قال الله (عزوجل) في كتابة: " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية " (1) فنحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).
235 / 48 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد ابن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: إن في السماء الرابعة ملائكة يقولون في تسبيحهم " سبحان من دل هذا الخلق القليل من هذا الخلق الكثير على هذا الدين العزيز ". 236 / 49 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبيد بن
(1) سورة الرعد 13: 38. (2) يأتي في الحديث: 140.
[ 145 ]
حمدون، قال: حدثنا محمد بن حسان بن سهيل، قال: حدثنا عامر بن الفضل (1)، عن بشر بن سالم البجلي ومحمد بن عمران الذهلي، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من نسي الصلاة علي أخطأ طريق الجنة. 237 / 50 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجبرئيل (عليه السلام): أي البقاع أحب إلى الله (تبارك وتعالى) ؟ قال: المساجد، وأحب أهلها إلى الله أولهم دخولا إليها وآ خرهم خروجا منها. قال: فأي البقاع أبغض إلى الله تعالى ؟ قال: الاسواق، وأبغض أهلها إليه أولهم دخولا إليها، وآ خرهم خروجا منها. 238 / 51 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني محمد بن عمر الجعابي،
قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن مستورد، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن زيد ابن بكار بن الوليد الجهني، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: من دخل سوقا فقال: " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد ا عبده ورسوله، اللهم إني أعوذ بك من الظلم والمأثم والمغرم " كتب الله له من ا لحسنات عدد من فيها من فصيح وأ عجم. 239 / 52 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدثنا محمد بن حسان، قال: حدثنا حفص بن راشد الهلالي، قال: حدثنا محمد بن عباد بن سريع البارقي، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام)
(1) في نسخة: المفضل.
[ 146 ]
يقول: لما ولد النبي (صلى الله عليه وآله) ولد ليلا، فأتى رجل من أهل الكتاب إلى الملا من قريش وهم مجتمعون: هشام بن المغيرة، ووليد بن المغيرة، وعتبة، وشيبة، فقال: أولد فيكم الليلة مولود ؟ قالوا: لا، وما ذاك ؟ قال: لقد ولد فيكم الليلة أو بفلسطين مولود اسمه أحمد، به شامة، يكون هلاك أهل الكتاب على يديه. فسألوا فأخبروا، فطلبوه فقالوا: لقد ولد فينا غلام. فقال: قبل أن آتيكم أو بعد ؟ قالوا: قبل. قال: فانطلقوا معي أنظر إليه، فأتوا أمه وهو معهم، فأخبرتهم كيف سقط، وما رأت من النور، قال اليهودي: فأخرجيه، فنظر إليه ونظر إلى الشامة فخر مغشيا عليه، فأدخلته أمه، فلما أفاق قالوا له: ويلك مالك ؟ قال ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيامة، هذا والله مبيرهم (1)، ففرحت قريش لذلك، فلما رأى فرحهم قال: والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق وأهل المغرب.
240 / 53 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثنا أحمد بن عبيد، قال: حدثنا عبد الرحيم بن قيس الهلالي، قال: حدثنا العمري عن أبي وجزة السعدي، عن أبيه، قال: أوصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى الحسن بن علي (عليه السلام) فقال فيما أوصى به إليه: يا بني، لا فقر أشد من الجهل، ولا عدم أعدم من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف عن محارم الله، ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله (عزوجل). يا بني، العقل خليل المرء، والحلم وزيره، والرفق والده، والصبر من خير جنود ه. يا بني، إنه لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه، فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زما نه. يا بني، إن من البلاء الفاقة، وأشد من ذلك مرض البدن، وأشد من ذلك مرض
(1) أي مهلكهم.
[ 147 ]
القلب، وإن من النعم سعة المال، وأفضل من ذلك صحة البدن، وأفضل من ذلك تقوى القلوب. يا بني، للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويجمل، وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة لمعاد، أو لذة في غير محرم. 241 / 54 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه (رحمه الله) قال: حدثني محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله)، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حنان بن سدير الصيرفي، عن
أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، قال: جلس جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينتسبون ويفتخرون، وفيهم سلمان (رحمه الله) فقال له عمر: ما نسبتك أنت يا سلمان، وما أصلك ؟ فقال: أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالا فهداني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)، فهذا حسبي ونسبي يا عمر. ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكر له سلمان ما قال عمر، وما أجابه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر قريش، إن حسب المرء دينه، ومروء ته خلقه، وأصله عقله، قال الله (تعالى): " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " (1) ثم أقبل على سلمان (رحمه الله) فقال له: يا سلمان، إنه ليس لاحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه. 242 / 55 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة
(1) سورة الحجرات 49: 13.
[ 148 ]
موسى بن يوسف بن راشد الكوفي، قال: حدثنا محمد بن يحيى الاودي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا فضيل بن الزبير، قال: حدثنا أبو عبد الله مولى بني هاشم، عن أبي سخيلة، قال: حججت أنا وسلمان الفارسي (رحمه الله) فمررنا بالربذة، وجلسنا إلى أبي ذز الغفاري (رحمه الله)، فقال لنا: إنه ستكون بعدي فتنة، ولابد منها، فعليكم بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب فالزموهما، فأشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أني سمعته وهو يقول: علي أول من آمن بي، وأول صدقني،
وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصد يق الاكبر، وهو فاروق هذه ا لامة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين. 243 / 56 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان ابن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن صالح بن ميثم التمار (رحمه الله عنه)، قال: وجدت في كتاب ميثم (رضي الله عنه) يقول: تمسينا ليلة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال لنا: ليس من عبد امتحن الله قلبه بالايمان إلا أصبح يجد مودتنا على قلبه، ولا أصبح عبد ممن سخط الله عليه إلا يجد بغضنا على قلبه، فأصبحنا نفرح بحب المؤمن لنا، ونعرف بغض المبغض لنا، وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم، وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لاصحاب الرحمة، فهنيئا لاصحاب الرحمة رحمتهم، وتعسا لاهل النار مثواهم، إن عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله الله في قلبه، ولن يحبنا من يحب مبغضنا، إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد و " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " (1) يحب بهذا قوما، ويحب بالاخر عدوهم، والذي يحبنا فهو يخلص حبناكما يخلص الذهب لا غش فيه. نحن النجباء وأفراطنا أفراط الانبياء، وأنا وصي الاوصياء، وأنا حزب الله
(1) سورة الاحزاب 33: 4.
[ 149 ]
ورسوله (عليه السلام)، والفئة الباغية حزب الشيطان، فمن أحب أن يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه، فإن وجد فيه حب من ألب علينا فليعلم أن الله عدوه وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين. 244 / 57 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد،
قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن فضالة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) قال: إنا وشيعتنا خلقنا من طينة من عليين، وخلق عدونا من طينة خبال من حمأ مسنون. 245 / 58 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن يوسف بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن عبد ة النيسابوري، قال: قلت لابي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) إن الناس يروون عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن في الليل ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلا استجيب له ؟ قال: نعم. قلت: متى هي، جعلت فداك ؟ قال: ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي منه. قلت له: أهي ليلة من الليالي معلومة، أوكل ليلة ؟ قال: بل كل ليلة. 246 / 59 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سليمان بن زياد المروزي، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد العيشي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: هذا شهر رمضان، وهو شهر مبارك، افترض الله (تعالى) صيامه، تفتح فيه أبواب الجنان، وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فمن حرمها فقد حرم، يردد ذلك ثلاث مرات. 247 / 60 - أخبرتم محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سليمان، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد العيشي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي
[ 150 ]
هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صام شهر رمضان إيمانا واحتسابا، غفر
الله له ما تقدم من ذنبه، ومن صلى ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه. 248 / 61 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن زكريا بن محمد، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أربعة لا ترد لهم دعوة: الامام العادل لرعيته، والاخ لاخيه بظهر الغيب يوكل الله به ملكا يقول له: ولك مثل ما دعوت لاخيك، والوالد لولده، والمظلوم يقول الرب (عزوجل): وعزتي وجلالي لانتقمن لك ولو بعد حين. تم المجلس الخامس، ويتلوه المجلس السادس من أمالي الشيخ الجليل أبي جعفر الطوسي رحمة الله عليه ورضي عنه.
[ 151 ]
(6) المجلس السادس فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 249 / 1 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله عنه)، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني محمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: وجدت في كتاب أبي، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: وجدت حفصة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أم إبراهيم في يوم عائشة، فقالت: لاخبرنها. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اكتمي ذلك وهي علي حرام، فأخبرت حفصة عائشة بذلك، فأعلم الله نبيه (عليه السلام)، فعرف حفصة أ نها أفشت سره فقالت له: من أنبأك هذا ؟ قال: نبأني
العليم الخبير، فآلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نسائه شهرا، فأنزل الله (عزاسمه) " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " (1). قال ابن عباس: فسألت عمر بن الخطاب من اللتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: حفصة وعائشة.
(1) سورة التحريم 66: 4.
[ 152 ]
250 / 2 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو نصر محمد بن الحسين البصير، قال: حدثنا العباس بن السري المقرئ، قال: حدثنا شداد بن عبد الله المخزومي، عن عامر بن حفص، قال: قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه محمد بن عروة، فدخل محمد دار الدواب، فضربته دابة فخر ميتا، ووقعت في رجل عروة الاكلة (1)، ولم تدع (2) وركه تلك الليلة، فقال له الوليد: اقطعها، فقال: لا، فترقت إلى ساقة فقال له: اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك، فقطعها بالمنشار وهو شيخ كبير لم يمسكه أحد، وقال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. وقدم على الوليد في تلك السنة قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير، فسأله الوليد عن عينه وسبب ذهابها، فقال: يا أمير المؤمنين، بت ليلة في بطن واد، ولا أعلم عبسيا تزيد حاله على حالي، فطرقنا سيل، فذهب ماكان لي من أهل وولد ومال غير بعير وصبي مولود، وكان البعير صغيرا صعبا فند (3)، فوضعت الصبي، وأتبعت البعير، فلم أجاوز إلا قليلا حتى سمعت صيحة ابني، فرجعت إليه وراس الذئب في بطنه يأكله، ولحقت البعير لاحتبسه فنفحني برجله في وجهي فحطمه وذهب بعيني، فأصبحت لا مال لي ولا أهل ولا ولد ولا بصر. فقالى الوليد: انطلقوا به إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاء. وشخص عروة إلى المدينة فأتته قريش والانصار، فقال له عيسى بن طلحة بن
عبيدالله: ابشر يا أبا عبد الله، فقد صنع الله بك خيرا، والله ما بك حاجة إلى المشي. فقال: ما أحسن ما صنع الله بي ! وهب لي سبعة بنين فمتعني بهم ما شاء، ثم أخذ واحدا وترك ستة، ووهب لي ستة جوارح متعني بهن ما شاء ثم أخذ واحدة وترك خمسا: يدين، ورجلا وسمعا وبصرا. ثم قال: إلهي لئن كنت أخذت لقد أبقيت،
(1) الاكلة: الحكة، وداء في العضو يأتكل منه. (2) ودع يدع: سكن واستقر. (3) ند البعير: نفر وشرد.
[ 153 ]
وإن كنت ابتليت لقد عافيت. 251 / 3 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدثنا الحسين بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن آدم بن عيينة الهلالي، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: كم من صبر ساعة قد أورث فرحا طويلا، وكم من لذة ساعة قد أورثت حزنأ طويلا. 252 / 4 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا علي بن ماهان، قال: حدثنا الحارث بن محمد بن داهر، قال: حدثنا داود بن المحبر، قال: حدثنا عباد بن كثير، عن سهيل بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: سمعت أبا القاسم (صلوات الله عليه) يقول: استرشدوا العاقل، ولا تعصوه فتند موا. 253 / 5 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا الحسن بن جعفر، قال: حدثني عمي طاهر بن مدرك، قال: حدثني زر بن أنس، قال: سمعت
جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون كامل العقل، ولا يكون كامل العقل حتى تكون فيه عشر خصال. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، يستقل كثير الخير من نفسه، ويستكثر قليل الخير من غيره، ويستكثر قليل الشر من نفسه، ويستقل كثير الشر من غيره، ولا يتبرم بطلب الحوائج قبله، ولا يسأم من طلب العلم عمره، الذل أحب إليه من العز، والفقر أحب إليه من الغنى، حسبه من الدنيا قوت، والعاشرة وما العاشرة: لا يلقى أحدا إلا قال: هو خير مني وأتقى. إنما الناس رجلان: رجل خير منه وأتقى، وآخر شر منه وأدنى، فإذالقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به، وإذا لقي الذي هو شرمنه وأدنى قال: لعل شر هذا ظاهر وخيره باطن، فإذا فعل ذلك علا وساد أهل زمانه. 254 / 6 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد
[ 154 ]
الحسن بن حمزة العلوي الطبري الحسيني، قال: حدثنا محمد بن الفضل بن حاتم، المعروف بأبي بكر النجار الطبري الفقيه، قال: حدثنا محمد بن عبد الحميد، قال: حدثنا داهر بن محمد بن يحيى الاحمري، قال: حدثنا المنذر بن الزبير، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تضادوا بعلي أحد ا فتكفروا، ولا تفضلوا عليه أحدا فترتدوا. 255 / 7 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسين زيد بن محمد بن جعفر السلمي إجازة، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحكم الكندي، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري، قال: حدثنا خالد بن العلاء، عن المنهال بن عمرو، قال: كنت جالسا مع محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) إذ جاءه رجل فسلم عليه فرد عليه السلام، قال الرجل: كيف أنتم ؟ فقال له محمد (عليه السلام): أوما آن لكم أن تعلموا كيف نحن، إنما مثلنا في هذه
الامة مثل بني إسرائيل، كان يذبح أبناؤهم وتستحيا نساؤهم، ألا وإ ن هؤلاء يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا، زعمت العرب أن لهم فضلا على العجم، فقالت العجم: وبماذا ؟ قالوا: كان محمد (صلى الله عليه وآله) عربيا. قالوا لهم: صدقتم، وزعمت قريش أن لها فضلا على غيرها من العرب، فقالت لهم العرب من غيرهم: وبما ذاك ؟ قالوا: كان محمد (صلى الله عليه وآله) قرشيا. قالوا لهم: صدقتم ؟ فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس، لانا ذرية محمد (صلى الله عليه وآله)، وأهل بيته خاصة وعترته، لا يشركه في ذلك غيرنا. فقال له الرجل: والله إني لاحبكم أهل البيت. قال: فاتخذ للبلاء جلبابا، فوالله إنه لاسرع إلينا والى شيعتنا من السيل في الوادي، وبنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم. 256 / 8 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو أحمد إسماعيل بن يحيى العبسي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الضراري، قال: حدثني عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدثنا الحسين
[ 155 ]
ابن الحسن الاشقر " قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي الاسدي، عن أبي أيوب الانصاري، قال: مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرضة، فأتته فاطمة (عليهما السلام) تعوده، فلما رأت ما برسول الله (صلى الله عليه وآله) من المرض والجهد استعبرت وبكت حتى سألت دموعها على خديها، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة، إني لكرامة الله إياك زوجتك أقدمهم سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما، إن الله (تعالى) اطلع إلى أهل الارض إطلاعة فاختارني منها فبعثني نبيا، واطلع إليها ثانية فاختار بعلك فجعله وصيا. فسرت فاطمة (عليها السلام) فاستبشرت، فأراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يزيدها
مزيد الخير، فقال: يا فاطمة، إنا أهل بيت أعطينا سبعا لم يعطها أحد قبلنا ولا يعطاها أحد بعدنا: نبينا أفضل الانبياء وهو أبوك، ووصينا أفضل الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو عمك، ومنا من جعل الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة وهو ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك. والذي نفسي بيده لابد لهذه لامة من مهدي، وهو والله من ولدك. 257 / 9 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري إجازة، قال: حدثنا أبو الفضل محمود بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا الاعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن سلمان (رضي الله عنه)، قال: بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) على النصح للمسلمين، والائتمام بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، والموالاة له. 258 / 10 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني محمد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري، قال: حدثنا سليمان بن سهل، قال: حدثنا عيسى بن إسحاق القرشي، قال: حدثنا حمدان بن علي الخفاف، قال: حدثنا عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام)، عن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه عمار (رضي الله عنه)، قال: لما مرضت فاطمة (عليها السلام) مرضها الذي توفيت فيه وثقلت، جاءها العباس بن
[ 156 ]
عبد المطلب (رضي الله عنه) عائدا، فقيل له: إنها ثقيلة، وليس يدخل عليها أحد، فانصرف إلى داره، فأرسل إلى علي (عليه السلام) فقال لرسوله: قل له: يابن أخ، عمك يقرئك السلام، ويقول لك: قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقرة عينه وعيني فاطمة ما هدني، وإني لاظنها أولنا لحوقا برسول الله (صلى الله عليه وآله))، والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه، فإن كان من أمرها ما لابد منه، فاجمع - أنا لك الفداء -
المهاجرين والانصار حتى يصيبوا الاجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للد ين. فقال علي (عليه السلام) لرسوله وأنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام، وقل: لا عدمت إشفاقك وتحننك، وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله، إن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تزل مظلومة من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا رعي فيها حقه، ولا حق الله (عزوجل)، وكفى بالله حاكما ومن الظالمين منتقما، وإني أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنها وصتني بستر أمرها. قال: فلما أتى العباس رسوله بما قاله علي (عليه السلام) قال: يغفر الله لابن أخي، فإنه لمغفور له، إن رأي ابن أخي لا يطعن فيه، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبي (صلى الله عليه وآله)، إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل قضية، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهادا للاعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله). 259 / 11 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن القاسم الحارثي، قال: حدثنا أحمد بن صبيح، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الهمداني، عن الحسين بن مصعب، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: من أحبنا لله، وأحب محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه، وعادى عدونا لا لا حنة (1)
(1) الاحنة: الحقد والعداوة.
[ 157 ]
كانت بينه وبينه، ثم جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر، غفرها الله (تعالى) له. 260 / 12 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر
الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبيد، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن المثنى الازدي: أنه سمع أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: نحن السبب بينكم وبين ا لله (عز وجل). 261 / 13 - أخبرنا محمد بن محمد، عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا أسيد بن زيد، عن محمد بن مروان، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). بكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطاها. 262 / 14 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر البزاز، قال: حدثنا الحسن بن رجاء، قال: حدثنا عبيدالله بن سليمان، عن محمد بن علي العطار، عن هارون بن أبي بردة، عن عبيدالله بن موسى، عن المبارك بن حسان، عن عطية، عن ابن عباس، قال: قيل: يا رسول الله، أي الجلساء خير ؟ قال. من ذكركم بالله رؤيته، وزادكم في علمكم منطقه، وذكركم بالاخرة عمله. 263 / 15 - حدثني محمد بن محمد، قال: حدثني أبو حفص عمربن محمد الصيرفي، قال: حدثني علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاثة أخافهن على أمتي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة البطن والفرج. 264 / 16 - أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا الحسن بن
[ 158 ]
عتبة، قال: حدثنا أحمد بن النضر، قال: حدثنا محمد بن الصامت الجعفي، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده قوم من البصريين، فحدثهم بحديث أبيه عن جابر ابن عبد الله في الحج أملاه عليهم، فلما قاموا قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الناس أخذوا يمينا وشمالا، وإنكم لزمتم صاحبكم، فإلى أين ترون يرد بكم ؟ إلى الجنة، والله إلى الجنة، والله إلى الجنة، والله. 265 / 17 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني إسماعيل ابن أبي أويس، قال: حدثني إسحاق بن يحيى، عن أبي بردة الاسلمي، عن أبيه، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا صلى الصبح رفع صوته حتى يسمع أصحابه يقول: " اللهم اصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة ". ثلاث مرات، " اللهم اصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي " ثلاث مرات، " اللهم اصلح لي آخرتي التي جعلت إليها مرجعي ". ثلاث مرات، االلهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك ". ثلاث مرات، " اللهم إني أعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ". 266 / 18 - أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): إن الله (تعالى) ضمن للمؤمن ضمانا. قال: قلت: وما هو ؟ قال: ضمن له إن أقر لله بالربوبية، ولمحمد (صلى الله عليه وآله) بالنبوة، ولعلي (عليه السلام) بالامامة، وأدى ما افترض عليه، أن يسكنه في جواره. قال: فقلت: هذه والله هي الكرامة التي لا يشبهها كرامة الادميين. ثم قال أبو
عبد الله (عليه السلام): اعملوا قليلا تنعموا كثيرا. 267 / 19 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال
[ 159 ]
المهلبي، قال: حدثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري بمصر، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال الغلابي: وحدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا محمد بن صالح ابن النطاح ومحمد بن الصلت الواسطي، قالا: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. قال: وحدثنا أبو عيسى عبيدالله بن الفضل الطائي، قال: حدثنا الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمربن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني محمد بن سلام الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا محمد بن صالح، ومحمد بن الصلت، قالا: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: دخل الحسين بن علي (عليهما السلام) على أخيه الحسن بن علي (عليهما السلام) في مرضه الذي توفي فيه، فقال له: كيف تجدك يا أخي ؟ قال: أجدني في أول يوم من أيام الاخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، واعلم أ ني لا أسبق أجلي، وأ ني وارد على أبي وجدي (عليهما السلام)، على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الاحبة، واستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه، بل على محبة مني للقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولقاء فاطمة وحمزة وجعفر (عليهم السلام)، وفي الله (عزوجل) خلف من كل هالك، وعزاء من كل مصيبة، ودرك من كل ما فات. رأيت يا أخي كبدي آنفا في الطست، ولقد عرفت من دهاني، ومن أين أتيت،
فما أنت صانع به يا أخي ؟ فقال الحسين (عليه السلام): أقتله والله. قال: فلا أخبرك به أبدا حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولكن اكتب: " هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين بن علي، أوصى أ نه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأ نه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، ولاولي له من الذل، وأنه خلق كل شئ فقدره تقديرا، وأنه أولى من عبد وأحق من حمد، من
[ 160 ]
أطاعه رشد، ومن عصاه غوى، ومن تاب إليه اهتدى. فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفا ووالدا، وأن تدفنني مع جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإني أحق به وببيته ممن أدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله (تعالى) فيما أنزله على نبيه (صلى الله عليه وآله) في كتابه: " يا أيها الذ ين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي، إلا أن يؤذن لكم " (1) فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده، فإن أبت عليك الامرأة فأنشدك بالقرابة التي قرب الله (عزوجل) منك، والرحم الماسة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن لا تهريق في محجمة (2) من دم حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنختصم إليه، ونخبر بما كان من الناس إلينا بعده ". ثم قبض (عليه السلام). قال ابن عباس: فدعاني الحسين (عليه السلام) وعبد الله بن جعفر وعلي بن عبد الله بن العباس فقال: اغسلوا ابن عمكم، فغسلناه وحنطناه وألبسناه أكفانه، ثم خرجنا به حتى صلينا عليه في المسجد، وإن الحسين (عليه السلام) أمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان، وقالوا: أيدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلما بالبقيع بشر مكان ويدفن
الحسن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ! والله لا يكون ذلك أبدا حتى تكسر السيوف بيننا وتنقصف الرماح وينفد النبل. فقال الحسين (عليه السلام): أما والله الذي حرم مكة للحسن بن علي بن فاطمة أحق برسول الله وبيته ممن أدخل بيته بغير إذنه، وهو والله أحق به من حمال الخطايا، مسير أبي ذر (رحمه الله)، الفاعل بعمار ما فعل، وبعبد الله ما صنع، الحامي الحمى،
(1) سورة الاحزاب 33: 53. (2) المحجمة: أداة الحجم، والقارورة التي يجمع فيها دم الحجامة.
[ 161 ]
المؤوي لطريد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لكنكم صرتم بعده الامراء، وبايعكم على ذلك الاعداء وأبناء الاعداء. قال: فحملناه، فأتينا به قبر أمه فاطمة (عليها السلام) فدفناه إلى جنبها (رضي الله عنه وأرضاه). قال ابن عباس: وكنت أول من انصرف فسمعت اللغط وخفت أن يعجل الحسين (عليه السلام) على من قد أقبل، ورأيت شخصا علمت الشر فيه، فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم وتأمرهم بالقتال، فلما رأتني قالت: إلي إلي يابن عباس، لقد اجترأتم علي في الدنيا تؤذونني مرة بعد أخرى، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب. فقلت: واسوأتاه ! يوم على بغل، ويوم على جمل، تريدين أن تطفئي فيه نور الله، وتقاتلي أولياء الله، وتحولي بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين حبيبه أن يدفن معه، ارجعي فقد كفى الله (تعالى) المؤنة، ودفن الحسن إلى جنب أمه، فلم يزدد من الله (تعالى) إلا قربا، وما ازددتم منه والله إلا بعدا، يا سوأتاه ! انصرفي فقد رأيت ما سرك. قال: فقطبت في وجهي، ونادت بأعلى صوتها: أما نسيتم الجمل يابن عباس، إنكم لذووا أحقاد. فقلت: أما والله ما نسيه أهل السماء، فكيف ينساه أهل الارض ؟ !
فانصرفت وهي تقول: فألقت عصاها فاستقرت بها النوى كما قرعينا بالاياب المسافر 268 / 20 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن. قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن أبي محمد الانصاري، عن معاوية بن وهب، قال: كنت جالسا عند جعفر بن محمد (عليهما السلام) إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال له أبو عبد الله: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا شيخ ادن مني، فدنا منه فقبل يده فبكى، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): وما يبكيك يا شيخ ؟ قال له: يابن رسول الله، أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة، أقول
[ 162 ]
هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم، ولا أراه فيكم، فتلومني أن أبكي ! قال: فبكى أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال: يا شيخ، إن أخرت منيتك كنت معنا، وإن عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال الشيخ: ما أبالي ما فاتني بعد هذا يابن رسول الله. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): يا شيخ، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله المنزل، وعترتي أهل بيتي، تجئ وأنت معنا يوم القيامة. قال: يا شيخ، ما أحسبك من أهل الكوفة. قال: لا. قال: فمن أين أنت ؟ قال: من سوادها جعلت فداك. قال: أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين (عليه السلام) ؟ قال: إني لقريب منه. قال: كيف إتيانك له ؟ قال: إني لاتيه وأكثر.
قال: يا شيخ، ذاك دم يطلب الله (تعالى) به، ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين (عليه السلام)، ولقد قتل (عليه السلام) في سبعة عشر من أهل بيته، نصحوا لله وصبروا في جنب الله، فجزاهم أحسن جزاء الصابرين، إنه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه الحسين (عليه السلام) ويده على رأسه بقطر دما فيقول: يا رب، سل أمتي فيم قتلوا ولدي. وقال (عليه السلام). كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على ا لحسين (عليه السلام). 269 / 21 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن سفيان الكوفي الهمداني، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا الوليد بن أبي ثور، قال: حدثنا محمد بن سليمان، قال: حدثني عمي، قال: لما خفنا أيام الحجاج، خرج نفر منا من الكوفة مستترين، وخرجت معهم فصرنا إلى كربلاء، وليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخا على شاطئ الفرات وقلنا ناوي إليه، فبينا نحن
[ 163 ]
فيه إذ جاءنا رجل غريب فقال: أصير معكم في هذا الكوخ الليلة فإني عابر سبيل، فأجبناه وقلنا غريب منقطع به. فلما غربت الشمس وأظلم الليل أشعلنا، فكنا نشعل بالنفط، ثم جلسنا نتذاكر أمر الحسين بن علي (عليهما السلام) ومصيبته وقتله ومن تولاه، فقلنا: ما بقي أحد من قتلة الحسين إلا رماه الله ببلية في بدنه. فقال ذلك الرجل: فأنا قد كنت فيمن قتله، والله ما أصابني سوء، له، وإنكم يا قوم تكذبون ؟ فأمسكنا عنه، وقل ضوء النفط، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة باصبعه، فأخذت النار كفه، فخرج ونادى حتى ألقى نفسه في الفرات يتغوص به، فوالله لقد رأيناه يدخل رأسه في الماء والنار على وجه الماء، فإذا أخرج
رأسه سرت النار إليه فتغوصه إلى الماء، ثم يخرجه فتعود إليه، فلم يزل ذلك دأبه حتى هلك. 270 / 22 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن منصوربزرج، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، في قول الله (عزوجل): " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " (1). قال: النجم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والعلامات الائمة من بعده (عليهم السلام). 271 / 23 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن صالح بن حمزة، عن الحسين بن عبد الله، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لاصحابه: اعلموا يقينا أن الله (تعالى) لم يجعل للعبد - وإن عظمت حيلته، واشتد طلبه، وقويت مكائده - أكثر مما سنى له في الذكر الحكيم، فالعارف بهذا العاقل له أعظم الناس راحة في منفعته، والتارك له أعظم الناس شغلا
(1) سورة النحل 16: 16.
[ 164 ]
في مضرته، والحمد لله رب العالمين. ورب منعم عليه مستدرج، ورب مبتلى عند الناس مصنوع له، فأبق أيها المستمع من سعيك، وقصر من عجلتك، واذكر قبرك ومعادك، فإن إلى الله مصيرك، وكما تدين تدان. 272 / 24 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي
جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم وعلى المعترض عليهم والساب لهم، " أولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم " (1). 273 / 25 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن محمد بن مسعدة، قال: حدثني جدي مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: والله لا يهلك هالك على حب علي (عليه السلام) إلا رآه في أحب المواطن إليه، والله لا يهلك هالك على بغض علي (عليه السلام) إلا رآه في أبغض المواطن إليه. 274 / 26 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن الحسين البصري البزاز، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن مهدي، عن أبيه، عن الرضا علي ابن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حبنا أهل البيت يكفر الذنوب، ويضاعف الحسنات، وإن الله (تعالى) ليتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، إلا ماكان منهم فيها على إصرار وظلم للمؤمنين،
(1) سورة آل عمران 3: 77.
[ 165 ]
فيقول للسيئات: كوني حسنات. 275 / 27 - أخبرني محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن المظفر بن محمد الخراساني، قال: حدثنا محمد بن جعفر العلوي الحسيني، قال: حدثنا الحسن ابن محمد بن جمهور العمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن
جميل بن دراج، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: أوحى الله إلى موسى بن عمران (عليه السلام): أتدري يا موسى، لم انتجبتك من خلقي، واصطفيتك لكلامي ؟ فقال: لا، يا رب، فأوحى الله إليه: أ ني اطلعت إلى الارض فلم أجد عليها أشد تواضعا لي منك، فخر موسى ساجدا وعفر خديه في التراب تذللا منه لربه (عزوجل)، فأوحى الله إليه: ارفع رأسك يا موسى، وامر يدك موضع سجودك، وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك، فإنه أمان من كل سقم دواء وآفة وعاهة. 276 / 28 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني القاضي أبو بكر محمد بن عمر المعروف بالجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن يوسف بن إبراهيم الورداني، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا وهيب بن حفص، عن أبي حسان العجلي، قال: لقيت أمة الله بنت رشيد الهجري فقلت لها: أخبريني بما سمعت من أبيك. قالت: سمعته يقول: قال لي حبيبي أمير المؤمنين (عليه السلام): يا رشيد، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، أيكون آخر ذلك إلى الجنة ؟ قال: نعم يا رشيد، وأنت معي في الدنيا والاخرة. قالت: فوالله ما ذهبت الا يام حتى أرسل إليه الدعي عبيدالله بن زياد، فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأبى أن يتبرأ منه، فقال له ابن زياد: فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت ؟ قال: أخبرني خليلي صلوات الله عليه أ نك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرأ، فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني. فقال: والله لاكذبن صاحبك، قدمره فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه، فقطعوه ثم حملوه إلى منزلنا فقلت له: يا أبه جعلت فداك، هل تجد لما أصابك ألما ؟ قال:
[ 166 ]
والله لا يا بنية إلاكالزحام بين الناس.
ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يترجعون له فقال: إئتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون مما أعلمنيه مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأتوه بصحيفة ودواة، فجعل يذكر ويملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه، فمات من ليلته تلك (رحمه الله)، وكان أمير المزمنبن (عليه السلام) يسميه رشيد المبتلى، وكان قد ألقى (عليه السلام) إليه علم البلايا والمنايا، فكان يلقى الرجل فيقول له: يا فلان بن فلان تموت ميتة كذا، وأنت يا فلان تقتل قتلة كذا، فيكون الامر كما قاله رشيد (رحمه الله). 277 / 29 - حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سلمان، قال: حدثنا يحيى بن داود، قال: حدثنا جعفر بن إسماعيل، قال: أخبرنا عمرو بن أبي عمرو، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر. 278 / 30 - حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو حفص عمربن محمد، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حد ثنا داود بن سليمان، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قا ل رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الله (عز وجل): يا بن آدم، كلكم ضال إلا من هديت، وكلكم عائل إلا من أغنيت، وكلكم هالك إلا من أنجيت، فاسألوني أكفكم وأهدكم سبيل رشدكم، فإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفاقة ولر أغنيته لافسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أمرضته لا فسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا المرض ولو أصححت جسمه لافسده
ذلك، وإ ن من عبادي لمن يجتهد في عبادتي وقيام الليل لي، فألقي عليه النعاس نظرا
[ 167 ]
مني له، فيرقد حثى يصبح ويقوم حين يقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها، ولو خليت بينه وبين ما يريد لدخله العجب بعمله، ثم كان هلاكه في عجبه ورضاه من نفسه، فيظن أنه قد فاق العابدين وجاز باجتهاده حد المقصرين فيتباعد بذلك مني، وهو يظن أنه يتقرب إلي، فلا يتكل العاملون على أعمالهم وإن حسنت، ولا ييأس المذنبون من مغفرتي لذنوبهم وإن كثرت، لكن برحمتي فليثقوا، ولفضلي فليرجوا، وإلى حسن نظري فليطمئنوا، وذلك أ ني أدبر عبادي بما يصلحهم، وأنا بهم لطيف خبير. 279 / 31 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسين البزوفري (رحمه الله) عن أبيه الحسين بن علي بن سفيان، قال: حدثنا عبد الله بن زيدان البجلي، قال: حدثنا الحسن بن أبي عاصم، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سلم علي في شئ من الارض أبلغتة، ومن سلم علي عند القبر سمعته. 280 / 32 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): من تعلم لله، وعمل لله، وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، وعمل لله، وعمل لله (1). 281 / 33 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو حفص عمربن محمد بن علي ابن الزيات، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن العباس التمار، قال:
حدثنا الحسن بن عبيدالله، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان، قال: كنا مع سلمان الفارسي (رحمه الله) تحت شجرة،
(1) تقدم في الحديث: 58.
[ 168 ]
فأخذ غصنا منها، فنفضه فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألوني عما صنعت ؟ فقلنا: خبرنا، فقال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ظل شجرة فأخذ غصنا منها، فنفضه فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألوني عما صنعت ؟ فقلنا: أخبرنا، يا رسول الله، قال: إن العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاتت (1) عنه خطاياه، كما تحات ورق هذه الشجرة. 282 / 34 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد يقول: لم يزل الله (جل اسمه) عالما بذاته ولا معلوم، ولم يزل قادرا بذاته ولا مقدور. قلت له: جعلت فداك، فلم يزل متكلما ؟ فقال: الكلام فحدث، كان الله (عزوجل) وليس بمتكلم، ثم أحدث الكلام. 283 / 35 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، عن يحيى بن مساور، عن علي بن حزور، عن الهيثم بن عوف، عن خالد بن عرعرة، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: إن بالكوفة مساجد مباركة، ومساجد ملعونة، فأما المباركة فمنها مسجد غني وهو مسجد مبارك، والله إن قبلته لقاسطة، ولقد أسسه رجل مؤمن، وإنه لفي سرة الارض، وإن بقعته لطيبة، ولا تذهب الليالي والا يام حتى تنفجر فيه عيون، ويكون
على جنبه جنتان، وإن أهله ملعونون وهو مسلوب منهم. ومسجد جعفي مسجد مبارك، وربما اجتمع فيه أناس من العرب من أوليائنا فيصلون فيه. ومسجد بني ظفر مسجد مبارك، والله إن فيه لصخرة خضراء، وما بعث الله نبي إلا فيها تمثال وجهه، وهو مسجد السهلة. ومسجد الحمراء وهو مسجد يونس بن متى (عليه السلام)، ولتنفجرن
(1) أي تناثرت.
[ 169 ]
فيه عين تظهر على السبخة وما حولها. وأما المساجد الملعونة فمسجد الاشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبد الله البجلي، ومسجد ثقيف، ومسجد سماك، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من ا لفرا عنة. 284 / 36 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عبيدالله بن إسحاق الضبي، عن حمزة بن نصر، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، قال: لما رجعت رسل أمير المؤمنين (عليه السلام) من عند طلحة والزبير وعائشة، يؤذنونه بالحرب، قام فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد وآله، ثم قال: يا أيها الناس، إني قد راقبت هؤلاء القوم كيما يرعووا (1) أو يرجعوا، وقد وبختهم بنكثهم وعرفتهم بغيهم، فليسوا يستجيبون، ألا وقد بعثوا إلي أن ابرز للطعان، واصبر للجلاد، فإنما منتك نفسك من أبنائنا الاباطيل، هبلتهم الهبول (2)، قد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب، وأنا على ما وعدني ربي من النصر والتأيبد والظفر، وإ ني لعلى يقين من ربي، وفي غير شبهة من أمري. أيها الناس، إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت
محيص، من لم يمت يقتل، إن أفضل الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده لالف ضربة بالسيف أهون علي من موت على فراش. يا عجبا لطلحة، ألب على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقة يمينه طائعا، ثم نكث بيعتي، وطفق ينعى ابن عفان ظالما، وجاء يطلبني يزعم بدمه، والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث: لئن كان ابن عفان ظالما، كما كان يزعم حين حصره
(1) أي يكفوا. (2) هبلتهم: ثكلتهم، والهبول: المرأة الثكول.
[ 170 ]
وألب عليه، إنه لينبغي أن يؤازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه، وإن كان في تلك الحال مظلوما، إنه لينبغي أن يكون معه، وإن كان في شك من الخصلتين، لقد كان ينبغي أن يعتزله ويلزم بيته ويدع الناس جانبا، فما فعل من هذه الخصال واحدة، وها هو ذا قد أعطاني صفقة يمينه غير مرة ثم نكث بيعته، اللهم فخذه ولا تمهله. ألا وإن الزبير قطع رحمي وقرابتي، ونكث بيعتي، ونصب لي الحرب، وهو يعلم أنه ظالم لي، اللهم فاكفنيه بما شئت. 285 / 37 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي، قال: حدثنا الحسين بن عطاء الصواف، قال: حدثنا محمد بن سعيد النصري، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الاصباغي، عن عطاء بن مسلم، عن الحسن بن أبي الحسن البصري، قال: كنت غازيا زمن معاوية بخراسان، وكان علينا رجل من التابعين فصلى بنا يوما الظهر، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس، إنه قد حدث في الاسلام حدث عظيم، لم يكن منذ قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) مثله، بلغني أن معاوية قتل حجرا وأصحابه، فإن يك عند المسلمين غيرفسبيل ذلك، له وإن لم يكن عندهم غير فأسأل الله أن يقبضني إليه، وأن يعجل ذلك. قال الحسن بن أبي
الحسن: فلا والله ما صلى بنا صلاة غيرها حتى سمعنا عليه الصياح. 286 / 38 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا الحسن ابن القاسم، عن علي بن إبراهيم بن يعلى التيمي، قال: حدثني علي بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): ما نزلت آية إلا وأنا عالم متى نزلت، وفي من أنزلت، ولو سألتموني عما بين اللوحين لحد ثتكم. 287 / 39 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك
[ 171 ]
النحوي، قال: أخبرني أبو الحسن (1) أحمد بن علي المعدل بحلب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن سليمان الاصفهاني، قال: حدثنا عمربن قيس المكي، عن عكرمة صاحب ابن عباس، قال: لما حج معاوية نزل المدينة فاستؤذن لسعد بن أبي وقاص عليه، فقال لجلسائه: إذا أذنت لسعد وجلس فخذوا من علي بن أبي طالب، فإذن له، وجلس معه على السرير. قال: وشتم القوم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فانسكبت عينا سعد بالبكاء، فقال له معاوية: ما يبكيك يا سعد ؟ أتبكي أن يشتم قاتل أخيك عثمان بن عفان ؟ قال: والله ما أملك البكاء، خرجنا من مكة مهاجرين حتى نزل هذا المسجد - يعني مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) - وكان فيه مبيتنا ومقيلنا، إذ أخرجنا منه وتر ك علي بن أبي طالب فيه، فاشتد ذلك علينا وهبنا نبي الله (صلى الله عليه وآله) أن نذكر ذلك له، فأتينا عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين، إن لنا صحبة مثل صحبة علي، وهجرة مثل هجرته، وإنا قد أخرجنا من المسجد وترك فيه، فلا ندري من سخط من الله، أو من غضب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فاذكري له ذلك فانا نهابه، فذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لما: يا عائشة، لا والله ما أنا أخرجتهم، ولا أنا أسكنته، بل الله أخرجهم
وغزونا خيبر فانهزم عنها من انهزم فقال نبي الله (صلى الله عليه وآله): لاعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فدعاه وهو أرمد فتفل في عينه وأعطاه الراية ففتح الله له. وغزونا تبوك مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فودع علي النبي (صلى الله عليه وآله) على ثنية الوداع وبكى، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك ؟ فقال كيف لا أبكي ولم أتخلف عنك في غزاة منذ بعثك الله (تعالى)، فما بالك تخلفني في هذه الغزاة ؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أ نه لا نبي بعدي ؟ فقال علي (عليه السلام): بل رضيت.
(1) في نسخة: الحسين.
[ 172 ]
288 / 40 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا الحسن بن القاسم، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن يعلى التيمي، قال: حدثنا علي بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن حمران بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن أبيه، قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: والله لاذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعداءنا، ولاوردنه (1) أحباءنا. 289 / 41 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر، عن أبي العباس أحمد بن محمد، عن يحيى بن زكريا بن شيبان، عن الحسين بن سفيان، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن المشمعل، قال: حدثنا أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: من دعا الله بنا أفلح،
ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك. 290 / 42 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن إبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ. بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)، فإن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) مقبولة، ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضا. 291 / 43 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمد بن الحسن، عن محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان ابن عثمان، عن بحر السقاء، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: إن من روح الله (تعالى) ثلاثة: التهجد بالليل، وإفطار الصائم، ولقاء الاخوان.
(1) في نسخة: وليردنه.
[ 173 ]
292 / 44 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد ابن عبد الحميد، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عتبة، قال: حدثنا الحسن بن المبارك، قال: حدثنا العباس بن عامر، عن مالك الاحمسي، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ ابن نباتة، قال: كنت أركع عند باب أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنا أدعو الله، إذ خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: يا أصبغ. فقلت: لبيك. قال أي شئ كنت تصنع ؟ قلت: ركعت وأنا أدعو. قال: أفلا أعلمك دعاء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قلت: بلى. قال: قل: " الحمد لله على ماكان، والحمد لله على كل حال " ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الايسر، وقال: يا أصبغ، لئن ثبتت قدمك، وتمت ولايتك، وانبسطت
يدك، فالله أرحم بك من نفسك. 293 / 45 - أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن زيد بن المعدل، عن يحيى بن صالح الطيالسي، عن إسماعيل بن زياد، عن ربيعة بن ناجذ، قال: لما وجه معاوية بن أبي سفيان، سفيان بن عوف الغامدي إلى الانبار للغارة، بعثه في ستة آلاف فارس، فأغار على هيت والانبار، وقتل المسلمين، وسبى الحريم، وعرض الناس على البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام)، استنفر أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس وقد كانوا تقا عد وا عنه، واجتمعوا على خذلانه، وأمر مناديه في الناس فاجتمعوا، فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: أما بعد: أيها الناس، فوالله لاهل مصركم في الامصار أكثر في العرب من الانصار، وما كانوا يوم عاهدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتى يبلغ رسالات الله إلا قبيلتين صغير مولدهما، ما هما بأقدم العرب ميلادا، ولا باكثره عدد ا، فلما اووا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه، ونصروا الله ودينه، رمتهم العرب عن قوس واحدة، وتحالفت عليهم اليهود، وغزتهم القبائل قبيلة
[ 174 ]
بعد قبيلة، فتجردوا للدين، وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل، وما بينهم وبين اليهود من العهود، ونصبوا لاهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة وأهل الحزن وأهل السهل قناة الدين والصبر تحت حماس الجلاد، حتى دانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) العرب، فرأى فيهم قرة العين قبل أن يقبضه الله إليه، فأنتم في الناس أكثر من أولئك في أهل ذلك الزمان من العرب. فقال إليه رجل آدم (1) طوال فقال: ما أنت كمحمد، ولا نحن كأولئك الذين
ذكرت، فلا تكلفنا ما لا طاقة لنا به. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أحسن مسمعا تحسن إجابة، ثكلتكم الثواكل ما تزيدونني إلا غما، هل أخبرتكم أ ني مثل محمد (صلى الله عليه وآله) وأ نكم مثل أنصاره، وإنما ضربت لكم مثلا، وأنا أرجو أن تأسوا بهم. ثم قام رجل آخر فقال: ما أحوج أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن معه إلى أصحاب النهروان ! ثم تكلم الناس من كل ناحية ولغطوا، فقام رجل فقال بأعلى صوته: استبان فقد الاشتر، على أهل العراق، لو كان حيا لقل اللغط، ولعلم كل امرئ ما يقول: فقال لهم أمير المؤمنين (صلوت الله عليه): هبلتكم الهوابل، لانا أوجب عليكم حقا من الاشتر، وهل للاشتر عليكم من الحق إلا حق المسلم على المسلم ؟ وغضب فنزل. فقام حجر بن عدي وسعد بن قيس، فقالا: لا يسوؤك الله يا أمير المؤمنين، مرنا بأمرك نتبعه، فوالله العظيم ما يعظم جزعنا على أموالنا أن تفرق، ولا على عشائرنا أن تقتل في طاعتك، فقال لهم: تجهزوا للسير إلى عدونا. ثم دخل منزله (عليه السلام) ودخل عليه وجوه أصحابه، فقال لهم: أشيروا علي برجل صليب ناصج يحشر الناس من السواد ؟ فقال سعد بن قيس: عليك يا أمير المؤمنين بالناصح الاريب الشجا ع الصليب معقل بن قيس التميمي، قال: نعم، ثم
(1) الادم: الاسمر.
[ 175 ]
دعاه فوجهه وسار، ولم يعد حتى أصيب أمير المؤمنين (عليه السلام). 294 / 46 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن عامر القصباني، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن بريد العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله
جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لما توفيت خديجة (رضي الله عنها) جعلت فاطمة (صلوت الله عليها) تلوذ برسول الله (صلى الله عليه وآله) وتدور حوله، وتقول: يا أبه، أين أمي ؟ قال: فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال له: ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام، وتقول لها: إن أمك في بيت من قصب، كعابه (1) من ذهب، وعمده ياقوت أحمر، بين آسية ومريم بنت عمران، فقالت فاطمة (عليها السلام): إن الله هو السلام، ومنه السلام، وإليه ا لسلام. 295 / 47 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدثنا الحسين بن عبد الله (2) الابلي، قال: حدثنا أبو خالد الاسدي، عن أبي بكر بن عياش، عن صدقة بن سعيد الحنفي، عن جميع بن عمير، قال: سمعت عبد الله بن عمر بن الخطاب يقول: انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى العقبة فقال: لا يجاوزها أحد، فعوج الحكم بن أبي العاص فمه مستهزئا به (صلى الله عليه وآله) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من اشترى شاة مصراة (3) فهو بالخيار، فعوج الحكم فمه، فبصر به النبي (صلى الله عليه وآله) فدعا عليه فصرع شهرين ثم أفاق، فأخرجه النبي (صلى الله عليه وآله) عن المدينة طريد ا ونفاه عنها. 296 / 48 - أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني أبو الحسن علي ابن خالد المراغي، قال: حدثنا العباس بن الوليد، قال: حدثنا القناد، عن الحسين بن
(1) الكعاب: جمع كعبة، وهي الغرفة وكل بيت مربع. (2) في نسخة: عبيدالله. (3) المصراة: الناقة أو الشاة يصرى اللبن في ضرعها، أي يجمع ويحبس.
[ 176 ]
سعيد، عن أبيه، عن هارون بن سعيد، قال: صلى بنا الوليد بن عقبة بالكوفة صلاة الغداة - وكان سكرانا - فتغنى في الثانية منها، وزادنا ركعة أخرى، ونام في آخرها،
فأخذ رجل من بكر بن وائل خاتمه من يده، فقال فيه علباء السدوسي. تكلم في الصلاة وزاد فيها مجاهرة وعالن بالنفاق وفاح الخمر من سنن المصلى ونادى والجميع إلى افتراق أزيديكم على أن تحمدوني فما لكم ومالي من خلاق 297 / 49 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ البصير، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الله البغدادي بواسط، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا موسى بن قيس، قال: حدثنا الحسين بن أسباط العبدي، قال: سمعت عمار بن ياسر (رحمه الله) يقول عند توجهه إلى صفين: اللهم لو أعلم أ نه أرض لك أن أرمي بنفسي من فرق هذا الجبل لرميت بها، ولو أعلم أ نه أرضى لك أن أوقد لنفسي نارا فأقع فيها لفعلت، وإني لا أقاتل أهل الشام إلا وأنا أريد بذلك وجهك، وأنا أرجو أن لا تخيبني وأنا أريد وجهك ا لكريم. 298 / 50 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله بن أبي رافع الكاتب، قال: حدثني جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني، قال: حدثنا عيسى بن مهران، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات، قال: حدثنا أبو المقوم ثعلبة بن زيد الالنصاري، قال: سمعت جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري (رحمه الله) يقول: تمثل إبليس لعنه الله ه في أربع صور: تمثل يوم بدر في صورة سراقة بن جعشم المدلجي فقال لقريش: " لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى برئ منكم " (1). وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج فنادى: أن محمدا والصباة معه
(1) سورة الانفال 8: 48.
[ 177 ]
عند العقبة فأدركوهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للانصار: لا تخافوا فإن صوته لن يعد وهم. وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد، وأشار عليهم في النبي (صلى الله عليه وآله) بما أشار، فأنزل الله (تعالى): " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " (1). وتصوو يوم قبض النبي (صلى الله عليه وآله) في صورة المغيرة بن شعبة فقال: أيها الناس، لا تجعلوها كسروانية ولا قيصرانية، وسعوها تتسع، فلا ترد وها في بني هاشم، فتنتظر بها الحبالى. تم المجلس السادس، ويتلوه المجلس السابع من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله.
(1) سورة الانفال 8: 30.
[ 179 ]
(7) المجلس السابع فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 299 / 1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، قال: دخل رجل على أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) ومعه صحيفة مسائل شبه الخصومة. فقال له أبو جعفر (عليه السلام): هذه صحيفة تخاصم على الدين الذي يقبل الله فيه العمل ؟ فقال: رحمك الله، هذا الذي أريد.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وتقر بما جاء من عند الله، والولاية لنا أهل البيت، والبراءة من عدونا، والتسلم لنا، والتواضع والطمأنينة، وانتظار أمرنا، فإن لنا دولة إن شاء الله (تعالى) جاء بها. 300 / 2 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن هشام، عن محمد بن إسماعيل البزاز، عن العباس بن عامر، عن أبان بن
[ 180 ]
عثمان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) يقول: إذا دخل أهل الجنة الجنة بأعمالهم، فأين عتقاء الله من النار ؟ إن لله عتقاء من النار. 301 / 3 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن راشد، قال: حدثنا علي بن حكيم الاودي، قال: أخبرنا عمرو بن ثابت، عن فضيل بن غزوان، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: من أحبني رآني يوم القيامة حيث يحب، ومن أبغضني رآني يوم القيامة حيث يكره. 302 / 4 - أخبرني جماعة، عن أبي عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: أخبرنا هشام، قال: حدثني أبو مخنف، قال: حدثني الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن جندب بن عبد الله الازدي، قال: قام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الناس ليستنفرهم إلى أهل الشام، وذلك بعد انقضاء المدة التي كانت بينه وبينهم، وقد شن معاوية على بلاد المسلمين الغارات، فاستنفرهم بالرغبة في الجهاد والرهبة فلم ينفروا، فأضجره ذلك فقال: أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، ما عزت دعوة من دعاكم،
ولا استراح قلب من قاساكم، كلامكم يوهن الصم الصلاب، وتثاقلكم عن طاعتي يطمع فيكم عدوكم، إذا أمرتكم قلتم: كيت وكيت، وليت وعسى، أعاليل أباطيل، وتسألوني التأخير دفاع ذي الدين المطول، هيهات هيهات، لا يدفع الضيم الذليل، ولا يدرك الحق إلا بالجد والصبر. أي دار بعد داركم تمتعون، ومع أي إمام بعدي تقاتلون ؟ ! المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فاز بالسهم الاخيب، أصبحت لا أطمع في نصرتكم، ولا أصدق قولكم، فرق الله بيني وبينكم، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم.
[ 181 ]
أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفا قاطعا، وأثرة (1) يتخذها الظالمون فيكم سنة، تفرق جماعتكم، وتبكي عيونكم، وتمنون عما قليل أ نكم رأيتموني فنصرتموني، وستعرفون ما أقول لكم عما قليل، ولا يبعد الله إلا من ظلم. قال: فكان جندب لا يذكر هذا الحديث إلا بكى، وقال: صدق والله أمير المؤمنين (عليه السلام)، قد شملنا الذل، ورأينا الاثرة، ولا يبعد الله إلا من ظلم. 303 / 5 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن صالح، قال: حدثنا عبد الاعلى بن واصل الاسدي، عن مخول بن إبراهيم، عن علي بن حزور، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت عمار بن ياسر (رضي الله عنه) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي، إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إلى الله منها، زينك بالزهد في الدنيا، وجعلك لا ترزأ (2) منها شيئا، ولا ترزأ منك شيئا، ووهب لك حب المساكين، فجعلك ترضى بهم أتباعا، ويرضون بك إماما، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فأما من أحبك وصدق فيك فأولئك جيرانك في دارك، وشركاؤك في جنتك، وأما من أبغضك وكذب عليك فحق على الله أن يوقفه
موقف الكذابين. 304 / 6 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثني عيسى بن مهران المستعطف، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا شريك، عن عمران ابن طفيل، عن أبي تحيى، قال: سمعت عمار بن ياسر (رحمه الله) يعاقب أبا موسى الاشعري، ويوبخه على تأخره عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقعوده عن الدخول في بيعته، ويقول له: يا أبا موسى، ما الذي أخرك عن أمير المؤمنين ؟ فوالله لئن
(1) الاثرة: استئثار أمراء الجور بالفئ. (2) أي لا تأخذ ولا تنال.
[ 182 ]
شككت فيه لتخرجن عن الاسلام. وأبو موسى يقول له: لا تفعل ودع عتابك لي، فإنما أنا أخوك. فقال له عمار: ما أنا لك بأخ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يلعنك ليلة العقبة وقد هممت مع القوم بما هممت. فقال له أبو موسى: أفليس قد استغفر لي ؟ قال عمار: قد سمعت اللعن ولم أسمع الاستغفار. 305 / 7 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمد الكاتب، قال: أخبرني عبد الصمد بن علي، قال: أخبرنا محمد بن هارون بن عيسى، قال: أخبرني أبو طلحة الخزاعي، قال: حدثنا عمر بن عباد، قال: حدثنا أبو تراب، قال: قرأت في كتاب لوهب بن منبه فإذا مكتوب في صدر الكتاب: هذا ما وضعت الحكماء في كتبها: الاجتهاد في عبادة الله أربح تجارة، ولا مال أعود من العقل، ولا فقر أشد من الجهل، وأدب تستفيده خير من ميراث، وحسن الخلق خير رفيق، والتوفيق خير قائد، ولا ظهر أوثق من المشاورة، ولا وحشة أوحش من العجب، ولا يطمعن صاحب الكبر في حسن الثناء عليه.
306 / 8 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين الخلال، قال: حدثنا الحسن بن الحسين الانصاري، قال: حدثنا زافر بن سليمان، عن أشرس الخراساني، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أسر ما يرضي الله (عزوجل) أظهر الله له ما يسره، ومن أسر ما يسخط الله (تعالى) أظهر الله ما يحزنه، ومن كسب مالا من غير حله أفقره الله (عزوجل)، ومن تواضع لله رفعه الله، ومن سعى في رضوان الله أرضاه الله، ومن أذل مؤمنا أذله الله، ومن عاد مريضا فانه يخوض في الرحمة - وأومأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى حقويه (1) - وإذا جلس عند المريض غمرته الرحمة، ومن خرج من بيته يطلب علما شيعه سبعون ألف ملك يستغفرون له، ومن كظم غيظا ملا الله الجوفه إيمانا، ومن أعرض عن محرم أبدله الله بعبادة تسره، ومن عفا عن مظلمة أبدله الله بها عزا في
(1) الحقوة: الخصر.
[ 183 ]
الدنيا والاخرة، ومن بنى مسجدا ولو مفحص (1) قطاة بنى الله له بيتا في الجنة، ومن أعتق رقبة فهي فداة من النار، كل عضو منها فداء عضو منه، ومن أعطى درهما في سبيل الله كتب الله سبع مائة حسنة، ومن أحاط عن طريق المسلمين ما يؤذيهم كتب الله له أجر قراءة أربع مائة آية، كل حرفي منها بعشر حسنات، ومن لقي عشرة من المسلمين فسلم عليهم كتب الله له عتق رقبة، ومن أطعم مؤمنا لقمة أطمعه الله من ثمار الجنة، ومن سقاه شربة من ماء سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كساه ثوباكساه الله من الاستبرق والحرير، وصلى عليه الملائكة ما بقي في ذلك الثوب سلك. 307 / 9 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن الحسن البصري، قال: حدثنا أبو بشر أحمد بن إبراهيم العمي، قال: حدثنا أبو الطيب محمد ابن علي الاحمر الناقد، قال: حدثني نصر بن علي، قال: حدثنا عبد الوهاب بن
عبد الحميد، قال: حدثنا حميد، عن نصر بن مالك، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كنت أنا وعلي عن يمين العرش نسبح الله قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما خلق آدم جعلنا في صلبه، ثم نقلنا من صلب إلى صلب في أصلاب الطاهرين وأرحام المطهرات حتى انتهينا إلى صلب عبد المطلب، فقسمنا قسمين: فجعل في عبد الله نصفا، وفي أبي طالب نصفا، وجعل النبوة والرسالة في، وجعل الوصية والقضية في علي، ثم اختار لنا اسمين اشتقهما من أسمائه، فالله المحمود وأنا محمد، والله العلي وهذا علي، فأنا للنبوة والرسالة، وعلي للوصية والقضية. 308 / 10 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا هشام، قال: حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن عاصم، قال: حدثنا جبر بن نوف، قال: لما أراد أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) المسير إلى الشام، اجتمع إليه وجوه أصحابه فقالوا: لو كتبت يا أمير المؤمنين إلى معاوية وأصحابه قبل مسيرنا إليهم كتابا تدعوهم إلى الحق،
(1) المفحص: حفرة تحفرها القطاة في الارض لتبيض وترقد فيها.
[ 184 ]
وتأمرهم بما لهم فيه الحظ، كانت الحجة تزداد عليهم قوة. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لعبيدالله بن أبي رافع كاتبه: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ومن قبله من الناس، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإن لله عبادا آمنوا بالتنزيل، وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين، وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم، وأنت يا معاوية وأبوك وأهلك في ذلك الزمان اعداء الرسول، مكذبون بالكتاب، فجمعون على حرب المسلمين، من لقيتم منهم
حبستموه وعذبتموه وقتلتموه، حتى إذا أراد الله (تعالى) إعزاز دينه وإظهار رسوله، دخلت العرب في دينه أفواجا، وأسلمت هذه الامة طوعا وكرها، وكنتم ممن دخل في هذا الدين إما رغبة وإما رهبة، فليس ينبني لكم أن تنازعوا أهل السبق ومن فاز بالفضل، فإنه من نازعه منكم فبحوب وظلم، فلا ينبغي لمن كان له قلب أن يجهل قدره، ولا يعدو طوره، ولا ئشقي نفسه بالتماس ما ليس له. إن أولى الناس بهذا الامر قديما وحديثا أقربهم برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأعلمهم بالكتاب، وأقدمهم في الدين، وأفضلهم جهاد ا، وأولهم إيمانا، وأشدهم اضطلاعا (1) بما تجهله الرعية من أمرها. فاتقوا الله الذي إليه ترجعون ولا تلبسوا الحق بالباطل لتدحضوا به الحق. واعلموا أن خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون، وأن شرهم الجهلاء الذين ينازعون بالجهل أهل العلم، ألا وإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) وحقن دماء هذه الامة، فإن قبلتم أصبتم رشدكم وهديتم لحظكم، وإن أبيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الامة لم تزدادوا من الله إلابعدا، ولم يزدد عليكم إلا سخطا، وا لسلام.
(1) اضطلع بالامر: قوي عليه ونهض به.
[ 185 ]
قال: فكتب إليه معاوية: أما بعد، إنه ليس بيني وبين قيس عتاب، غير طعن الكلى وجز الرقاب. فلما وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) على جوابه بذلك قال: إنك لا تهدي من أحببت ولكن اليهدي من يشاء (1) إلى صراط مستقيم. 309 / 11 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا محمد بن حسن بن سهل العطار، قال: حدثنا أحمد بن عمر
الدهقان، قال: حدثنا محمد بن كثير مولى عمر بن عبد العزيز، قال: حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه الجوع، فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلا الماء. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لهذا الرجل الليلة ؟ فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): أنا له يا رسول الله، وأتى فاطمة (عليها السلام) فقال: ما عندك، يا ابنة رسول الله ؟ فقالت: ما عندنا إلا قوت الصبية لكنا نؤثر ضيفنا. فقال علي (عليه السلام): يا ابنة محمد، نومي الصبية، وأطفئي المصباح، فلما أصبح علي (عليه السلام) غدا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره الخبر، فلم يبرح حتى أنزل الله (عزوجل): " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " (2). 310 / 12 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) عن محمد بن يعقوب الكليني، عن عدة من أصحابه، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن حماد بن أبي طلحة، عن معاذ بن كثير، قال: نظرت إلى الموقف والناس فيه كثير، فدنوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت. إن أهل الموقف لكثير، قال: فصوب ببصره فأداره فيهم، ثم قال: ادن مني يا أبا عبد الله، فدنوت منه
(1) تضمين من سورة القصص 28: 56. (2) سورة الحشر 59: 9.
[ 186 ]
فقال: غثاء (1) يأتي به الموج من كل مكان، لا والله ما الحج إلا لكم، ولا والله ما يتقبل الله إلا منكم. 311 / 13 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد العطشي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا حمزة بن أبي
جمة الجرجرائي الكاتب، قال: حدثنا أبو الحارث شريح، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد العزيز بن سليمان، عن سليمان بن حبيب، عن أبى أمامة الباهلي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لتنقض عرى ا لاسلام عروة عروة، كلما نقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقض الحكم، وآخرهن الصلاة. 312 / 14 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن جعفر المالكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدثني حبيب، عن ميمون بن أبي شبيب، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتق الله حيث ما كنت، وخالق الناس (2) بخلق حسن، وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة تمحوها. 313 / 15 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال: حدثني محمد بن مدرك الشيباني، قال: حدثنا زكريا بن الحكم، قال: حدثنا خلف بن تميم، قال: حدثنا بكربن خنيس، عن أبي شيبة، عن عبد الملك بن عمر، عن أبي قرة، عن سلمان الفارسي (رحمه الله)، قال: قال لي النبي (صلى الله عليه وآله): يا سلمان، إذا أصبحت فقل: " اللهم أنت ربي لا شريك لك، أصبحنا وأصبح الملك لله " قلها ثلاثا، وإذا أمسيت فقل مثل ذلك، فانهن يكفرن ما بينهن من خطيئة. 314 / 16 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر
(1) الغثاء: ما يحمله السيل من رغوة ومن فتات الاشياء التي على وجه الارض. (2) خالق الناس: عاشرهم.
[ 187 ]
الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن راشد الكوفي، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن بزيغ الخزاز،
قال: حدثنا الحسين الاشقر، عن قيس، عن ليث، عن أبي ليلى، عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله اليوم القيامة وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا. 315 / 17 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثني محمد بن أبي السري، قال: حدثنا هشام، عن أبي مخنف، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه، قال: لما وقع الاتفاق على كتب القضية بين أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين معاوية بن أبي سفيان، حضر عمرو بن العاص في رجال من أهل الشام، وعبد الله بن عباس في رجال من أهل العراق، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للكاتب: اكتب هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان. فقال عمرو بن العاص: اكتب اسمه واسم أبيه، ولا تسمه بإمرة المؤمنين، فإنما هو أمير هؤلاء وليس بأميرنا. فقال الاحنف بن قيس. لا تمح هذا الاسم، فإني أتخوف إن محوته لا يرجع إليك أبدا. فامتنع أمير المؤمنين (عليه السلام) من محوه، فتراجع الخطاب فيه مليا من النهار، فقال الاشعث بن قيس: امح هذا الاسم ترحه الله. فقال أمير المؤمنين: الله أكبر سنة بسنة، ومثل بمثل، والله إني لكاتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الحديبية، وقد أملى علي: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال له سهيل: امح رسول الله، فإنا لا نقر لك بذلك، ولا نشهد لك به، اكتب اسمك واسم أبيك، فامتنعت من محوه فقال النبي (صلى الله عليه وآله): امحه يا علي، وستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض.
[ 188 ]
فقال عمرو بن العاص: سبحان الله ! ومثل هذا يشبه بذلك، ونحن مؤمنون وأولئك كا نوا كفا را ! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يابن النابغة، ومتى لم تكن للفاسقين وليا، وللمسلمين عدوا، وهل تشبه إلا أمك التي دفعت بك ؟ فقال عمرو: لا جرم لا يجمع بيني وبينك مجلس أبدا. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والله إني لارجو أن يطهر الله مجلسي منك ومن أشباهك، ثم كتب الكتاب وانصرف الناس. 316 / 18 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى بن بابويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد ابن عبد الجبار، قال: حدثنا ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن عبد الله بن العباس، قال: لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الوفاة بكى حتى بلت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول الله، ما يبكيك ؟ فقال: أبكي لذريتي، وما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي، كأ ني بفاطمة ابنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي " يا أبتاه، يا أبتاه " فلا يعينها أحد من أمتي. فسمعت ذلك فاطمة (عليهما السلام) فبكت، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله). لا تبكين. يا بنية. فقالت: لست أبكي لما يصنع بي من بعدك ولكن أبكي لفراقك، يا رسول الله. فقال لها: ابشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي، فإنك أؤل من يلحق بي من أهل بيتي. 317 / 19 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن هارون، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي، قال: حدثنا المعلى بن هلال، عن
الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أعطاني الله خمسا، وأعطى عليا خمسا: أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليا جوامع العلم، وجعلني نبيا، وجعل عليا وصيا، أعطاني الكوثر، وأعطى عليا السلسبيل،
[ 189 ]
وأعطاني الوحي، وأعطى عليا الالهام، وأسرى بي إليه، وفتحت له أبواب السماء حتى رأى ما رأيت ونظر إلى ما نظرت إليه. ثم قال: يابن عباس، من خالف عليا فلا تكونن ظهيرا له ولا وليا، فوالذي بعثني بالحق ما يخالفه أحد إلا غير الله ما به من نعمة وشوه خلقه قبل إدخاله النار. يابن عباس، لا تشك في علي، فإن الشك فيه يخرج عن الايمان، ويوجب الخلود في النار. 318 / 20 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن العرزمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: من زي الايمان الفقه، ومن زي الفقه الحلم، ومن زي الحلم الرفق، ومن زي الرفق اللين، ومن زي اللين السهولة. 319 / 21 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثمالي (رحمه الله)، عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: أربع من كن فيه كمل إسلامه، وأعين على إيمانه، ومحصت ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض، ولو كان فيما بين قرنه إلى قدمه ذنوب حطها الله (تعالى) عنه، وهي: الوفاء بما يجعل الله على نفسه، وصدق اللسان مع الناس، والحياء مما يقبح عند الله وعند
الناس، وحسن الخلق مع الاهل والناس. وأربع من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين، في غرف في محل الشرف كل الشرف: من آوى اليتيم، ونظر له فكان له أبا، ومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه، ومن أنفق على والد يه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما، ولم يخرق (1) لمملوكه،
(1) الخرق: ضد الرفق، أي أن يرفق به ولا يسئ إليه.
[ 190 ]
وأعانه على ما يكلفه، ولم يستسعه فيما لا يطيق. 320 / 22 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن أحمد الحكيمي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا يحيى بن معين، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ماكان الفحش في شئ إلا شانه، ولا كان الحبا، في شئ قط إلا زانه. 321 / 23 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي الرازي، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحنفي، قال: حدثنا يحيى بن هاشم السمسار، قال: حدثنا عمرو بن شمر، قال: حدثنا حماد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله بن حزام، قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، من وصيك ؟ قال: فأمسك عني عشرا لا يجيبني، ثم قال: يا جابر، ألا أخبرك عما سألتني ؟ فقلت: بأبي أنت وأمي، أما والله لقد سكت عني حتى ظننت أ نك وجدت (1) علي. فقال: ما وجدت عليك يا جابر، ولكن كنت انتظر ما يأتيني من السماء، فأتاني جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، ربك يقول: إن علي بن أبي طالب وصيك،
وخليفتك على أهلك وأمتك، والذائد عن حوضك، وهو صاحب لوائك يقدمك إلى الجنة. فقلت: يا نبي الله، أرأيت من لا يؤمن بهذا أقتله ؟ قال: نعم يا جابر، ما وضع هذا الموضع إلا ليتابع عليه، فمن تابعه كان معي غدا، ومن خالفه لم يرد علي الحوض أبدا. 322 / 24 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر
(1) وجد: غضب.
[ 191 ]
الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: أخبرني عمر بن أسلم، قال: حدثنا سعيد بن يوسف البصري، عن خالد بن عبد الرحمن المدائني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله) قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد ضرب كتف علي بن أبي طالب بيده، وقال: يا علي من أحبنا فهو العربي، ومن أبغضنا فهو العلج (1)، شيعتنا أهل البيوتات والمعادن والشرف، ومن كان مولده صحيحا، وما على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها براء، إن لله ملائكة يهدمون سيئات شيعتنا كما يهدم القوم البنيان. 323 / 25 - حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه، قال: حدثنا لوط بن يحيى، قال: حدثني عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه، قال: لما بويم عثمان سمعت المقداد بن الاسود الكندي يقول لعبد الرحمن بن عوف: والله يا عبد الرحمن، ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم. فقال له عبد الرحمن: وما أنت وذاك يا مقداد ؟
قال: إني والله أحبهم لحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويعتريني والله وجد لا أبثه بثة، لتشرف قريش على الناس بشرفهم، واجتماعهم على نزع سلطان رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أيديهم. فقال له عبد الرحمن: ويحك والله لقد اجتهدت نفسي لكم. فقال له المقداد: والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون، أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر وأحد. فقال له عبد الرحمن: ثكلتك. أمك يا مقداد لا يسمعن هذا الكلام منك الناس، أما والله إني لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة.
(1) العلج: الكافر من العجم.
[ 192 ]
قال جندب: فأتيته بعد ما انصرف من مقامه، فقلت له: يا مقداد أنا من أعوانك. فقال: رحمك الله، إن الذي نريد لا يغني فيه الرجلان والثلاثة، فخرجت من عنده وأتيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) فذكرت له ما قال وقلت، قال: فدعا لنا بخير. 324 / 26 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي، قال: حدثنا إسماعيل ابن إسحاق القاضي، قال: حدثنا سعيد بن يحيى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عبد الملك بن عمير اللخمي، قال: قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية، ومع معاوية على السرير الاحنف بن قيس والحتات المجاشعي، فقال له معاوية: من أنت ؟ قال: أنا جارية بن قدامة. قال: وكان قليلا (1)، فقال له معاوية: ما عسيت أن تكون هل أنت إلا نحلة ؟ فقال: لا تفعل يا معاوية قد شبهتني بالنحلة، وهي والله حامية اللسعة حلوة البصاق، والله ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب، ولا أمية إلا تصغيرأمة. فقال معاوية: لا تفعل. قال: إنك فعلت ففعلت.
قال له: فادن اجلس معي على السرير. فقال: لا أفعل. قال: ولم ؟ قال: لاني رأيت هذين قد أماطاك (2) عن مجلسك، فلم أكن لاشاركهما. قال له معاوية: ادن أسارك، فدنا منه فقال: يا جارية، إني اشتريت من هذين الرجلين دينهما. قال: ومني فاشتر يا معاوية. قال له: لا تجهر. 325 / 27 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا محمد بن أحمد الحكيمي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا داود بن المحبر، قال: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، قال: حدثنا خالد بن يزيد اليماني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته.
326 / 28 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمربن سلم بن البراء المعروف بابن الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني المعروف بابن عقدة، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدثنا محمد بن مروان الذهلي، عن عمرو بن سيف الازدي، قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): لا تدع طلب الرزق من حله، فإنه أعون لك على دينك، وأعقل راحلتك وتوكل. 327 / 29 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن غالب، قال: حدثنا الحسين بن علي بن رياح، عن سيف بن عميرة، قال: حدثني محمد بن مروان، قال: حدثني عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله جعفر
ابن محمد (عليهما السلام)، قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: عبد أبق من مواليه حتى يرجع إليهم فيضع يده في أيديهم، ورجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط. 328 / 30 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم، قال: حدثني الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى، نوديت: يا محمد استوص بعلي خيرا، فإنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين يوم القيامة. 329 / 31 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة، عن عمرو بن ميمون، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي
[ 194 ]
طالب (عليه السلام) على منبر الكوفة: أيها الناس، إنه كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر خصال، لهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، أنت أخي في الدنيا والاخرة، وأنت أقرب الخلائق إلي يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار، ومنزلك في الجنة مواجه منزلي كما تتواجه منازل الاخوان في الله (عزوجل)، وأنت الوارث مني، وأنت الوصي من بعدي في عداتي وأسرتي، وأنت الحافظ لي في أهلي عند غيبتي، وأنت الامام لامتي، والقائم بالقسط في رعيتي، وأنت وليي، ووليي ولي الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله.
330 / 32 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن عبد الحميد بن خلف، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عتبة، عن حسين الاشقر، عن محمد بن أبي عمارة الكوفي، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: من دمعت عينه دمعة لدم سفك لنا، أو حق لنا أنقصناه، أو عرض انتهك لنا، أو لاحد من شيعتنا، بوأه الله (تعالى) بها في الجنة حقبا. 331 / 33 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن أسد الاصبهاني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن عثمان، قال: حدثني علي بن أبي سيف، عن علي بن خباب، عن ربيعة وعمارة وغيرهما: أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) مشوا إليه عند تفرق الناس عنه وفرار كثيرهم إلى معاوية طلبا لما في يديه من الدنيا، فقالوا: يا أمير المؤمنين، اعط هذه الاموال وفضل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، ومن يخاف عليه من الناس فراره إلى معاوية. فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): أتأمروني أن أطلب النصر بالجور، لا والله لا أفعلن ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم، والله لو كان مالي لواسيت بينهم، وكيف وإنما هو أموالهم ؟ !
[ 195 ]
قال: ثم أرم (1) أمير المؤمنين (عليه السلام) طويلا ساكتا، ثم قال: من كان له مال فإياه والفساد، فإن إعطاء المال في غير حقه تبذير واسراف، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا والاخرة فهو يضيعه عند الله (عزوجل)، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم، فإن بقى معه من يوده ويظهر له الشكر،
فإنما هو ملق وكذب يريد التقرب به إليه لينال منه مثل الذي كان يأتي إليه من قبل، فإن زلت بصاحبه النعل فاحتاج إلى معونته أو مكافأته، لشر خليل والام خدين (2)، ومن ضيع المعروف فيما أتاه فليصل به القرابة، وليحسن فيه الضيافة، وليفك به العاني، وليعن به الغارم، وابن السبيل، والفقراء، والمجاهدين في سبيل الله، وليصبر نفسه على النوائب والحقوق، فإن الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الاخرة. 332 / 34 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن إسحاق بن عمار، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا إسحاق، كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت ؟ قال: يأتوني إلى المنزل فأعطيهم. فقال لي: ما أراك يا إسحاق إلا قد أذللت المؤمنين، فإياك إياك، إن الله (تعالى) يقول: من أذل لي وليا فقد أرصد لي بالمحاربة. 333 / 35 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقه، فالتفت إلي أبو عبد الله (عليه السلام) فقال لي: يا أبا الفضل، ألا أحدثك بحال المؤمن عند الله ؟ فقلت: بلى فحدثني جعلت فداك.
(1) أي أمسك وسكت. (2) الخدين: الصاحب.
[ 196 ]
فقال: إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا: يا ربي عبدك ونعم العبد، كان سريعا إلى طاعتك، بطيئا عن معصيتك، وقد قبضته إليك، فما تأمرنا
من بعده ؟ فيقول الجليل الجبار: اهبطا إلى الدنيا، وكونا عند قبر عبدي، وسبحاني ومجداني وهللاني وكبراني واكتبا ذلك لعبدي حتى أبعثه من قبره. ئم قال لي: ألا أزيدك ؟ قلت: بلى. فقال: إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه، فكلما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تجزع ولا تحزن وابشر بالسرور والكرامة من الله (عزوجل)، قال: فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله (سبحانه) حثى يقف بين يدي الله (عزوجل) ويحاسبه حسابا يسيرا، ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: يرحمك الله، نعم الخارج معي من قبري، ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله (عزوجل) حتى كان ذلك، فمن أنت ؟ فيقول له المثال: أنا السرور الذي أدخلته على أخيك في الدنيا خلقني الله منه لابشرك. 334 / 36 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد الجعفي، عن أبيه، قال: كنت كثيرا ما أشتكي عيني، فشكوت ذلك إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: ألا أعلمك دعاء لد نياك وآخرتك وتكفى به وجع عينيك ؟ فقلت: بلى. فقال: تقول في دبر الفجر ودبر المغرب: " اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد عليك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل النور في بصري، والبصيرة في ديني، واليقين في قلبي، والاخلاص في عملي، والسلامة في نفسي، والسعة في رزقي، والشكر لك أبدا ما أبقيتني ". 355 / 37 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه (رحمه الله)، قال: حدثني محمد بن يعقوب، عن علي إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت
[ 197 ]
أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: رأس طاعة الله الرضا بما صنع الله فيما أحب العبد وفيما كره، ولم يصنع الله (تعالى) بعبد شيئا إلا وهو خير له. 336 / 38 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد ابن محمد بن طاهر، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن الحسين بن سعيد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني ظريف بن ناصح، عن محمد بن عبد الله الاصم الاعلم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: سمعت أبي (عليه السلام) يقول لجماعة من أصحابه: والله لو أن على أفواهكم أوكية (1) لأخبرت كل رجل منكم ما لا يستوحش معه إلى شئ، ولكن قد سبقت فيكم الإذاعة والله بالغ أمره 337 / 39 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثنا سليمان بن الربيع النهدي، قال: حدثنا نصر بن مزاحم المنقري، قال أبو الحسن علي ابن بلال: وحدثني علي بن عبد الله بن أسد بن منصور الاصبهاني، قال: حدثنا إبراهيم ابن محمد بن هلال الثقفي، قال: حدثني محمد بن علي، قال: حدثنا نصربن مزاحم، عن يحيى بن يعلى الاسلمي، عن علي بن الحزور، عن الاصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلى علي (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين، هؤلاء القوم الذين تقاتلهم، الدعوة وا حد ة، وا لرسول واحد، والصلاة واحد ة، والحج واحد، فبم نسميهم ؟ قال: سمهم بما سماهم الله (تعالى) في كتابه. فقال: ماكل ما في كتاب الله أعلمه. قال: أما سمعت الله (تعالى) يقول في كتابه: " تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى أبن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات
(1) الاوكية: جمع وكاء، وهو الغطاء.
[ 198 ]
ولكن اختلفوا فمنهم من آمن و منهم من كفر " ؟ فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله (عز وحل) وبالنبي (صلى الله عليه وآله) وبالكتاب، وبالحق، فنحن الذ ين آ منوا وهم الذ ين كفروا، وشاء الله قتالهم بمشيئته وإرادته. 338 / 40 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد ابن طاهر، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن المستورد، قال: حدثني عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن مدرك الحارثي، قال: دخلت مع عمي عامر بن مدرك على أبي عبد الله جعفر ابن محمد (عليهما السلام) فسمعته يقول: من أعان على مؤمن بشطركلمة، لقي الله وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله. 339 / 41 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني، قال: أخبرنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا جبلة بن محمد بن جبلة الكوفي، قال: حدثني أبي، قال: اجتمع عندنا السيد بن محمد الحميري وجعفر بن عفان الطائي، فقال له السيد: ويحك أتقول في آل محمد (عليهم السلام) شرا !: ما بال بيتكم يخرب سقفه وثيابكم من أرذل الاثواب فقال جعفر: فما أنكرت من ذلك ؟ فقال له السيد: إذا لم تحسن المدح فاسكت، أيوصف آل محمد بمثل هذا ؟ ! ولكني أعذرك، هذا طبعك وعلمك ومنتهاك، وقد قلت أمحو عنهم عار مدحك: أقسم بالله وآلائه والمرء عما قال مسؤول إن علي بن أبي طالب على التقي والبرمجبول وإنه كان الامام الذي له على الامة تفضيل
يقول بالحق ويعنى به ولا تلهيه الاباطيل كان إذا الحرب مرتها القنا وأحجمت عنها البهاليل
(1) سورة البقرة 2: 253.
[ 199 ]
يمشي إلى القرن وفي كفه أبيض ماضي الحد مصقول مشى العفرني (1) بين أشباله أبرزه للقنص الغيل (2) ذاك الذي سلم في ليلة عليه ميكال وجبريل ميكال في ألف وجبريل في ألف ويتلوهم سرافيل ليلة بدرمددا أنزلوا كأنهم طير أبابيل فسلموالما أتوا حذوه وذاك إعظام وتبجيل كذا يقال فيه يا جعفر، وشعرك يقال مثله لاهل الخصاصة والضعف، فقبل جعفر رأسه وقال: أنت والله الرأس يا أبا هاشم، ونحن الاذناب. 340 / 42 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثني إسماعيل بن علي بن عبد الرحمن البربري الخزاعي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عيسى بن حميد الطائي، قال: حدثنا أبي حميد بن قيس، قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسين بن علي بن الحسين يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) يقول: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما رجع من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء، فقال للناس: إنها الزوراء فسيروا وجنبوا عنها، فإن الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة، فلما أتى موضعا من أرضها قال: ما هذه الارض ؟ قيل: أرض بحرا. فقال: أرض سباخ جنبوا ويمنوا. فلما أتى يمنه السواد فإذا هو براهب في صومعة له فقال له: يا راهب، أنزل هاهنا ؟ فقال له الراهب: لا تنزل هذه الارض بجيشك. قال: ولم ؟ قال: لانه لا ينزلها إلا
نبي أو وصي نبي بجيشه، يقاتل في سبيل الله (عزوجل)، هكذا نجد في كتبنا. فقال له أمير المؤمنين: فأنا وصي سيد الانبياء، وسيد الاوصياء. فقال له الراهب: فأنت إذن أصلع قريش ووصي محمد (صلى الله عليه وآله). قال له أمير المؤمنين: أنا
(1) يقال: أسد غفرني، أي شديد قوي. (2) الغيل: كل موضع في ماء من واد ونحوه. والغيل: الشجر الكثيف الملتف، ويطلق على موضع الاسد أيضا.
[ 200 ]
ذلك. فنزل الراهب إليه، فقال: خذ علي شرائع الاسلام، إني وجدت في الانجيل نعتك، وأ نك تنزل أرض براثا بيت مريم وأرض عيسى (عليه السلام). فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قف ولا تخبرنا بشئ، ثم أتى موضعا فقال: الكزوا (1) هذه، فلكزه برجله (عليه السلام) فانبجست عين خرارة، فقال: هذه عين مريم التي انبعقت لها، ثم قال: اكشفوا هاهنا على سبعة عشر ذراعا، فكشف فإذا بصخرة بيضاء فقال علي (عليه السلام): على هذه وضعت مريم عيسى من عاتقها وصلت هاهنا ؟ فنصب أمير المؤمنين (عليه السلام) الصخرة وصلى إليها، وأقام هناك أربعة أيام يتم الصلاة، وجعل الحرم في خيمة من الموضع على دعوة، ثم قال: أرض براثا، هذا بيت مريم (عليها السلام)، هذا الموضع المقدس صلى فيه الانبياء. قال أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام): ولقد وجدنا أنه صلى فيه إبرا هيم (عليه السلام) قبل عيسى (عليه السلام). 341 / 43 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبيدالله، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يا علي، إن
الله (تعالى) أمرني أن اتخذك أخا ووصيا، فأنت أخي ووصيي، وخليفتي على أهلي في حياتي وبعد موتي، من تبعك فقد تبعني، ومن تخلف عنك فقد تخلف عني، ومن كفر بك فقد كفرني، ومن ظلمك فقد ظلمني. يا علي، أنت مني وأنا منك. يا علي، لولا أنت لما قوتل أهل النهر. قال: فقلت يا رسول الله، ومن أهل النهر ؟ قال: قوم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية.
(1) لكز ه: ضربه بجمع كفه.
[ 201 ]
342 / 44 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدهان، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام) ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين (عليه السلام) ؟ قال: أحسنت يا بشير، إنه من أتى قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) في غير يوم عيد كتب له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات، وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه يوم عيد عارفا بحقه كتب له مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه يوم عرفة عارفا بحقة كتب له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل. قال بشير: فقلت له كيف لي بمثل الموقفين ؟ فنظر إلي كالمغضب، ثم قال: يا بشير، من أتى الحسين بن علي (عليهما السلام) عارفا بحقه فاغتسل في الفرات وتوجه إليه، كتبت له بكل خطوة حجة بمناسكها. قال: ولا أعلم إلا قال: وغزوة. 343 / 45 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد
ابن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن إبراهيبم بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إن الله (تعالى) إذا غضب على أمة ثم لم ينزل بها العذاب، أغلى أسعارها، وقصر أعمارها، ولم يربح تجارها، ولم تغزر أنهارها، ولم تزك ثمارها، وسلط عليها شرارها، وحبس عليها أمطارها. 344 / 46 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني سليمان بن محمد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن عمران - وهو ابن أبي ليلى -، قال: حدثنا محمد بن عيسى الكندي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد،
[ 202 ]
أخبرني بعمل يحبني عليه. قال: يا أعرابي، ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس تحبك الناس. قال: وقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): من أخرجه الله من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله أخاف منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ (1). 345 / 47 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي، قال: حدثنا الحسين بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن عاصم بن عمر الجعفي، عن محمد بن مسلم العبدي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كتب إلى الحسن بن علي (عليه السلام) قوم من أصحابه يعزونه عن
ابنة له. فكتب إليهم: " أما بعد، فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة، فعند الله احتسبها تسليما لقضائه، وصبرا على بلائه، فإن أوجعتنا المصائب، وفجعتنا النوائب بالاحبة المألوفة التي كانت بنا حفية (2)، والاخوان المحبون الذين كان يسربهم الناظرون، وتقر بهم العيون، أضحوا قد اخترمتهم الايام، ونزل بهم الحمام (3)، فخلفوا الخلوف، وأودت بهم الحتوف، فهم صرعى في عساكر الموتى، متجاورون في غير محلة التجاور، ولا صلاة بينهم ولا تزاور، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم، أجسامهم نائية من أهلها، خالية من أربابها، قد أجشعها (4) إخوانها، فلم أر مثل دارها دارا، ولا مثل قرارها قرارا، في بيوت موحشة، وحلول مخضعة، قد صارت في تلك الديار الموحشة،
(1) تقدم في الحديث: 228. (2) الحفي: البر اللطيف. (3) الحمام: الموت. (4) في نسخة. أخشعها.
[ 203 ]
وخرجت عن الدار المؤنسة، ففارقتها من غير قلى (1)، فاستودعتها البلاء، وكانت أمة مملوكة، سلكت سبيلا مسلوكة، صار إليها الاولون، وسيصير إليها الاخرون، والسلام ". 346 / 48 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن هارون ابن مسلم، عن سعد بن زياد العبدي، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: في حكمة آل داود: يابن ادم، كيف تتكلم بالهدى وأنت لا تفيق عن الردى ! يابن ادم، أصبح قلبك قاسيا وأنت لعظمة الله ناسيا، فلو كنت بالله عالما، وبعظمته عارفا، لم تزل منه خائفا، ولو عده راجيا، ويحك كيف لا تذكر لحدك، وانفرادك فيه وحدك !
347 / 49 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن صدقة الاحدب، عن داود الابزاري، قال: سمعت موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: كفى بالتجارب تأديبا، وبمر الايام عظة، وبأخلاق من عاشرت معرفة، وبذكر الموت حاجزا من الذنوب والمعاصي، والعجب كل العجب للمحتمين من الطعام والشراب مخافة الداء أن ينزل بهم، كيف لا يحتمون من الذنوب مخافة النار إذا اشتعلت في أبدانهم ! 348 / 50 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال. حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثني زيد بن علي، عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين أبو الحسين العلوي، قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن جده علن بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة.
(1) القلى: البغض والهجران.
[ 204 ]
349 / 51 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي (رحمه الله) قال: حدثنا أحمد بن عبد الله، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي اليقظان، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: ثلاث لا يضر معهن شئ: الدعاء عند الكربات، والاستغفار عند الذنب، والشكر عند النعمة. 350 / 52 - هذا حديث وجدته بخط بعض المشايخ (رحمهم الله) ذكر أنه وجده
في كتاب لابي غانم المعلم الاعرج، وكان مسكنه بباب الشعير، وجد بخطه على ظهر كتاب له حين مات: وهو أن عائشة بنت طلحة دخلت على فاطمة (عليها السلام) فرأتها باكية، فقالت لها: بأبي أنت وأمي، ما الذي يبكيك ؟ فقالت لها (صلوات الله عليها): اسائلتي عن هنة حلق بها الطائر، وحفي بها السائر، ورفع إلى السماء أثرا، ورزئت في الارض خبرا، أن قحيف تيم وأحيوك عدي جاريا أبا الحسن في السباق، حتى إذا تقربا بالخناق، أسرا له الشنآن، وطوياه الاعلان، فلما خبا نور الدين، وقبض النبي الامين، نطقا بفورهما، ونفثا بسورهما، وأدلا بفدك، فيا لها لمن ملك، تلك أنها عطية الرب الاعلى للنجي الاوفى، ولقد نحلنيها للصبية السواغب من نجله ونسلي، وأنها ليعلم الله وشهادة أمينه، فإن انتزعا مني البلغة، ومنعاني اللمظة، واحتسبتها يوم الحشر زلفة، وليجدنها اكلوها ساعرة حميم، في لظى جحيم. تم المجلس السابع، ويتلوه المجلس الثامن من أمالي الشيخ الطوسي رحمه الله.
[ 205 ]
(8) المجلس الثامن فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. بسم الله الرحمن الرحيم 351 / 1 - أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمهه الله)، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أعطيت تسعا لم يعط أحد قبلي سوى النبي (صلى الله عليه وآله): لقد فتحت لي السبل، وعلمت المنايا، والبلايا، والانساب،
وفصل الخطاب، ولقد نظرت في الملكوت باذن ربي، فما غاب عني ماكان قبلي ولا ما يأتي بعدي، وان بولايتي أكمل الله لهذه الامة دينهم، وأتم عليهم النعم، ورضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد (صلى الله عليه وآله): يا محمد، أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم، وأتممت عليهم النعم، ورضيت إسلامهم، كل ذلك من الله به علي فله الحمد. 352 / 2 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة، قال: حدثنا أبو القاسم نصر بن الحسن الوراميني، قال: حدثنا أبو
[ 206 ]
سعيد سهل بن زياد الادمي، قال: حدثنا محمد بن الوليد المعروف بشباب الصيرفي مولى بني هاشم، قال: حدثنا سعيد الاعرج، قال: دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) فابتدأني، فقال: يا سليمان، ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يؤخذ به، وما نهى عنه ينتهى عنه، جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولرسوله الفضل على جميع من خلق الله، العائب على أمير المؤمنين في شئ كالعائب على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه واله)، والراد عليه في صغير أو كبير على حد الشرك بالله. كان أمير المؤمنين (عليه السلام) باب الله لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من تمسك بغيره هلك، كذلك جرى حكم الائمة (عليهم السلام) بعده واحدا بعد واحد، جعلهم الله أركان الارض، وهم الحجة البالغة على من فوق الارض ومن تحت الثرى. أما علمت أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الاكبر، وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقر لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقروا لمحمد (صلى الله عليه واله)، ولقد حملت مثل حمولة محمد، وهي حمولة الرب، وان محمدا (صلى الله عليه وآله) يدعى فيكسى ويستنطق فينطق، وأدعى فأكسى
وأستنطق فأنطق، ولقد أعطيت خصالا لم يعطها أحد قبلي: علمت البلايا، والقضايا، وفصل الخطاب ؟ 353 / 3 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا علي بن العباس بن الوليد، قال: حدثنا إبراهيم بن بشر بن خالد، قال: حدثنا منصور بن يعقوب، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن إبراهيم بن عبد الاعلى، عن سويد ابن غفلة، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: والله لو صببت الدنيا على المنافق صبا ما أحبني، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لاحبني، وذلك أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا علي، لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. 354 / 4 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر، قال:
[ 207 ]
حدثني يوسف بن الحكم الخياط، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا سلمة بن صالح الاحمر، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الاشقر بن طليق، قال: سمعت الحسن العرني يحدث عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، قال: نعى إلينا حبيبنا ونبينا (صلى الله عليه وآله) نفسه - فبأبي وأمي ونفسي له الفداء - قبل موته بشهر، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت، فنظر إلينا، فدمعت عيناه، ثم قال: مرحبا بكم، حياكم الله، حفظكم الله، نصركم الله، نفعكم الله، هداكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، رزقكم الله، رفعكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، إني لكم نذير مبين ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإن الله (تعالى) قال لي ولكم: " تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " (1) وقال سبحانه: " أليس في جهنم مثوى للمتكبرين " (2). قلنا: متى يا نبي الله أجلك ؟ قال: دنا الاجل والمنقلب إلى الله، وإلى سدرة
المنتهى، وجنة المأوى، والعرش الاعلى، والكأس الاوفى، والعيش المهنى. قلنا: فمن يغسلك ؟ قال: أخي وأهل بيتي الادنى فالادنى. 355 / 5 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد ابن إسماعيل، قال: حدثنا الحسن بن زياد، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال، فإذا عمل العبد السيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: لا تعجل وانظره سبع ساعات، فإن مضى سبع ساعات ولم يستغفر قال: اكتب، فما أقل حياء هذا العبد ! 356 / 6 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد
(1) سورة القصص 28: 83. (2) سورة الزمر 39: 60.
[ 208 ]
ابن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: قال عيسى بن مريم لاصحابه: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للاخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل، ويلكم علماء السوء، الاخرة تأخذون والعمل لا تصنعون ! يوشك رب العمل أن يطلب عمله، ويوشك أن يخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر، كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى اخرته وهر مقبل على دنياه، وما يضره أشهى إليه مما ينفعه ؟ 357 / 7 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن مسلم الجعابي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني محمد بن إسماعيل بن
إبراهيم أبو علي، قال: حدثني عم أبي الحسين بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن المؤمن لا يصبح إلا خائفا وان كان محسنا، ولا يمسي إلا خائفا وان كان محسنا، لا نه بين أمرين: بين وقت قد مضى لا يدري ما الله صانع به، ويين أجل قد اقترب لا يدري ما يصيبه من الهلكات. ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، صلوا أرحامكم وان قطعوكم، وعودوا بالفضل على من حرمكم، وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم، وأوفوا بعهد من عاهدتم، وإذا حكمتم فاعدلوا. 358 / 8 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن خاقان النهدي قراءة، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أعين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: ما أبالي إذا قلت هؤلاء الكلمات لو اجتمع علي الانس والجن: " بسم الله وبالله، ومن الله، وألى الله، وفي سبيل الله، اللهم إليك أسلمت نفسي، واليك وجهت وجهي، واليك فوضت أمري، فاحفظني بحفظ الايمان، من بين يدي،
[ 209 ]
ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، وادفع عني بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ". 359 / 9 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي، قال: حدثنا محمد بن الحسين الطائي، قال: حدثنا محمد بن الحسن ابن جعفر بن سليمان الضبعي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، قال: حدثني يعقوب بن الفضل، قال: حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عبد الله بن عبد الرحمن
الانصاري، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وأله): أعطيت في علي تسعا، ثلاثا في الدنيا، وثلاثا في الاخرة، واثنين أرجوهما له، وواحدة أخافها عليه: فأما الثلاثة التي في الدنيا: فساتر عورتي، والقائم بامر أهلي، ووصيي فيهم. وأما الثلاثة التي في الاخرة: فإني أعطى يوم القيامة لواء الحمد فأرفعه إلى علي ابن أبي طالب يحمله عني، واعتمد عليه في مقام الشفاعة، ويعينني على حمل مفاتيح الجنة. وأما اللتان أرجوهما له: فإنه لا يرجع من بعدي ضالا، ولا كافرا. وأما التي أخافها عليه: فغدر قريش به من بعدي. 360 / 10 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم بن محمد بن عبيد اللة، قال: حدثنا جعفر بن عبيد الله بن جعفر المحمدي، قال: حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات التميمي، قال: حدثنا المسعودي، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي محمد العنزي، قال: حدثني ابن عمي أبو عبد الله العنزي، قال: إنا لجلوس مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الجمل إذ جاءه الناس يهتفون به: يا أمير المؤمنين، لقد نالنا النبل والنشاب، فسكت ثم جاء اخرون فذكروا مثل ذلك فقالوا: قد جرحنا، فقال علي (عليه السلام): يا قوم، من يعذرني من قوم يأمروني بالقتال ولم تنزل بعد الملائكة. فقال: إنا لجلوس ما نرى ريحا ولا نحسها إذ هبت ريح طيبة من خلفنا، والله لو جدت بردها بين كتفي من تحت الدرع والثياب، قال: فلما هبت صب أمير
[ 210 ]
المؤمنين (عليه السلام) درعه، ثم قام إلى القوم، فما رأيت فتحا كان أسرع منه. 361 / 11 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي، قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى
السدي، قال: حدثنا محمد بن سعيد، عن فضيل بن مرزوق، عن أبي سخيلة، عن أبي ذر وسلمان (رضي الله عنهما)، قالا: أخذ رسول الله (صلى الله عليه واله) بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: هذا أول بن آمن بي، وهو أول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر، وفاروق هذه الامة، ويعسوب المؤمنين. 362 / 12 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدثنا بكير بن سلم، قال: حدثني محمد بن ميمون، قال: حدثني جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال امير المؤمنين (عليه السلام): ستدعون إلى سبي فسبوني، وتدعون إلى البراءة مني فمدوا الرقاب فإني على الفطرة. 363 / 13 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) يقول: وجدت في كتاب علي بن أبي طالب (عليه السلام): إذا ظهر الربا من بعدي ظهر موت الفجأة، وإذا طففت المكاييل أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الارض بركاتها من الزرع والثمار والمعادن كلها، وإذا جاروا في الحكم تعاونوا على الاثم والعدوان، وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم شرارهم، ثم يدعو خيارهم فلا يستجاب لهم. 364 / 14 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو حفص محمد بن عثمان الصيرفي، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله العلاف - المعروف بالمستغني - قراءة عليه، قال: حدثنا محمد بن أبي يعقوب الدينوري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثني بكر بن حارثة الزهري، عن
[ 211 ]
عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت عليا (عليه السلام) ينشد، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يسمع: أنا أخو المصطفى لاشك في نسبي * معه ربيت وسبطاه هما ولدي جدي وجد رسول الله منفرد * وفاطم زوجتي لا قول ذي فند فالحمد لله شكرا لا شريك له * البر بالعبد والباقي بلا أمد قال: فابتسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: صدقت يا علي. 365 / 15 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، قال: قلت لابي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن الارادة من الله (عزوجل) ومن الخلق ؟ فقال: الارادة من الله (تعالى) إحداثه الفعل لا غير ذلك، لانه (جل اسمه) لا يهم ولا يتفكر. 366 / 16 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان ابن عيينة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما من عبد إلا ولله عليه حجة، إما في ذنب اقترفه، وإما في نعمة قصر عن شكرها. 367 / 17 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال: عليك بالجد، ولا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله وطاعته، فإن الله (تعالى) لا يعبد حق عبادته.
368 / 18 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
[ 212 ]
الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله (عز وجل): لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملون بها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كهنه عبادتي، فيما يطلبون من كرامتي، والنعيم في جناتي، ورفيع الدرجات في جواري، ولكن برحمتي فليثقوا، وفضلي، فليرجوا، والى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم، وبمني أبلغهم رضواني وألبسهم عفوي، فإني انا الله الرحمن الرحيم، بذلك تسميت. 369 / 19 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن حميد بن زياد، عن عطاء بن يسار، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: يوقف العبد بين يدي الله فيقول: قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله، فستغرق النعم العمل، فيقولون: قد استغرقت النعم العمل، فيقول: هبوا له نعمي، وقيسوا بين الخير والشر منه، فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير وأدخله الجنة، فإن كان له فضل أعطاه الله بفضله، وان كان عليه فضل، وهو من أهل التقوى، لم يشرك بالله (تعالى)، واتقى الشرك به، فهو من أهل المغفرة، يغفر الله له برحمته إن شاء، ويتفضل عليه بعفوه. 370 / 20 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي، قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الصمد بن محمد الهاشمي، قال: حدثنا الفضل بن سليمان النهدي، قال: حدثنا
ابن الكلبي، عن شرقي بن القطامي، عن أبيه، قال: خاصم عمرو بن عثمان بن عفان أسامة بن زيد إلى معاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة، في حائط من حيطان المدينة، فارتفع الكلام بينهما حتى تلاحيا (1)، فقال عمرو: تلاحيني وأنت مولاي ؟
(1) لاحاه: نازعه وخاصمه.
[ 213 ]
فقال أسامة: والله ما أنا بمولاك ولا يسرني أني في نسبك، مولاي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: ألا تسمعون بما يستقبلني به هذا العبد ؟ ثم التفت إليه عمرو فقال له: يابن السوداء، ما أطغاك ! فقال: انت اطغى مني وألام، تعيرني بأمي، وأمي والله خير من أمك، وهي أم ايمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بشرها رسول اللة (صلى الله عليه وآله) في غير موطن بالجنة، وأبي خير من أبيك، زيد بن حارثة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحبه ومولاه، قتل شهيدا بمؤتة على طاعة الله وطاعة رسوله، وقبض رسول الله (صلى الله عليه واله) وانا أمير على أبيك، وعلى من هر خير من أبيك، على أبي بكر وعمر وأبي عبيدة، وسروات (1) المهاجرين والانصار، فاتى تفاخرني يابن عثمان ! فقال عمرو: يا قوم أما تسمعون بما يجبهني به هذا العبد ؟ فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان، فقام الحسن بن علي (عليه السلام) فجلس إلى جنب أسامة، فقام عتبة بن أبي سفيان فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد الله بن عباس فجلس إلى جنب أسامة، فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد الله بن جعفر فجلس إلى جنب أسامة. فلما راهم معاوية قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني أمية، خشي أن يعظم البلاء، فقال: إن عندي من هذا الحائط لعلما. قالوا: فقل بعلمك فقد رضينا. فقال معاوية: أشهد أن رسول الله (صلى اللة عليه واله) جعله لاسامة بن زيد، قم يا
أسامة فاقبض حائطك هنيئا مريئا، فقام أسامة والهاشميين وجزوا معاوية خيرا. فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية، فقال: لا جزاك الله عن الرحم خيرا، ما زدت على أن كذبت قولنا، وفسخت حجتنا، وشمت بنا عدونا. فقال معاوية: ويحك يا عمرو ! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد
(1) السري: الرجل الشريف، والجمع أسرياء وسراة، وجمع الجمع سروات.
[ 214 ]
اعتزلوا، ذكرت أعينهم تزور (1) إلي من تحت المغافر بصفين فكاد يختلط علي عقلي، وما يؤمنني يابن عثمان منهم وقد أحلوا بأبيك ما أحلوا، ونازعوني مهجة نفسي حتى نجوت منهم بعد نبأ عظيم وخطب جسيم، فانصرف فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إن شاء الله (تعالى). 371 / 21 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، عن عبد الله بن سنان، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه واله) يمشي ذات يوم مع أصحابه إذ قال لهم: على رسلكم حتى أثني على ربي. ثم قال: " اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، اللهم أنت الحليم فلا تجهل، وأنت الجواد فلا تبخل، وأنت العزيز فلا تستذل، وأنت المنيع فلا ترام ". 372 / 22 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة، وإنه لينزل كل يوم سبعون
ألف ملك، فيأتون البيت المعمور فيطوفرن به، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة، فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي (صلى الله عليه واله) فسلموا عليه، ثم أتوا قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) فسلموا عليه، ثم أتوا قبر الحسين (عليه السلام) فسلموا عليه، ثم عرجوا، وينزل مثلهم أبدا إلى يوم القيامة. وقال (عليه السلام): من زار أمير المؤمنين (عليه السلام) عارفا بحقه، غير متجبر، ولا متكبر، كتب الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبعث من
(1) تزور: تدور وتنحرف.
[ 215 ]
الامنين، وهون عليه الحساب، واستقبلته الملائكة، فإذا انصرف شيعته إلى منزله، فإن مرض عادوه، وان مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره. قال: ومن زار الحسين (عليه السلام) عارفا بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة وألف عمرة مقبولة، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. 373 / 23 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سليمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: أول اثنين تصافحا على وجه الارض ذو القرنين وابراهيم الخليل (عليه السلام)، استقبله إبراهبم (عليه السلام) فصافحه، وأول شجرة على وجه الارض النخلة. 374 / 24 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا تلاقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرقتم فتفرقوا با لاستغفار. 375 / 25 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن لله علما لم يعلمه إلا هو، وعلما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله، وما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله فنحن نعلمه. 376 / 26 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن يحيى، عن أسيد ابن زيد القرشي، عن محمد بن مروان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلى اللة عليه واله): صلاتكم علي إجابة لدعائكم، وزكاة لاعمالكم
[ 216 ]
377 / 27 - وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خرج ذات ليلة من المسجد، وكانت ليلة قمراء، فأتى الجبانة، ولحقه جماعة يقفون أثره، فوقف عليهم ثم قال. من أنتم ؟ قالوا: شيعتك يا أمير المؤمنين، فتفرس في وجوههم ثم قال: فمالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة ! قالوا: وما سيماء الشيعة، يا أمير المؤمنين ؟ فقال: صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء، حدب الظهور من القيام، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء، عليهم غبرة الخاشعين. 378 / 28 - وقال (عليه السلام): الموت طالب ومطلوب، لا يعجزه المقيم، ولا يفوته الهارب، فقدموا ولا تتكلموا، فإنه ليس عن الموت محيص، إنكم إن لم تقتلوا تموتوا، والذي نفس علي بيده لالف ضربة بالسيف على الرأس أهون من الموت على فراش. 379 / 29 - ومن كلامه (عليه السلام): أيها الناس أصبحتم أغراضا تنتضل فيكم
المنايا، وأموالكم نهب المصائب، وما طعمتم في الدنيا من طعام فلكم فيه غصص، وما شربتموه من شراب فلكم فيه شرق. وأشهد بالله ما تنالون من الدنيا نعمة تفرحون بها إلا بفراق أخرى تكرهونها. أيها الناس، إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون، فتزودوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه، والسلام. 380 / 30 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أفضل ما توسل به المتوسلون: الايمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة، واقامة الصلاة فإنها الملة، وايتاء الزكاة فإنها من فرائض الله، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من عذاب الله، وحج البيت فإنه ميقات للدين ومدحضة للذنب، وصلة الرحم فإنه مثراة للمال ومنسأة للاجل، وصدقة السر فإنها تذهب الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وصنائع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء، وتقي مصارع الهوان، ألا فاصدقوا فإن الله مع من صدق، وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب
[ 217 ]
الايمان، ألا وإن الصادق على شفا منجاة وكرامة، ألا وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة، ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم، وصلوا من قطعكم، وعودوا بالفضل عليهم. 381 / 31 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الاجلح، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة بن يزيد الحماني، قال: كتب امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى معاوية بن أبي سفيان: " أما بعد، فإن الله (تعالى) أنزل إلينا كتابه ولم يدعنا في شبهة، ولا عذر لمن ركب ذنبا بجهالة،
والتوبة مبسوطة " ولا تزر وازرة وزر أخرى " (1) وأنت ممن شرع الخلاف متماديا في غرة الامل، مختلف السر والعلانية رغبة في العاجل وتكذيبا بعد بالاجل، وكانك قد تذكرت ما مضى منك فلم تجد إلى الرجوع سبيلا ". وكتب (صلوات الله عليه) إلى عمرو بن العاص: " من عبد الله أمير المؤمنين إلى عمرو ابن العاص. أما بعد، فإن الذي أعجبك مما تلويت من الدنيا ووثقت به منها منقلب عنك، فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها غرارة، ولو اعتبرت بما مضى حذرت ما بقي وانتفعت منها بما وعظت به، ولكنك تبعت هواك وأثرته، لولا ذلك لم تؤثر على ما دعوناك إليه غيره لا نا أعظم رجاء وأولى بالحجة، والسلام ". وكتب (عليه السلام) إلى أمراء الاجناد: " من عبد الله أمير المؤمنين إلى أصحاب المسالح. أما بعد، فإن حقا على المولى ألا يغيره عن رعيته فضل ناله ولا مرتبة اختض بها، وأن يزيده ما قسم الله له دنوا من عباده وعطفا عليهم، ألا وإن لكم عندي ألا احتجبن دونكم سرا إلا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم، ولا أؤخر لكم حقا عن محله، وأن تكونوا في الحق عندي سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت لي عليكم البيعة ولزمتكم الطاعة، وألا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرطوا في صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق، فإن أنتم لم تسمعوا لي على ذلك لم يكن أحد أهون
(1) سورة الانعام 6: 161.
[ 218 ]
علي ممن خالفني فيه، ثم أحل بكم فيه عقوبته، ولا تجدوا عندي فيها رخصة، فخذوا هذا من أمرائكم، واعطوا من أنفسكم هذا يصلح أمركم، والسلام ". 382 / 32 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد، قال: حدثنا العباس بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن عمرو الكندي، قال: حدثنا
عبد الكريم بن إسحاق الرازي، قال: حدثنا محمد بن يزداد، عن سعيد بن خالد، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد الرحمن بن قيس البصري، قال: حدثنا زاذان، عن سلمان الفارسي (رحمة الله عليه)، قال: لما قبض النبي (صلى اللة عليه وآله) وتقلد أبو بكر الامر، قدم المدينة جماعة من النصارى يتقدمهم جاثليق له سمت (1) ومعرفة بالكلام ووجوهه وحفظ التوراة والانجيل وما فيهما، فقصدوا أبو بكر، فقال له الجاثليق: إنا وجدنا في الانجيل رسولا يخرج بعد عيسى، وقد بلغنا خروج محمد بن عبد الله يذكر أنه ذلك الرسول، ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا، وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا، وقد فاتنا نبيكم محمد، وفيما قرأناه من كتبنا أن الانبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في أممهم، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل، فانت أيها الامير وصيه، لنسألك عما نحتاج إليه ؟ فقال عمر: هذا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله). فجثا الجاثليق لركبتيه، وقال له: خبرنا - أيها الخليفة - عن فضلكم علينا في الدين، فإنا جئنا نسال عن ذلك ؟ فقال أبو بكر: نحن مؤمنون وأنتم كفار، والمؤمن خير من الكافر، والايمان خير من الكفر. فقال الجاثليق: هذه دعوى تحتاج إلى حجة، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك ؟ فقال أبو بكر: أنا مؤمن عند نفسي، ولا علم لي بما عند الله. قال: فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن، أم أناكافر عند الله ؟
(1) الجاثليق: رئيس الاساقفة، عند بعض طوائف المسيحية. والسمت. الهيئة والسكينة والوقار.
[ 219 ]
فقال: أنت عندي كافر، ولا علم لي بحالك عند الله.
فقال الجاثليق: فما أراك إلا شاكا في نفسك وفي، ولست على يقين من دينك، فخبرني ألك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه في الدين تعرفها ؟ فقال: لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد، ولا أعلم هل أصل إليها أم لا. فقال له: فترجو أن تكون لي منزلة في الجنة ؟ قال: أجل أرجو ذلك. فقال الجاثليق: فما أراك إلا راجيا لي، وخائفا على نفسك، فما فضلك علي في العلم ؟ ثم قال له: أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي المبعوث إليك ؟ قال: لا ولكن أعلم منه ما قضى لي علمه. قال: فكيف صرت خليفة للنبي، وأنت لا تحيط علما بما تحتاج إليه أمته من علمه، وكيف قدمك قومك على ذلك ؟ فقال له عمر: كف - أيها النصراني - عن هذا العنت والا أبحنا دمك. فقال الجاثليق: ما هذا عدل على من جاء مسترشدأ طالبا. فقال سلمان (رحمه الله): فكأنما ألبسنا جلباب المذلة، فنهضت حتى أتيت عليا (عليه السلام) فاخبرته الخبر، فأقبل - بأبي وأمي - حتى جلس والنصراني يقول: دلوني على من أساله عما أحتاج إليه، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سل - يا نصراني - فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لا تسألني عما مضى ولاما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد (صلى الله عليه وآله). فقال النصراني: أسالك عما سألت عنه هذا الشيخ، خبرني أمؤمن أنت عند الله، أم عند نفسك ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي. فقال الجاثليق: الله أكبر هذا كلام وثيق بدينه، متحقق فيه بصحة يقينه، فخبرني الآن عن منزلتك في الجنة ما هي ؟ فقال (عليه السلام): منزلتي مع النبي الامي في الفردوس الاعلى، لا أرتاب بذلك،
ولا أشك في الوعد به من ربي.
[ 220 ]
فقال النصراني. فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): بالكتاب المنزل وصدق النبي المرسل. قال: فبماذا علمت صدق نبيك ؟ قال (عليه السلام): بالايات الباهرات والمعجزات البينا ت. قال الجاثليق: هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج، فخبرني عن الله تعالى، أين هو اليوم ؟ فقال: يا نصراني، إن الله تعالى يجل عن الاين، ويتعالى عن المكان، كان فيما لم يزل ولا مكان، وهو اليوم على ذلك لم يتغير من حال إلى حال. فقال: أجل أحسنت أيها العالم وأوجزت في الجواب، فخبرني عنه تعالى أمدرك بالحواس عندك، فيسلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس، أم كيف طريق المعرفة به إن لم يكن الامر كذلك ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار، أو تدركه الحواس، أو يقاس بالناس، والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول، الدالة ذوي الاعتبار بما هو عنده مشهود ومعقول. قال الجاثليق: صدقت، هذا والله الحق الذي قد ضل عنه التائهون في الجهالات، فخبرني الان عما قاله نبيكم في المسيح، وانه مخلوق، من أين أثبت له الخلق، ونفى عنه الالهية، وأوجب فيه النقص ؟ وقد عرفت ما يعتقد - فيه كثير من المتدينين. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه، والتصوير والتغيير من حال إلى حال، والزيادة التي لم ينفك منها والنقصان، ولم أنف عنه النبوة،
ولا أخرجته من العصمة والكمال والتأييد، وقد جاءنا عن الله تعالى بانه مثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له: كن فيكون. فقال له الجاثليق: هذا ما لا يطعن فيه الان، غير أن الحجاج مما تشترك فيه الحجة على الخلق والمحجوج منهم، فبم بنت أيها العالم من الرعية الناقصة عنك ؟
[ 221 ]
قال: بما أخبرتك به من علمي بما كان وما يكون. قال الجاثليق: فهلم شيئا من ذكر ذلك اتحقق به دعواك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): خرجت - أيها النصراني - من مستقرك مستفزا لمن قصدت بسؤالك له، مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد، فأريت في منامك مقامي، وحدثت فيه بكلامي، وحذرت فيه من خلافي، وأمرت فيه باتباعي. قال: صدقت والله الذي بعث المسيح، وما اطلع على ما أخبرتني به إلا الله تعالى، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأ نك وصي رسول الله، وأحق الناس بمقامه. وأسلم الذين كانوا معه كاسلامه وقالوا: نرجع إلى صاحبنا، فنخبره بما وجدنا عليه هذا الامر وندعوه إلى الحق. فقال له عمر: الحمد لله الذي هداك - أيها الرجل - إلى الحق وهدى من معك إليه، غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها، والامر من بعده لمن خاطبت أولا برضا الامة واصطلاحها عليه، وتخبر صاحبك بذلك وتدعوه إلى طاعة الخليفة. فقال: قد عرفت - أيها الرجل - وأنا على يقين من أمري فيما أسررت وأعلنت. وانصرف الناس وتقدم عمر ألا يذكر ذلك المقام من بعد، وتوعد على من ذكره بالعقاب، وقال: أما والله لولا أنني أخاف أن يقول الناس: قتل مسلما، لقتلت هذا الشيخ ومن معه، فإني اظن أنهم شياطين أرادوا الافساد على هذه الامة وايقاع الفرقة بينها. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لي: يا سلمان، اما ترى كيف يظهر الله الحجة
لاوليائه، وما يزيد بذلك قومنا عنا إلا نفورا ! 383 / 33 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد، قال: حدثنا أبو الحسين العباس بن المغيرة الجوهري، قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن نصر بن عاصم الليثي، عن خالد بن خالد اليشكري، قال: خرجت سنة فتح تستر حتى قدمت الكوفة،
[ 222 ]
فدخلت المسجد، فإذا أنا بحلقتن فيها رجل جهم (1) من الرجال فقلت: من هذا ؟ فقال القوم: أما تعرفه ؟ قلت: لا. قالوا: هذا حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله). قال. فقعدت إليه فحدث القوم، فقال: إن الناس كانوا يسألون رسول الله (صلى اللة عليه وآله) عن الخير، وكنت أساله عن الشر، فانكر ذلك القوم عليه، فقال: سأحدثكم بما أنكرتم: أنه جاء أمر الاسلام، فجاء أمر ليس كامر الجاهلية، وكنت أعطيت من القران فقها، وكانوا يجيئون فيسألون النبي (صلى اللة عليه واله) فقلت أنا: يا رسول الله، أيكون بعد هذا الخير شر ؟ قال: نعم. قلت: فما العصمة منه. قال: السيف. قال: قلت: وهل بعد السيف بقية ؟ قال: نعم، تكون إمارة على إقذاء وهدنة على دخن. قال: قلت: ثم ماذا ؟ قال: ثم تفشو دعاة الضلالة، فإن رأيت يومئذ خليفة عدل فالزمه، والا فمت عاضا على جذل شجرة (2). 384 / 34 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن المغيرة، قال: حدثنا أبو أحمد حيدر بن محمد، قال: حدثنا أبو عمرو محمد ابن عمر الكشي، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن أيوب بن نوح، عن نوح بن دراج، عن إبراهيم المخارقي، قال: وصفت لابي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، ديني فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله،
وأن عليا إمام عدل بعده، ثم الحسن والحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم أنت. فقال: رحمك الله. ثم قال: اتقوا الله، اتقوا الله، اتقوا الله، عليكم بالورع وصدق الحديث، وأداء الامانة، وعفة البطن والفرج، تكونوا معنا بالرفيق الاعلى. 385 / 35 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر
(1) الجهم: الكريه الوجه، وتطلق على الوجه الغليظ المجتمع. (2) جذل الشجرة: في أصلها.
[ 223 ]
الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: أخبرنا يعقوب بن زياد قراءة عليه، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن جدي إسحاق بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: سمعت أبي جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: أحسن من الصدق قائله، وخير من الخير فاعله. 386 / 36 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن سعيد المقرئ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم، قال: حدثني يحيى بن الحسين، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا معشر المهاجرين والانصار، ألا أدلكم على ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: هذا علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي إمامكم، فأحبوه لحبي، وأكرموه لكرامتي، فإن جبرئيل أمرني أن أقول لكم ما قلت. 387 / 37 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ، قال: حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا الحسين بن بشر الاسدي، قال:
حدثنا محمد بن علي بن سليمان، قال: حدثنا حنان بن سدير الصيرفي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: كان النبي (صلى اللة عليه واله) جالسا في مسجده، فجاء علي (عليه السلام) فسلم وجلس، ثم جاء الحسن بن علي (عليه السلام) فأخذه النبي (صلى الله عليه وآله) وأجلسه في حجره وضمه إليه وقبله، ثم قال له: اذهب فاجلس مع أبيك، ثم جاء الحسين (عليه السلام) ففعل النبي (صلى اللة عليه واله) مثل ذلك، وقال له: اجلس مع أبيك، إذ دخل رجل المسجد فسلم على النبي (صلى اللة عليه وآله) خاصة، وأعرض عن علي والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما منعك أن تسلم على علي وولديه، فوالذي بعثني بالهدى ودين الحق، لقد رأيت الرحمة تنزل عليه وعلى ولديه. 388 / 38 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد
[ 224 ]
ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف الله عمله بكل حسنة سبع مائة ضعف، وذلك قوله (عزوجل): " والله يضاعف لمن يشاة " (1). 389 / 39 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن عمر العطار، قال: دخلت على أبي الحسن العسكري (عليه السلام) يوم الثلاثاء فقال: لم أرك أمس ؟ قلت: كرهت الحركة في يوم الاثنين. قال: يا علي، من أحب أن يقيه الله شر يوم الاثنين فليقرأ في أول ركعة من صلاة الغداة " هل أتى على الانسان " ثم قرأ أبو الحسن (عليه السلام): " فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا " (2). 390 / 40 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد،
قال: حدثني القاسم بن محمد، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله ابن حماد الانصاري، عن جميل بن دراج، عن معتب مولى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول لداود بن سرحان: يا داود، أبلغ موالي عني السلام، وأني أقول: رحم الله عبدا اجتمع مع اخر فتذاكرا أمرنا، فإن ثالثهما ملك يستغفر لهما، وما اجتمع اثنان على ذكرنا إلا باهى الله (تعالى) بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءنا، وخير الناس من بعدنا من ذاكر بامرنا ودعا إلى ذكرنا. 391 / 41 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة الحسيني (رضي الله عنه)، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم في كتابه إلينا على يد أبي نوح الكاتب، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنه قال
(1) سورة البقرة 2: 261. (2) سورة الانسان 76: 1 و 11.
[ 225 ]
لاصحابه: اسمعوا مني كلاما هو خير لكم من الدهم (1) الموقفة، لا يتكلم أحدكم بما لا يعنيه، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه حتى يجد له موضعا، قرب متكلم في غير مرضعه جنى على نفسه بكلامه، ولا يمارين (2) أحدكم سفيها ولا حليما، فإنه من مارى حليما أقصاه، ومن مارى سفيها أرداه، واذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون أن تذكروا به إذا غبتم عنه، واعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالاحسان مأخوذ با لاجرام. 392 / 42 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي (رحمه الله)، قال: أخبرني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو الحسن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله بن الحسين
ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدثني إسحاق بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): المتقون سادة، والفقهاء قادة، والجلوس إليهم عبادة. 393 / 43 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، قال: أخبرني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو علي محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني الحسن بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): الدنيا دول، فما كان لك منها أتاك على ضعفك، وما كان عليك لم تدفعه بقوتك، ومن انقطع رجاؤه مما فات استراح بدنه، ومن رضي بما رزقه الله قرت عينه.
(1) الدهم: من الضأن، الحمراء الشديدة الحمرة، ومن الابل: السمراء الشديدة السمرة. (2) المماراة: المجادلة والمناظرة.
[ 226 ]
394 / 44 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف الفقيه أبو إبراهيم محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر الصادق (عليه السلام)، قال: حدثنا أبو أسامة عبد الله بن أبي قتادة الحراني، قال: حدثنا أبو عروبة، قال: حدثنا محمد بن المثنى، عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي مجلز عن عبد الله بن مسعود، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكفه في كف علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يقلبه. فقلت: يا رسول الله، ما منزلة علي منك ؟ فقال (صلوات اللة عليه): كمنزلتي من الله. 395 / 45 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن
قولويه (رحمه الله) قال: حدثنا أبو الحسن علي بن حاتم، عن الحسن بن عبد الله، عن الحسن بن موسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، ومحمد بن عمربن يزيد، جميعا، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): لمن كان الامر حين قبض رسول الله ؟ قال: لنا أهل البيت. فقلت: فكيف صار في تيم وعدي ؟ قال: إنك سالت فافهم الجواب، إن الله (تعالى) لما كتب أن يفسد في الارض، وتنكح الفروج الحرام، ويحكم بغير ما أنزل الله، خلا بين أعدائنا وبين مرادهم من الدنيا حتى دفعونا عن حقنا، وجرى الظلم على أيديهم دوننا. 396 / 46 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أنزل الله (عزوجل): " من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل ألناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا ألناس جميعا " (1) ؟ قال: من أخرجها من ضلال إلى هدى فقد أحياها، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد والله قتلها. 397 / 47 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد،
(1) سورة المائدة 5: 32.
[ 227 ]
قال: حدثني أبي ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن كليب بن معاوية الصيداوي، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): ما يمنعكم إذا كلمكم الناس أن تقولوا لهم: ذهبنا من حيث ذهب الله، واخترنا من حيث اختار الله، إن
الله (سبحانه) اختار محمدا (صلى الله عليه وآله) وا خترنا آل محمد، فنحن متمسكون بالخيرة من الله (عز وجل). 398 / 48 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو الحسن علي بن أحمد القلاسني المراغي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) بغدير خم يقول: إن الصدقة لا تحل لي ولا لاهل بيتي، لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، لعن الله من تولى غير مواليه، الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر، وليس لوارث وصية، ألا وقد سمعتم مني ورأيتموني، ألا من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من الناس، ألا واني فرط لكم على الحوض، ومكاثر بكم الامم يوم القيامة، فلا تسودوا وجهي، ألا لاستنقذن رجالا من النار، وليستنقذن من يدي أقوام، إن الله مولاي، وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة، ألا فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه. 399 / 49 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف الفاضل أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا جدي أبو الحسن يحيى بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن أبي بكر الزهري أبو مصعب، قال: حدثنا يوسف بن الماجشون، عن محمد بن المنكدر، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سالت سعد بن أبي وقاص، أسمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس معي نبي ؟ قال: نعم. فقلت: أنت سمعته ؟ قال: فأدخل إصبعيه في أذنيه وقال: نعم، والا فاستكتا. 400 / 50 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد
[ 228 ]
الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال:
حدثنا أبو جعفر السعدي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع، قال: حدثنا سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الانصاري: أن رسول الله (صلى الله عليه واله) سئل عن الحوض فقال: اما إذا سالتموني عنه فأخبركم أن الحوض أكرمني الله به، وفضلني على من كان قبلي من الانبياء، وهو ما بين أيلة وصنعاء، فيه من الانية عدد نجوم السماء، يسيل فيه خليجان من الماء، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، حصاه الزمرد والياقوت، بطحاؤه مسك أذفر، شرط مشروط من ربي لا يرده أحد من أمتي إلا النقية قلوبهم، الصحيحة نياتهم، المسلمون للوصي من بعدي، الذين يعطون ما عليهم في يسر، ولا ياخذون ما عليهم في عسر، يذود عنه يوم القيامة من ليس من شيعته كما يذود الرجل البعير الاجرب من إبله، من شرب منه لم يظما أبدا. 401 / 51 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عائذ الاحمسي، قال: دخلت على سيدي أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت. السلام عليك، يابن رسول الله. فقال: وعليك السلام، والله إنا لولده وما نحن بذوي قرابته. ثم قال لي: يا عائذ، إذا لقيت الله (عز وجل) بالصلوات الخمس المفروضات لم يسالك الله عما سوى ذلك. قال: فقال له أصحابنا: أي شئ كانت مسالتك حتى أجابك بهذا ؟ قال: ما بدأت بسؤال، ولكني رجل لا يمكنني قيام الليل، وكنت خائفا أن أوخذ بذلك فأهلك، فابتد أني (عليه السلام) بجواب ما كنت أريد أن أساله عنه. 402 / 52 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم عبد الله بن علي الموصلي، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن حاتم القزويني، قال: حدثنا أحمد بن محمد العاصمي، قال: أخبرنا علي بن الحسين، عن العباس بن علي الشامي، قال:
سمعت الرضا علي بن موسى (عليه السلام) يقول. كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم
[ 229 ]
يكونوا يعلمون، أحدث لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون. 403 / 53 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم، عن الحسن بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقربكم غدا مني في الموقف أصدقكم للحديث، وآداكم للامانة، وأوفاكم بالعهد، وأحسنكم خلقا، وأقربكم من الناس. 404 / 54 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد ابن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن زياد، عن رفاعة بن موسى، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: أربع في التوراة، وإلى جنبهن أربع: من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح على ربه ساخطا، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه، ومن أتى غنيا فتضعضع له ليصيب من دنياه ذهب ثلثا دينه، ومن دخل النار ممن قرأ القران فإنما هو ممن كان يتخذ ايات الله هزوا. والاربع التي إلى جنبهن: كما تدين تدان، ومن ملك استأثر، ومن لم يستشر ندم، والفقر هو الموت الاكبر. 405 / 55 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال: وجدت بخط محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدثني الحمدوني الشاعر، قال: سمعت الرياشي ينشد للسيد بن محمد الحميري: إن امرءا خصمه أبو حسن لعازب الرأي داحض الحجج
لا يقبل الله منه معذرة ولا يلقيه حجة الفلج 406 / 56 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني المظفر بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا أحمد بن موسى الهاشمي، قال: حدثنا محمد بن حماد الشاشي، قال: حدثنا الحسن بن الراشد البصري، قال: حدثنا علي بن
[ 230 ]
الحسن الميثمي، عن ربعي، عن زرارة، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما منع أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يدعو الناس إلى نفسه، ويجرد في عدوه سيفه ؟ فقال: تخوف أن يرتدوا ولا يشهدوا أن محمدا رسول الله (صلى اللة عليه واله). 407 / 57 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الزيات، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا عمار الدهني، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: جاء المسيب بن نجبة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) متلببا (1) بعبدالله بن سبأ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما شأنك ؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله. فقال: ما يقول ؟ قال: فلم أسمع مقالة المسيب، وسمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: هيهات هيهات الغضب ! ولكن يأتيكم را كب الذعلبة (2) يشد حقوها بوضينها (3)، لم يقض تفثا من حج ولا عمرة فيقتلونه، يريد بذلك الحسين بن علي (عليهما السلام). 408 / 58 - أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي سعيد القماط، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر ابن محمد (عليهما السلام) يقول: لا يكمل إيمان العبد حتى يكون فيه خصال أربع: يحسن خلقه، وتسخو نفسه، ويمسك الفضل من قوله، ويخرج الفضل من ماله (4).
تم المجلس الثامن من كتاب الامالي، ويتلوه المجلس التاسع